تحقيقات وتقارير

المغتربون في ميدان الاعتصام .. رسائل بالإنابة .. رغم بعدي برسَّل سلامي .. كل ما تباعد بينّا عوارض

المغتربون في ميدان الاعتصام.. رسائل بالإنابة..
رغم بعدي برسَّل سلامي.. كل ما تباعد بينّا عوارض..
حقائب حاضرة بعد غربة وشوق..

المنافي البعيدة التي اختارها المغتربون طوعاً أو إرغاماً تمثل لهم منصة ينظرون إلى الوطن من خلالها، بكل عذابات الغرب والتغرب، والبعد عن الأهل والأحباب، فقد اضطروا بصورة أو أخرى أن يكونوا أسرى لواقع ربما أفضل بكل معاناته لتوفير لقمة العيش والبحث عن مستقبل لأبنائهم، فمنهم من سئم العيش في وطنه وخرج بلا عودة ومنهم من خرج وعاد ومنهم من ينتظر تغيير الحال، إلا أنهم فوق كل هذه الاختيارات المريرة لم يغب الوطن عن وجدانهم، لقد عاشوا سنوات عصيبة من الترقب والأمل يحلمون بأن يروا هذا الوطن منتصراً قوياً متماسكاً.

منذ أن بدأت التظاهرات وانتفض الشعب في جميع أنحاء السودان باحثاً عن الحرية، كان المغتربون يتابعون عن كثب ويعملون بكل جهد من أجل دفع وشجيع ودعم من يقودون الثورة على الأرض، فكان بعضهم يكافحون من أجل سقوط النظام، ولم يلتفتوا لتلك التهديدات التي كانت الحكومة السابقة تروج لها عبر أجهزة إعلامها بأنها سترحل كل من يحرض أو يهتف ويشجع سقوط النظام، وقتها لم يجد المغتربون رداً شافياً غير دعم الثورة بمزيد من التوثيق والنشر فهزموا فكرة الحكومة القائمة على تكميم الأفواه بكل الطرق حيث ابتدعت ما يُسمّى بقانون المعلوماتية الذي كان يجرم ويمنع حق النشر والتعبير ويحاسب دون أدلة أو إدانة.

سامحني يا وطني العزيز ما كنت يوم عرسك معاك..
هذا المقطع الشعري الذي تداوله كثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي من المغتربين والمهاجرين، إبان اندلاع الثورة كان يعبر عن حسرة كثير منهم لعدم حضوره والمشاركة في التغيير، حيث حرص العديد من المتصفحين على كتابة هذه الأبيات مرفقة بالصور والدموع والأعلام المقالات والعبارات المعبرة عن الوطنية والوطن، وأبدى كثير من المغتربين رغبتهم في المشاركة في الثورة وحضر منهم من حضر إبان أيام التظاهرات وشارك فيها فمنهم من أصيب ومنهم من اعتُقل حيث عانوا كل ويلات التعذيب على أيدي منسوبي الأجهزة الأمنية، فحرص المغتربون على كتابة بوستات وتغريدات تعبر عن الانتماء للوطن والإيمان بقضاياه المصيرية دون خوف أو تردد، بالرغم من التهديد والوعيد الذي كانت تمارسه الحكومة عبر منصاتها التي يديرها (الدجاج الإلكتروني).

صوتك وصل..
الفكرة ورقة بوستر بيضاء كُتِبَ عليها أحد أفراد أسرة المغترب أو صديقه عبارة (صوتك وصل، انت معانا بقلبك)، ومن ثم يتم رفعها والتقاط الصور ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي هذه الرسائل التضامنية وجدت استحساناً وراحة نفسية من قبل المغتربين الذين منعهم البعد الجغرافي من المشاركة في التظاهرات والثورة التي اقتلعت النظام المحتكر للحريات والذي بطش بالشباب وكبت كل أحلامهم وطموحاتهم الأمر الذي اضطرهم إلى الهجرة والبحث عن مكان أرحب يتنفس حرية وعدالة وسلاما، ووجدت هذه اللافتات الصغيرة استحساناً وارتياحاً من الجميع باعتبارها أسلوباً جديداً لروح الجماعة والتضامن وإن ابتعد المواطن عن بلده مئات الأميال أو عبر البحار والقارات وهي ترجمة صريحة لهذا المقطع الذي تغنى به مصطفى سيد أحمد (كل ما تباعد بينا عوارض كل ما هواك يا طيبة مكنّي) من قصيدة (طيبة) للشاعر الراحل (حميد).

آمال وأحلام المغتربين..
لا شك أن الظروف التي أجبرت الكثيرين على مغادرة البلاد ستظل عالقة بالأذهان، لذا لا يمكن تجاوزها أو السماح بتكرارها، وعلى حد تعبير الكثير من النشطاء المغتربين المدونين على مواقع التواصل الاجتماعي فإنهم يشيرون إلى ضرورة التخلص من كل الظروف التي شردت كثيرا من الكوادر التي كان من الممكن أن تنقذ الوطن وتقدم له الخدمة التي تجعله في مصاف الدول المتقدمة، وقال إبراهيم عبد العظيم (مغترب عاد للتو للمشاركة في الثورة وجني ثمرها)، إنه ظل مكبوتاً طوال السنوات الماضية إلا أنه تنفس الحرية بعد سقوط والنظام وأحس بقيمة الوطن من خلال الملحمة التي قادها الشباب أمام القيادة العامة، وأضاف: نحن قد وصلنا ولا نسمح بالعودة للخلف ولا بد من سودان مبني على أسس العدالة والمساواة.

الجريدة: حواء رحمة..
صحيفة الجريدة