زهير السراج

مفاوضات أديس أبابا !!


* اصدر حزب المؤتمر السوداني بيانا مفصلا أمس حول المشهد السياسي والموقف الراهن نفى فيه ترشيح رئيسه لرئاسة مجلس الوزراء ومشاركته في مجلسي السيادة والوزراء في الفترة الانتقالية، بالإضافة الى أربعة نقاط أخرى تتعلق بالمفاوضات الجارية الآن في أديس أبابا، ووحدة قوى اعلان الحرية والتغيير، وقضايا التفاوض ونقل السلطة الى المدنيين، وإكمال مهام الثورة.

* يعترف البيان في الجزء المتعلق بالمفاوضات التي تدور في أديس أبابا بين قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية حول قضايا السلام، بانها متشابكة ومعقدة تتطلب صبراً ورؤية ثاقبة، “وعلينا أن لا نتعجل لأي حلول سطحية لا تخاطب لب الأزمة السودانية”. وأن الحزب يعكف مع رفاقه في قوى الحرية والتغيير “على الخروج بتصور محكم يعود على البلاد بالسلم وينجز أحد أهم مهام الثورة.”

* أبدا تعليقي بالقول، إنه لا يمكن لأى شخص أن يجادل في أهمية الحوار بين كل مكونات المجتمع السوداني بكل أطيافها وأوزانها للوصول الى تفاهم يزيل الغبن ويحقق السلام والاستقرار المنشود، ويتيح للجميع الفرص المتساوية في الحقوق والواجبات والمشاركة في إدارة وبناء الوطن، ولكن ألم يكن ممكناً تأجيل هذه القضية المهمة التي تحتاج الى روية ومشاركة واسعة ووقت طويل، نحن في أمس الحاجة إليه الآن، إلى ما بعد إكمال التفاوض حول انتقال السلطة الى المدنيين، خاصة أن الطرف الذى نفاوضه == المجلس العسكري == لا يلبث أن يخرج علينا بين الحين والآخر بحجج واهية لتعطيل التفاوض والتمسك بالسلطة ومنع انتقالها الى المدنيين؟!

* كما ان الطرف الذى نحاوره في اديس أبابا ليس غريبا عنا، وهو الجبهة الثورية التي هي مكون أساسي من مكونات قوى الحرية والتغيير، واحد الموقعين على اعلان الحرية والتغيير والمشاركين في الثورة، فما الداعي لفتح حوار معها حول أشياء متفق عليها في الاعلان، إلا إذا كانت القوى الموقعة عليه مجرد أسماء فقط ليس بينها رابط، لتكبير (الكيمان)، وهو ما أستبعده للتأييد الشعبي الكبير الذى وجدته في الشارع السوداني، والمشاركة الفعالة لكل المكونات في اللجان المختلفة والأنشطة اليومية، التي كانت الجبهة الثورية جزءا لا يتجزأ منها، فما الداعي لإضاعة وقت ثمين في التفاوض معها، نحتاج اليه بشدة للتفاوض مع آخرين ؟!

* الأمر الأكثر أهمية هو أن الحوار حول قضايا السلام لا يقتصر فقط على الجبهة الثورية ومكونات قوى الحرية والتغيير، بل كل اهل السودان، ففي كل مكان في السودان هنالك من يشعر بالغبن والظلم والحاجة الى مخاطبة قضاياه ومطالبه بالصورة التي ترضيه. كما أن أي حوار حول السلام لا يمكن أن يغفل بأي حال من الأحوال أكبر حركتين مسلحتين لهما وجود ميداني واسع، وتتمتعان بتأييد شعبي كبير هما الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال (جناح الحلو)، وحركة تحرير السودان (جناح عبد الواحد)، فكيف يمكن إدارة حوار حول السلام بدون مشاركة هذه القوى وغيرها؟!

* نحن أحوج ما نكون الآن الى إكمال التفاوض حول انتقال السلطة والاتفاق على الوثيقة الدستورية وتكوين مؤسسات الفترة الانتقالية، وليس الى من يعيدنا الى المربع الاول بالحديث عن إرجاء نقل السلطة الى ما بعد تحقيق السلام ــ كما تقترح الجبهة الثورية ــ فيضيع الزمن ولا يتحقق السلام ولا يتحقق الانتقال، ولا تتحقق الدولة المدنية الديمقراطية التي ثرنا من أجلها وقدمنا أغلى التضحيات !!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة