اقتصاد وأعمال

طرح فئة (1000) جنيه..هل تنهي أزمة الكاش؟


إعلان بنك السودان المركزي عن تنفيذ خطوته المتعلقة بطباعة فئة الـ(1000) جنيه وطرحها للتداول وسط أزمة سياسية واقتصادية أشبه ما تكون بالطاحنة مع ارتفاع أسعار العملات الاجنبية خاصة الدولار وتراجع القيمة الشرائية للجنيه السوداني ، والتي أتت ضمن توجهات الحكومة نحو حلول سريعة لمحاصرة أزمة السيولة ، تنذر بتأثيرات سالبة للخطوة والتي تخوف كثير من الاقتصاديين من مآلاتها مع لفت الانتباه للأسباب في ذلك.

مدخل للتزوير والتخزين
أكد استاذ الاقتصاد بمدرسة العلوم الادارية بالخرطوم بروفيسور ابراهيم اونور ان الخطوة سلاح ذو حدين فهي تخفف من مشكلة السيول بطباعة نقود بأوراق اقل وتكلفة اقل لاستيفاء متطلبات البنوك اليومية ، إلا انها تشجع تخزينها وان كانت هناك جهة ما تسعى لتأزيم الاوضاع الاقتصادية فانها لن تتوانى في ذلك كما انها تشجع جريمة التزييف فكلما ارتفعت قيمة العملة زادت الخطورة باستهدافها للقيمة الشرائية للفئة.

وانتقد اونور بنك السودان لجهة عدم مقدرته اتخاذ قرارات مستقلة وانه مسلوب الارادة منذ عهد النظام البائد مطالباً باستقلاليته على ضوء المصلحة العامة ، وأبان انه لا يمتلك الكفاءات المطلوبة لادارة دفة الاقتصاد ووضع السياسات وهو ما جعل النظام السباق يتمركز فيه وقراراته ارتجالية في ظل فجوة سياسية وغياب السلطة التي تحاسب ان كانت النتائج كارثية.

 

مشيرا الى ان أزمة السيولة ليست وليدة اللحظة بل انطلقت شرارتها منذ العام 2013م وتفاقمت الى ان وصلت ذروتها منتصف العام السابق وانفجرت بنهايتها.
افتقاد الخبرة
ويقول الخبير المصرفي د.لؤي عبد المنعم لـ(الإنتباهة) ان القرار يصب في اتجاهين: الاول انه يقلل من تكلفة الطباعة ولن يحول دون خروج الكتلة النقدية من النظام المصرفي ، وفي ذات الاتجاه لن يحل ازمة السيولة التي يعاني منها السودان ، وقال ان الأزمة لن يحلها الا تبديل العملة بشكل تام وفئات كبيرة.

وزاد فيما يتعلق بتنفيذ قرار اتخذه النظام السابق بتأكيده اننا نفتقد الى الخبرة الاقتصادية الكافية في السودان، فالمطبوع من النقد الآن 4% من الناتج المحلي السوداني، بينما عالميا يجب ان يكون 10% لتوفير السيولة الكاملة والتي تساندها عمليات الدفع الالكتروني والتي نفتقد للتعامل بها في السودان لطبيعة مجتمعاتنا التي افتقدت الثقة في الجهاز المصرفي و 60 إلى 80% من سكانها رعاة و مزارعين فإن الاعتماد على الدفع الإلكتروني منخفض لذلك المعروض من النقد يجب أن يصل إلى 15% من الناتج المحلي الإجمالي ويمكن أن يزيد تدريجيا حسب حاجة السوق بحد أعلى 20%.
غير مجدٍ
واضاف: قرار طباعة فئات كبيرة من العملة غير مجدٍ في حل أزمة السيولة بصورة جذرية كونه يتجاهل المصارف حيث لا يتضمن عملية استبدال للعملة السابقة و بالتالي لا يسهم في عودة الكتلة النقدية إلى داخل المصارف و لا يصب في صالح مكافحة تزييف العملة وغسيل الأموال و التهرب الضريبي. وإذا كانت هناك فائدة من طباعة الفئات الكبيرة فهي تتمثل في تقليل كمية الأوراق المتداولة والتي يصعب حملها وتداولها و عدها و فحصها و بالتالي تخفيض تكلفة طباعتها.

وعضد لؤي مقترحه بتغيير العملة باستبدال الجنيه بالدينار بواسطة الجهاز المصرفي بنسبة 25% نقدا و 75% في الحساب من شأنه وقف الاستنزاف الذي يمتص السيولة اذا تبعها طرح منتجات استثمارية لتعزيز السيولة المصرفية مثل الجنيه الذهبي الادخاري المحصور التداول داخل المصارف لحفظ رؤوس الأموال من التآكل وتخفيض الطلب على الدولار فوق الحاجة إلى الاستيراد.
محاذير قوية
واعتبر الخبير الاقتصادي د.الفاتح عثمان محجوب طباعة فئة الف جنيه إضافة مقدرة ولكنها تعبر عن التضخم الكبير الذي حدث في العملة وعلى سيبل المثال فئة الخمسين جنيها القديمة باعتبارها كانت اعلى من فئة الف المشتركة وبالتالي هذا الرقم ليس كبيرا كما يظن البعض وانما رقم عادي، واوضح في حديثه لـ(الإنتباهة) ان الرقم حقيقة ليس كبيرا وهو الحل الامثل للقضاء على ازمة السيولة الحالية التي كادت تعصف بالاقتصاد ، واستدرك قائلا: الفكرة ممتازة وربما اذا تم وضع محاذير قوية تمنع وتقلل التزييف وبالتالي يمكن النظر في فئات اكبر مثلا” 2000 “جنيه مستشهدا بان اوروبا بها 500 يورو مقارنة بالالف تساوي اكثر من الف ضعف، واردف لا غضاضة في مسألة الطباعة ويمكن النظر في طباعة اخرى لاخراج البلاد من أزمة السيولة الطاحنة التي أضرت كثيرا وعقدت الحياة وعصفت بالاقتصاد.

الانتباهة