تحقيقات وتقارير

حظر المصدرين .. ظهور السماسرة والجوكية


تباينت الآراء ما بين مؤيد ومعارض لقرار البنك السودان المركزي، الصادر مؤخراً والقاضي بحظر 123 شركة وأسماء أعمال، حظرا مصرفيا شاملا لعدم الالتزام في سداد حصائل الصادر استحقت لفترات سابقة، حيث ضمت قائمة الحظر شركات وأسماء أعمال كبيرة ومشهورة. إلى ذلك طالب البعض بتشديد العقوبات، بينما دعا آخرون إلى معالجة المشكلة التي تسببت في تعثر المصدرين. (السوداني) وقفت على وجهات النظر لكل طرف.

دخلاء الصادر

الغرفة القومية للمصدرين، كشفت عن إحصائيات لعمليات الصادر خلال الـ(6) أشهر الماضية، بلغت أكثر من 1000 تصديق لجهات وشركات منذ فبراير الماضي، حيث ضم هذا العدد جهات وشركات صدرت أكثر من مرة. واحتوت قائمة الصادرات منتجات وسلع مختلفة، أبرزها الحبوب الزيتية والمواشي والصمغ العربي والبرسيم، وذلك وفق إفادات خاصة لـ(السوداني) من قبل الغرفة.
وكثر الحديث مؤخرا على لسان مسؤولين كبار بشعبة مصدري الماشية الحية، عن دخول “سماسرة وجوكية وتجارة عملة”، وتفشي ظاهرة “بيع ورق” الصادر، مع تصنيف للمصدرين ما بين مصدر حقيقي، وآخر اعتبر “دخيل” على القطاع.

خطوة مطلوبة
ويرى الخبير المصرفي محمد عبد العزيز، ضرورة التعامل جنائيا مع مهربي حصائل الصادر، وعدم الاكتفاء بإجراء الحظر المصرفي، ودعا في حديثه لـ(السوداني) بنك السودان المركزي للاتجاه لمعاقبة هؤلاء الأفراد جنائياً مع العقوبة المصرفية، معتبراً أمر عدم إرجاع حصائل الصادر للبلاد “تخريب” للاقتصاد، لأنه يعتمد عليها في توفير وإرداته واحتياجاته الأساسية والاستراتيجية، وقال إن أس المشكلة يبرز في “تكاسل” البنك المركزي في التعامل مع هذا الشأن، مبينا أن تحويل الحصيلة لديه زمن معلوم منذ بداية إجراءات الصادر بحسب وسيلة الدفع، وأضاف: يفترض إيقاف المصدرين وفقا للتواريخ المعتمدة في عقود الصادر وإرجاع الحصائل، مشيرا إلى إيجابية القرار.

تشديد العقوبات
شعبة مصدري الماشية الحية باتحاد الغرف التجارية، أكدت على إيجابية إجراء حظر المصدرين، واعتبرت أن رقم 123 شركة واسم عمل عدد قليل لا يتناسب مع الأعداد العاملة حاليا في مجال الصادر. وقال الأمين العام للشعبة صديق حدوب في حديثه أمس لـ(السوداني)، إن عدد المصدرين الحقيقيين لا يتجاوز الـ(100) مصدر، بينما بقية العدد عبارة عن “وراقة” يستخرجون المستندات ويبعونها فقط، مؤكدا أن 80% من الموجودين بالصادر هم “وراقة” فقط، هدفهم من التصدير بيع العمل خارج البلاد، مبينا أن هؤلاء الأشخاص تبرز مهمتهم في استخراج السجلات التجارية بأسماء أخرى، وهذه الأسماء غير معروفة للإدارات الحكومية وليست لها حسابات مصرفية، ولا يقومون بشراء المواشي ولا يظهرون في الموانئ، مشددا على أن هناك تهاونا من قبل الإدارات الحكومية ما يستوجب حسم هذا الأمر. ودعا حدوب، إلى تشديد عقوبات التهرب في إرجاع حصائل الصادر لتصل عقوبة الإعدام على حد قوله، وبرر ذلك بأن تهريب الحصائل تعد “تخريبا” للاقتصاد البلاد.

“مغلوبون على أمرهم”
وفي المقابل، اعتبر بعض المصدرين أن الحظر إجراء غير عادل في حقهم، مطالبين بالجلوس مع المصدرين، ومعرفة الأسباب الحقيقية لتعثرهم، موضحين أنهم ظلوا يؤدون مهمة وطنية في إشارة لخصم نسبة الـ10% لصالح الدواء.
المصدر الطاهر النعيم، قال في حديثه لـ(السوداني)، إن حظر المصدرين ليس حلا للمشكلة، ويفترض على البنك المركزي معالجة المشكلة الأساسية وهي سعر الصرف، داعيا البنك للجلوس والتفاكر مع شعبة مصدري الماشية الحية لإيجاد حل جذري، وتابع: هذه شركات كبرى في مجال الصادر ولكنها “مغلوبة على أمرها بسبب سعر الصرف”. وأوضح الطاهر، أن هناك شركات تم حظرها رغم أن مواعيد سداد الحصائل لم يأتِ وأخرى لديها فترات سماح، وعند استفسار بعض المصدرين بنك السودان عن السبب، أفادهم البنك بأن أسماءهم وردت خطأ، إلا أن الطاهر أرجع الخطأ لعدم التنسيق بين الإدارات الحكومية، كما استنكر مسألة الحاق الضرر بـ(السمعة التجارية ) للشركات. وأشار الطاهر إلى أن السوق السعودي يشكو من إغراق منذ أبريل الماضي، لدخول مواشي بأعداد كبيرة من دول السودان والصومال ورومانيا، وأن معظم الموردين السعوديين تأثروا بركود سوق المواشي ومن ثم سداد التزاماتهم اتجاه المصدرين.

جدوى الحظر
ومضى في السياق نفسه المصدر محمد عبد المجيد، داعيا البنك المركزي للجلوس مع الشركات الكبرى في قطاع صادر الماشية أو خلافه لمعرفة أسباب التعثر، وقال في حديث أمس لـ(السوداني) إن المصدر الحقيقي يفترض أن يكون له تعامل خاص وبطريقة مختلفة، ويجب عدم “نكران الجميل” لأنهم ظلوا يؤدون عملهم من اجل الوطن، وأضاف: المُصدر الحقيقي يعمل منذ أشهر في “ظروف صعبة جداً” من عدم الاستقرار السياسي وتأزم الوضع الاقتصادي، موضحا أن هذا الوضع انعكس سلباً على موقف الصادر، كما يجب الجلوس مع هؤلاء المصدرين والتفاكر معهم لمعرفة أسباب تعثر هذه الشركات في السداد، وليس الاستعجال لحظرهم ونشر أسمائهم في قوائم و، إضافة إلى ضرورة التنسيق مع بين البنك المركزي والبنوك والشعبة. وقلل عبد المجيد، من جدوى حظر المصدرين في حل المشكلة، متسائلاً ماهي الاستفادة من الحظر، منوها إلى أن المطلوب هو المعالجة، ثم النظر إلى أمر إغراق السوق السعودي حالياً، إضافة إلى ضرورة منح المصدرين حوافز وتشجيع.

من المسؤول؟
إلى ذلك أشار الاقتصادي د.حسين القوني، إلى أن عدم إرجاع حصائل الصادر يعد مخالفة تستوجب تطبيق القانون وعدم وطنية، وقال في حديثه لـ(السوداني) أن تجنيب هذه الشركات وأسماء الأعمال للحصائل يعد مخالفة صريحة ولا مجال للمبررات، والبنك المركزي يجب أن يكون حريصا، على تطبيق القانون وإعادة الحصائل، خاصة في الظروف الراهنة، لدعم الخزانة العامة بأي نقد أجنبي. وأكد القوني أن عدم إرجاع الحصائل يؤدي لخسارة البلاد، وضياع فرص أفضل عليها تعود بالمصلحة للجميع، وأضاف: حظر هذا العدد الكبير من الشركات يؤكد وجود تسيّب إداري في بنك السودان، كما يجب عليه دراسة هذه الحالات، وتحديد أسباب لماذا لم تلتزم هذه الشركات بالمطلوبات القانونية؟ داعيا إلى محاسبة المسؤولين والمقصرين، ثم مراجعة القوانين للتأكد من قفل المنافذ والثغرات التي تمكن المصدرين من تجنيب عائدات الصادر.

الخرطوم: ابتهاج متوكل
صحيفة السوداني