الكاميرا الخفية
على الرغم من الفرحة العارمة التي اجتاحت جموع السودانيين بسقوط (عصابة الإنقاذ) بعد معاناة طويلة ونضال وكفاح دفع فيه المواطنون فاتورة باهظة من الدماء والأرواح الغالية، على الرغم من ذلك إلا أن الإحساس بأن هذا السقوط قد تم فعلياً يكاد يكون منعدماً لدرجة يعتريني إحساس قوي بأن القصة (كاميرا خفية) ولن (أستغرش) ولو قليلا إذا قيل لي أن (البشير) سوف يوجه بعد قليل خطاباً للأمة السودانية .
فكل ما حدث لا يشير إلى أن نظاماً دمويا ديكتاتوريا غاشماً استباح دماء وممتلكات وأرواح هذه الأمة قد سقط، فكل ما حدث حتى هذه اللحظة هو للأسف (وضع الرئيس السابق في مكان آمن) بينما بقي الأمر كما هو عليه ولم يطال القبض أو الإعتقال أي أحد من (أفراد العصابة) على الرغم من (التمثيلية) المكشوفة التي قام بها (القوم) طالبين (الإفراج) عن قياداتهم يودون بذلك أن يصدق (الشعب أبوريالة) أن هنالك معتقلين ولدحض هذا الزعم الفطير نقول كيف يكون هنالك معتقلون ومدير جهاز الأمن والمخابرات والذي هو مسؤول بدرجة أولى عن أرواح كل الذين سقطوا في هذه الثورة منذ بدايتها قد قبلت استقالته (بدلاً عن اعتقاله) وهو حر طليق !!
إن المستمع إلى خطاب الرئيس السابق للمجلس العسكري (الفريق ابن عوف) وكذلك المستمع إلى خطاب الرئيس الحالي (الفريق برهان) وإلى ما أدلى به (الفريق زين العابدين) في مؤتمره الصحفي، يندهش تماما للنبرة (الباردة) التي تحدثوا بها عن النظام السابق والتي لا يستشف منها أبداً بأنهم مواطنون (أسياد وجعة) قبل أن يكونوا (عساكر) وأنهم حانقون على ما فعله هذا النظام البائد بالبلاد والعباد وقد قالها ولخصها (الفريق زين العابدين) حينما قال إنهم لم يأتوا بإرادتهم بل إن الشعب قد إستنجد بهم ليتدخلوا، وهذا في رأيي مكمن المسألة، فسعادة الفريق يشير إلى أنهم قد أتوا (حجازين) ولم يأتوا للمناصرة والمدافعة عن هذا الشعب الذي أذاقته الإنقاذ الويل وسامته العذاب !
شخصياً كنت أظن أن أعضاء المجلس العسكري هم مواطنون سودانيون قبل أن يكونوا (جنرالات) وهم بذلك قد عاصروا كل الفشل والإخفاقات والبطش والانتهاكات التي قام بها النظام الهالك علاوة على الفساد والاستباحة التامة لأموال وممتلكات ومقدرات البلاد ولأنهم على علم بكل ذلك فهم قد أتوا لاستعادة حقوق هذا الشعب الصابر ومحاسبة كل من أجرم في حقه وليسوا في حاجة إلى معرفة مطالب المحتجين التي من المفترض أن يكونوا على علم بها أكثر من غيرهم غير أن المتابع لما يحدث يرى غير ذلك فخطابات المجلس تجعلك تحس بأن أعضاءه لا يعلمون متطلبات المرحلة (وعاوزين زول يوريهم) !
من الواضح أن الإصدار الأول والثاني من المجلس العسكري يتعاملان تجاه الأمر بحيادية و(رخاوة) لا تتوافق والواقع المعاش الذي يقول إن عليهم كقوات (شعب) مسلحة الوقوف في صف هذا الشعب الذي عانى ما عانى واسترداد حقوقه المسلوبة والقصاص لمن أهدروا دماء أبنائه.
يا أيها الشعب السوداني الفضل.. ما تزال الإنقاذ موجودة حرة طليقة تعيش بيننا وتتنفس.. والمؤتمر الوطني يطالب بالمشاركة في الشأن السياسي وعدم عزله (بعين قوية).. وتلفزيون السودان.. تلفزيون الشعب.. (نفس البرامج) والانصرافية ليس فيه (حبة فرح) لسقوط العصابة أو استطلاعات لقياس نبض الشارع أو (الشباب) المعتصمين مما يعني أن (الجماعة) لسه شغالين.. إنها (الكاميرا الخفية) !!
كسرة :
الرئيس في مكان (أمين) دي (براااااها) .. معقولا بس !
كسرة ثابتة:
فليستعد لصوص هيثرو وبقية اللصوص !
كسرة (حتى لا ننسى):
أخبار لجنة التحقيق في مقتل الأستاذ أحمد الخير شنووو؟
ساخر سبيل – الفاتح جبرا
صحيفة الجريدة