أديس.. ما بين السطور!
-1-
اللحظة التي ظهر فيها إليكس دي وال في فندق ريدسون يحمل حقيبة جلدية على ظهره وعلى وجهه ابتسامة تقارب البراءة كانت تعني أن الوسطاء يبحثون عن خروج أنيق ومخارجة لائقة من مفاوضات بالغة التعقيد وشديدة اللزوجة.
إليكس دي وال الشاب البريطاني ذو الملامح الشرق أوسطية والمختص في الشأن السوداني والخبير المؤتمن لدى جهات عالمية عديدة منها الاتحاد الإفريقي في كل ما يتعلق بشؤوننا عرف عنه البراعة في التعامل مع تضاريس وتعقيدات السياسة السودانية لذا من الطبيعي أن يتم اختياره لصياغة التصور الثالث الذي بإمكانه فتح نافذة للأمل تجنب المفاوضات صفة الفشل.
-2-
قبل ساعات قلائل من إعلان ثامبو أمبيكي تعليق المفاوضات كان سيناريو النهاية متوقعاً تقديم ورقة من الوساطة تحمل رؤى توفيقية بين الطرفين يعلن أنها ستعرض على متخذي القرار في الحكومة والحركة الشعبية للمناقشة وأخذ الرأي ومن ثم العودة مرة أخرى لإجراء جولة جديدة وفق أجل مسمى.
المؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه ثامبو أمبيكي تعليق المفاوضات لمدة عشرة أيام لم يستغرق سوى الثلاث دقائق فقط وأغلق الرجل الباب أمام أسئلة واستفسارات الصحفيين وخرج من القاعة بخطوات سريعة متوترة!.
-3-
رغم أن قضايا الخلاف كانت تحتمل الكثير من المعالجات والخيارات والتوفيقيات لكن الطرفين لم يكونا على استعداد نفسي وسياسي للوصول لأي اتفاق ولو على البديهيات!
فاقد الثقة كان أكبر من كل شيء، والوجود الكثيف لجهات عديدة بفندق ريدسون خبراء وممثلي سفارات وهيئات واتصالات هاتفية عابرة للحدود، ومخاوف كل طرف من مكائد الآخر كل ذلك شوش على أجواء المفاوضات!
مع ذلك من الطبيعي أن تأتي نهاية هذه الجولة على هذا النحو، فهي الأولى بعد أن تجاوزت الحكومة قعدة التفاوض مع الحركة الشعبية قطاع الشمال وقبلت على مضض الجلوس في مقابلة ياسر عرمان كرئيس لوفد الحركة.
-4-
المقترح الذي تم تقديمه من قبل الوساطة هو في الأساس اتفاق إطاري يحدد ملامح عامة لخارطة طريق للمفاوضات القادمة، وفي الجولة الماضية قدمت الوساطة مقترحاً توافقياً قبلت به الحكومة مع إبداء بعض الملاحظات والاعتراضات وتجاهلته الحركة الشعبية والتي أظهرت حتى في هذه المفاوضات عدم ترحيبها بالمقترحات المقدمة من الوسطاء ربما بسبب عدم حماس الحركة لمقترحات الوساطة لإعلائها شؤون وقضايا المنطقتين على القضايا السياسية العامة التي يحرص رئيس وفد الحركة ياسر عرمان على إثارتها في كل مرة مراعاة لالتزاماته السياسية والعسكرية مع الجبهة الثورية.
-5-
حدثتكم قبل يومين عن التحول الذي طرأ على موقف ياسر عرمان والانتقال من المهادنة والتفاهم في الليل مع الوفد الحكومي إلى المواجهة والنفور في صباح اليوم الثاني.. وعزيت ذلك للتصريحات التي أطلقها مني أركو مناوي والتي هاجم فيها الحركة الشعبية لمفاوضتها الحكومة بصورة منفردة.
واحد من احتمالين لتفسير حماس عرمان لقرار تعليق التفاوض لعشرة أيام ربما يريد الرجل أن يبني مواقفه الجديدة على ما سيحدث في المفاوضات القادمة بين الحكومة وحركات دارفور في تشاد حتى يرفع عن حركته الحرج من حلفاء الجبهة الثورية.
أو أن الحركة الشعبية تريد استثمار الوقت لتسجيل هدف عسكري في مرمى الحكومة على طريقة أبو كرشولا حتى تضع نفسها في وضع أفضل في الجولة القادمة!.
[/JUSTIFY]
العين الثالثة – ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني