تطبيق «إحياء الموتى» يصل مصر: عندما يتحول الخيال إلى واقع
في ظل تطور المجال التكنولوجي في الآونة الأخيرة، وتغلغله لأدق تفاصيل الحياة اليومية للبشر، أصبح بإمكان الجميع فعل عادات لم يسبق أن مارسوها من ذي قبل، أو تحقيق أمر خطر في خيالهم فقط، وهو ما حوّله التقدم، عبر شبكة الإنترنت، إلى واقع.
في عام 2017 صممت الروسية «يوجينا كيودا» تطبيق «ريبليكا»، والذي يهدف إلى «خلق شخصيات عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي، لمساعدة الناس في التعبير عن أنفسهم من خلال حوارات مفيدة»، حتى لو كانوا واقعيًا لا يميلون إلى التحدث لمن حولهم.
ومرت «كيودا» بظروف صعبة العام الماضي، إثر وفاة صديقها المقرب «رومان»، لتعمل على تطوير التطبيق حتى تستطيع الدردشة مع من فارقوا الحياة، من خلال جمع الرسائل النصية للفقيد وإلحاقها بـ«ريبليكا» والـ«تشات بوت».
تقول «كيودا»، حسب «بي بي سي»، إن التطبيق يتعرف على المستخدم ويحاول أن يكون مساندًا له، مضيفةً فيما يخص الموتى: «عندما يتوجه الناس لزيارة أحباءهم في القبور يتحدثون إليهم، لكن لا يتوقعون الاستماع إلى أجوبة»، مستبعدةً في الوقت نفسه الانغماس فيه أو تصديق أن المتوفى لا يزال على قيد الحياة: «أعرف تمامًا كيف يعمل ريبليكا، لذا لن اتعلق به، ولن أشعر بأنه حقيقي».
ومن واقع التحدث إلى شخصية افتراضية، بإمكان الفرد أن يدلي بمعلومة خاصة به خلال الحوار، وهو ما قاله الدكتور طلعت عمر، الخبير التكنولوجي، بالإشارة إلى أن شبكة الإنترنت بشكل عام جلعت البشر يقدمون خصوصياتهم مجانًا، وأصبحت أسرارهم مباحة ومنتهكة.
ويضيف «عمر»، في تصريح لـ«المصري لايت»، أن الذكاء الاصطناعي يستحضر بيانات معينة، ومنها يحوّلها لعملية «تمثيل أو حوار من شخصية افتراضية مع مستخدم تلك التطبيقات، والذي يتلقى ردودًا تتسم بالواقعية».
يوضح «عمر» أن المعلومات التي تتاح للتطبيقات، مهما كان حجمها أو أهميتها بالنسبة للمستخدم، بالإمكان أن تُوظف ضده في لحظة ما، وبالإمكان استخدام المعروف عنه لتغيير فكره تجاه قضية اجتماعية بعينها، معتبرًا أن الحل الوحيد لتجنب ذلك هو عدم التعامل مع تلك البرامج من الأساس.
ويعود ترجيح «عمر» لفكرة مقاطعة التطبيقات فقط دون غيرها لأن نسبة التأمين الإلكتروني بشكل عام لا تصل لـ 100%، وأصبحت مسؤولية الحماية ملقاة على عاتق المستخدم نفسه، والذي يجب عليه توخي الحذر خلال تعامله مع كل ما هو جديد وفق رأيه.
وهو ما أكد عليه كذلك محسن فريد، الخبير تكنولوجي: «اللي بيدخّل نفسه في تطبيقات زي كده يبقى غلطان، لإن الموضوع فيه مجازفة، ومعرفة الغرض الحقيقي منه صعب».
وينصح «فريد»، خلال تصريحه لـ«المصري لايت»، بأن يتعامل الأشخاص مع التطبيقات التي يحتاجونها فقط للضرورة، لا لأغراض اللعب فحسب، معتبرًا أن الخطورة لا تتمثل في معرفة أسرار المستخدم فقط، بل بالإمكان أن تكون ثغرة لسيطرة الفيروسات على هاتفه الذكي: «أحسن حماية محدش ينزل حاجة غير لما يكون محتاج لها».
على الجانب الآخر، يرى دكتور عبدالحميد صفوت، أستاذ علم النفس بجامعة السويس، أن الانسياق لفكرة ذلك التطبيق له عواقب وخيمة، منها بشكل مبدأي اقتناعه بأن المتوفى لا يزال على قيد الحياة.
وينوه «صفوت»، في تصريحه لـ«المصري لايت»، أن الإنسان قد ينجذب لمثل هذه التطبيقات بهدف إشباع رغبة داخلية تجاهه، وهي إما تحدثه إلى شخص عزيز عليه فقده، فإلى جانب الدعاء له يتحدث إليه، أو لأنه وجد غايته في محاورة فرد افتراضي، نتيجة انعزاله عن أسرته.
ويطلق «صفوت» على تلك الظاهرة أنها «علاقة افتراضية مع شخص محبوب»، ومن خلالها يستطيع المستخدم، عن طريق التحدث لأناس غير واقعيين، تحقيق أمور يفتقدها في حياته الطبيعية.
المصري اليوم