الطاهر ساتي

لازم نتفق


رغم الشد والجذب، فإن المسافة بين المجلس العسكري وقوى الحُرية والتغيير (لم تعد بعيدة)، بهذا الانطباع خرجت من المؤتمر الصحفي الذي عقده الفريق الركن عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس العسكري ظهر أمس بوزارة الدفاع.. تحدث البرهان كثيرا وسألنا كثيرا، ولكن كل التفاصيل لم تتجاوز أربعة محاور هي التي ألقت بظلالها على الحاضرين.. فض الاعتصام وضحاياه، المبادرة الإفريقية المشتركة، مليونية 30 يونيو، العلاقات الخارجية، ومصير رموز النظام المخلوع، هي المحاور التي تشعبت حولها أسئلتنا وإجابات البرهان.

:: وكل تفاصيل المؤتمر الصحفي لرئيس المجلس العسكري في صفحات الأخبار.. ولكن ما يجب تأكيده هنا هو أن استئناف المفاوضات بين الطرفين (مسألة وقت)، أي بسلميتها سوف تنتقل ثورة الوطن إلى مرحلة أخرى (قريبا).. فالمبادرة الإفريقية الإثيوبية المشتركة، والتي يدرسها الطرفان – منذ الخميس الفائت – قد تذيب جليد الخلاف بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، و رغم أنها تحظى بقبول الطرفين إلا أن هناك بعض التحفظات التي تستدعي النقاش عند استئناف المفاوضات..

:: فالحكومة الانتقالية المرتقبة من مراحل الثورة (المهمة).. أهدافها السلام ومعاش الناس وتهيئة المناخ للانتخابات.. وكما قال البرهان أكثر من مرة، لولا شجاعة الجيش والدعم السريع ووعي الشباب ويقظة قيادتهم – تجمع المهنيين السودانيين وقوى الحرية والتغيير – لما وصل قطار الثورة إلى هذه المرحلة التي ينتظرها الشعب.. وعليه، شكرا لهم جميعاً، وكلهم (أيقونة الثورة)، وكل فرد فيهم يستحق نصبا تذكاريا يُجسد كل معاني البطولة والفداء.. ما خاب رجاء الشعب فيهم، وما خسر الوطن عندما راهن عليهم.

:: استشهدوا، أصيبوا، اعتقلوا، جاعوا، عطشوا، استنشقوا الغاز المُسيل للدموع وسهروا على المتاريس.. وتحدوا كل المخاطر وغامروا بأغلى ما يملكون، لينقذوا وطنهم وشعبهم من وحل الشمولية والحرب والظلم إلى رحاب الحرية والسلام والعدالة، فلهم من شعبهم كل الحب والتقدير.. ومنذ ديسبمبر العام الفائت، كان – وما زال – أهم هتافات الشباب في شوارع البلاد وساحاتها وبيوتها: حرية وسلام وعدالة، والثورة خيار الشعب.. وتسقط حكومة الذل، الجوع، الفقر، وغيره من موبقات النظام المخلوع.

:: لقد تشبّع الشعب في عهد المخلوع بالموت والنزوح واللجوء وذُل السؤال في موائد المنح والقروض (ليعطوه أو يمنعوه)، وكذلك تشبع البلد بكل رذائل النظام المخلوع لحد تمزق المليون ميل مربع إلى (دولتين فاشلتين).. ولكن لن تسقط حكومة البطش والفساد ما لم نرفض نهج (عفا الله عما سلف)، وذلك بأن يُساق كل قاتل وفاسد إلى قاعات العدالة.. ولن تسقط حكومة الذل والبطش، ولن تُرمى إلى مزبلة التاريخ، ما لم يتواصل وعي الشباب في حماية أهداف ثورتهم بذات (الروح الفدائية)، وبذات السلمية الصاخبة.

:: وما لم يشعر الشعب بأهداف الثورة في واقع الحياة، ويرى شعارات الثورة مشاريعاً تمشي على سيقان العدل والحرية والسلام، فلا راحة للشعب.. نعم، ليس الجيش فحسب، ولا الدعم السريع فقط، ولا الأمن والشرطة، ولكن وعي المواطن يجب أن يظل الحامي الأكبر لأهداف الثورة.. (لازم نتفق)، قالها البرهان ثم أضاف: علينا أن نعلي مصالح الوطن على المصالح الحزبية والذاتية، وأن من أخطاء ساسة النظام السابق أنهم كانوا يقدمون مصالح الحركة الاسلامية على مصالح البلاد.

إليكم _ الطاهر ساتي
صحيفة السوداني