البنك الزراعي.. ومتطلبات تمويل التنمية الزراعية
القطاع الزراعي يعتبر من أهم قطاعات الاقتصاد القومي ، ويحظى السودان بمساحات شاسعة قابلة للزراعة تقدر بنحو 200 مليون فدان يقدر المستغل منها بحوالي 20 % فقط ، معظمها في القطاع المطري 36 مليون فدان والمتبقي 4 مليون فدان تروى بالري ، وبحسب خبراء اقتصاديين فإن السودان لا يعاني مشكلة اقتصادية بمفهوم ندرة الموارد وعدم إمكانيتها في تلبية الحاجات اذا كانت هذه الحاجات مرشَّدة حسب الأولويات، وأن التحدي الأكبر الاهتمام بالإنتاج والتأكد من وصول كافة معينات الإنتاج من الوقود والمدخلات والسيولة للمنتجين لرفع الإنتاجية لتحقق معدلات نمو إقتصادي عالي ولتخفيف حدة الفقر. ويعتبر البنك الزراعي البنك الأول محليا واقليميا في تمويل التنمية الزراعية المتطورة وخدمة المنتجين بالسودان ، وذلك وفقاً لمعايير التميز العالمية بهدف إحداث النهضة الزراعية الشاملة ، وتقع على عاتق البنك العديد من المهام بتوفير مدخلات الإنتاج والحصاد والتقاوى المحسنة وتوفير التمويل لتوسيع السعة التخزينية لتأسيس بنيات تحتية للمخزون الإستراتيجي وفقا لدراسات وخطط لخبراء اقتصاديين.
ومؤخرا بادر البنك الزراعي السوداني بإعلان السياسات التمويلية للموسم الزراعي 2019/ 2020 بمساحة تقدر ب 9 ملايين فدان وبتكلفة 35.5 مليار جنيه للموسم الصيفي للقطاعات المروية والمطرية لكل ولايات السودان ، بالرغم من إعداد خطة مشتركة البنك الزراعي ووزارة الزراعة لتجهيز49 مليون فدان للقطاعين المروي والمطري لزراعتها في الموسم الصيفي الحالي ، وذلك بحسب إمكانيات البنك الزراعي المتوفرة حالياً.
وتستهدف السياسة الصيفية التركيز على زراعة المحاصيل الاستراتيجية والمحاصيل النقدية مثل (الذرة ، الدخن ، السمسم ، الفول السوداني ، زهرة الشمس ، القطن ) بجانب محاصيل أخرى وأكد المدير العام للبنك الزراعي السوداني صلاح الدين حسن التزامه بالخروج بموسم معافى وخالٍ من المشاكل والعمل على توفير كل المدخلات والمعينات الزراعية في الوقت المناسب للمنتجين وتوفير التمويل اللازم له ، منوها إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج الزراعي مرجعاً ذلك إلى أن 95% من مدخلات الإنتاج يتم إستيرادها من الخارج وأعلن عن تراجع نسبة التعثر بالبنك الزراعي الى (5.5)% أقل من نسبة التعثر العالمية المحدد لها 6%
وكيل وزارة الزراعة المهندس بابكر عثمان محمد علي قال إن اللجنة العليا لمتابعة الموسم الزراعي الصيفي وقفت على خطة الموسم ، وتوفير جميع المدخلات الزراعية وإزالة العقبات كافة التي تعترض سير الموسم وتوفير الجازولين والخيش وأشار إلى أن متابعة سير الموسم ستجد العناية المستمرة لضمان التحضيرات المبكرة بهدف زيادة الإنتاج والإنتاجية، بجانب توفير الأمن الغذائي، وزيادة حصيلة الصادرات من محصولات العروة الصيفية .
الأستاذ جلال الدين طه مساعد المدير للتمويل كشف عن تركيز التمويل للمحاصيل ذات الميزة النسبية ،الذرة وزهرة الشمس والقطن والسمسم والفول السوداني بالإضافة إلى إدخال الذرة الشامية وفول الصويا، ويشمل التمويل توفير التقانات لرفع الإنتاج وتأهيل قنوات الري بالمشاريع المروية بالجزيرة وحلفا وطوكر.
وأضاف جلال الدين أن السياسات تهتم بتقديم التمويل في شكل خدمات بجانب تشجيعها للزراعة التعاقدية وتنشيط عمليات التمويل الأصغر خاصة في المناطق الريفية أطراف المدن، مشيرا إلى أن الموجهات العامة للسياسات التمويلية تدعو للاهتمام بمشاريع دعم الصادر وتأمين الأمن الغذائي، كما تنادي بتنفيذ العمليات الفلاحية في وقتها وتطالب المزارعين بربط التمويل بالتأمين الزراعي.
وأعلن عن أسعار السلم لكل من جوال الذرة المطري تقانة 1 بواقع 700 جنيه بتكلفة الفدان 8400 جنيه وينتج 12 جوال للفدان، فيما بلغ سعر السلم لجوال الذرة تقانة 2 الف جنيه بتكلفة إنتاج 3200 جنيه ، وقال أن سعر السلم لقنطار السمسم الابيض 2 الف جنيه ، سمسم أحمر القنطار 1750 جنيه ، المربوت 1800 جنيه ، فيما بلغ سعر زهرة الشمس 16 الف جنيه للطن ، و600 جنيه لقنطار الفول السوداني و1200 جنيه لجوال الدخن ، وبلغ تمويل الفدان من الذرة في القطاع المطري 5,300 جنيه والسمسم 5,720 جنيه وزهرة الشمس 6,200 جنيه والقطن 11,500 جنيه، وفي القطاع شبه الآلي 2130 جنيه للفدان الذرة ، و2,800 للسمسم ، و3,670 جنيه زهرة الشمس، والقطن 6,700 جنيه . وبلغ قيمة التمويل في القطاع التقليدي لفدان الذرة 1,320 جنيه ، والسمسم 2,265 ، والفول السوداني 2,935 جنيه ، والدخن 1,400 جنيه ، فيما بلغ في القطاع المروي تمويل الفدان للذرة 6 الف والقطن 7700 جنيه ، وزهرة الشمس 7 الف جنيه ، الفول السوداني 6,750 جنيه.
وعند مقارنة المساحات المستهدفة للمواسم الصيفية لعدة سنوات ، فقد بلغت المساحة المستهدفة بالتمويل للموسم الصيفي 2015-2016 حوالي (9) مليون فدان بحجم تمويل تشغيلي يزيد عن (7) مليار جنيه فيما بلغت المساحة المستهدفة للموسم الصيفي 2017-2018 ما يقدر بحوالي (10) مليون فدان بتمويل قدره (10.1) مليار دولار واستهدفت السياسة التمويلية للموسم الصيفي 2018-2019 مساحة بلغت (10) مليون فدام بقيمة إجمالية تزيد عن (11) مليار جنيه ويلاحظ تراوح المساحات المستهدف للزراعة الموسم الصيفي لثلاث مواسم مابين (9) إلى (10) مليون فدان ويؤكد بروفيسور إبراهيم الدخيري الخبير الاقتصادي بأن الزراعة تظل هى المخرج الأكبر إقتصاديا رغم الهجرة من الريف للحضر؛ حيث بلغ عدد السودانيين فى المدن 50% ، مشيرا الى أن المستخدم من الأراضي الصالحة للزراعة لا يتجاوز 20% فقط موضحا أن حصة السودان من مياه النيل سنويا تبلغ 18 مليار متر مكعب وتوفر 200 مليار مكعب من الأمطار سنويا وفي حال حصاد 2% فقط منها يمكن من زراعة كل السودان .
وعن النظم الزراعية السائدة أشار إلى أنها تشمل القطاع التقليدي المطري بنسبة 86% ، والمتبقي ما بين شبه الآلى والمروى تعتبر محدودة الكفاءة لعدم إستخدام التقانة ولأنها معيشية بطبيعة الهدف والعادة.
وبالرغم من خبرة البنك الطويلة في مجال التمويل الزراعي والتنموي والممتدة لقرابة الستين عاماً والانتشـار الجغرافي الواسـع له في مختلف مواقع الإنتاج بولايـات السودان المختلفة ، ووجود علاقات واسعة مع مؤسسات التمويل المحلية والإقليمية ، إلا أن البنك الزراعي تواجهه عدد من التحديات التي تحد من فرص تحسين الأداء وتتمثل في ضعف رأس مال البنك الحالي والذي يبلغ 2 مليار و 890 مليون جنيه وهو ضعيف مقارنه مع بنوك التنمية الزراعية في الإقليم إضافة إلى تدني حصة البنك في السوق المصرفية ، وعدم كفاية القروض مما يجعل المزارع يسعي لسد النقص بالاستدانة من جهات أخرى بشروط مجحفة ، كما أن البنك يركز علي القروض القصيرة والمتوسطة ، ويعاني من ضعف المتابعة الميدانية للعمليات الزراعية مما أثر سلباً علي نسبة إسترداد التمويل وبالرغم من إمتلاك البنك لأكبر وعاء تخزيني بالبلاد ، إلا أن سعتها أقل بكثير من السعة المطلوبة.
ويسود فهم خاطيء لدى المزراعين حول طبيعة تمويل البنك الزراعي حيث يعتبرونه تمويلاً حكومياً غير مسترد مما يدفعهم لعدم الأهتمام بالسياسات والتشريعات التمويلية والألتزام بها ، كما أن النظم والإجراءات التمويلية معقدة وأن الوعي الائتماني ضعيف لدي المزارعين
ولتجاوز كل هذه المعوقات يرى الخبراء الاقتصاديين ضرورة تفعيل دور البنك الزراعي السوداني في تحقيق التنمية الزراعية بالسودان من حيث السياسات والتشريعات التمويلية والنظم والنواحي الإجرائية في عمليات التمويل والانتشار الجغرافي ونشر الوعي بأسس التمويل الزراعي ، بالإضافة إلى زيادة حجم التمويل المقدم للقطاع الزراعي برفع رأس مال البنك الزراعي ليبلغ 5 مليار جنيه ، كما دعوا إلى توجيه السياسات الاقتصادية نحو تنمية القطاع الزراعي ، وضرورة إدخال التقانات الحديثة لزيادة الإنتاج .
تقرير// أمل عبد الحميد
سونا