هل يُحسن المُجتمع التّعامُل معه؟ في بيتنا مريض (نفسي)!
يُعد الاكتئاب أحد الأمراض النّفسية التي ابتلى بها العَديد من أفراد المُجتمع، لدرجة أنّ هُناك من أقدم على الانتحار نتيجة إصابته بهذا المَرض الذي رُبّما أَهمل علاجه، أو أنّه كان على غير علمٍ بإصابته به، أو أن المُحيطين به كانوا على عدم معرفة تامة بالطرق الصحيحة للتعامُل معه إضافةً إلى مشاكل الحياة اليومية وصعابها التي باتت تلعب دوراً كبيراً في تحويل الأمراض النفسية، جزءاً من حياتنا وأصبح أغلب أفراد المُجتمع يُردِّدون (أنا مكتئب) (نفسياتي تعبانة) وغيرها من العبارات التي تأتي نتيجة الضغط النفسي، وبين هذا وذاك هُناك مُصابٌ نَفسيٌّ يعيش بيننا والأغلبية تفشل في كيفية التعامُل معه، مَا يزيد من مُعاناته فيزيد الاكتئاب والانفعال ما يجعل تصرُّفاته تُشكِّل مصدر خوف لأهل بيته وعلى نفسه أيضاً فربما يلحق الضرر بذاته أو بأسرته التي لم تفلح في التّعامُل مع نفسياته.!
(1)
(….) بعد أن قضى أكثر من عشرين عاماً في بلاد الغربة، جاء يحمل ما ادّخره طيلة تلك الفترة وبدأ في إنشاء ما يُؤمِّن مُستقبل أبنائه، وبالفعل عَمِلَ على تأسيس مصنع بلاستيك، لكن في يومٍ ما حدث التماسٌ كهربائيٌّ قضى على ماله وآماله! لم يتحمّل الصدمة وضاع عقله كما ضَاعَ مَشروعه، وبدأت أعراض المرض تظهر عليه، لكن لم يكن بتلك الخُطُورة التي تجعل أهل بيته يخشونه، بل حاولوا أن يعملوا لاحتوائه قدر الإمكان بعد أن سجّلوا عدداً من الزيارات للطبيب النفسي الذي بدأ في جلسات علاج مُكثّفة قضت على المرض قبل بدايته، لكن أسرته كان له الدور الأكبر في علاجه، إذ ظَلّت على مقربة منه ولم تحسسه بأنه مريضٌ.
(2)
أمّا أسرة الحاج عبد القادر فقد عاشت مُعاناة بدأت فُصُولها حينما التحق الابن الأكبر بوظيفةٍ مرموقةٍ بأحد المَصَارف، ورغم أنّه كان مَحل تَقدير زُملائه، إلا أنّه اُتّهم باختلاس مالي كبير ما أدّى إلى إيقافه عن العمل لحين التّحقيق في الأمـر، لكن أُسرته لَم تَستوعب حَقيقة مَا حَدث وبدأت في تأنيب ابنها، ما أدخله في حالةٍ نفسيةٍ سَيئةٍ كان من المُمكن تَجَاوُزها والتّعامُل معها، لكنهم أغفلوا ذلك ورموا على عاتقه اللّـوم، ما جعله يفقد صوابه وهُم ينادون عليه بـ(المُجنون)، وأصبح يَجُوب الطُـرُقات مُتّسخ الأزياء، ولأنّ أُسرته لم تحسن معه التّعامُل ولم تُقدِّر وضعه النفسي، أصبح علاجه شيئاً صعباً على الأطباء.
(3)
الباحثة النفسية شادية عبد العال – عُضو هيئة التدريس بقسم علم النفس – أشارت إلى أنّ المرض النفسي يعود إلى الصدمات الانفعالية التي يَعيشها بعض الأفراد في المجتمع، الشئ الذي يدخله في اضطراباتٍ نفسيةٍ واكتئابٍ، مُؤكِّدة أن أغلب الحالات تتشابه ومن المُمكن السيطرة عليها وعلاجها إذا ما تفهّمت أسرة المريض وضعه الصحي وتعاملت معه حسب حاجته إليها، لافتة إلى أنّ الضُّغوط النفسية تُحَوِّل الفرد إلى مريضٍ نفسي حينما يفشل في مُواجهة المشاكل، إضافةً إلى الخَوْف والقَلق غير الطَبيعي، لافتةً انتباه الأُسر لضرورة التّعامُل مع المريض النفسي بصُورةٍ خَاصّةٍ حتى يتم علاجه في أقرب وقتٍ.
السودانى