أول غرام !!
*وهو غرام غير ذي الغرام..
*وإنما ذو ارتباط هو بتفتح الوعي الطفولي..
*وفي كريمة تفتح وعيي الكروي على المريخ – ذات نهار – ضد خصمه الهلال..
*أو ربما كان فريق النسر…. لا أذكر بالضبط..
*وأحببت المريخ منذ تلكم اللحظة… ليس لأنه انتصر، وإنما لأسباب لا أعلمها..
*فما كل شيء في هذا الوجود يخضع لمعايير المنطق..
*وفي مرحلة تفتح الوعي هذه نفسها كنت أقود دراجتي أصيل يوم خريفي بحلفا..
*وما بين حييِّ دبروسة والتوفيقية أظلتني غمامةٌ عجلى..
*ولفتت نظري، إذ بدت وكأنها تغطت بحجاب في لون كحل الحجر..
*فعشقتها، وسميتها – فيما بعد – الغيمة ذات الحجاب..
*وعشقت منذ تلكم اللحظة الطبيعة بغمائمها… وأشجارها… وبحارها… وصحاريها..
*بل….. وببروقها… ورعودها… وعواصفها أيضاً..
*وتفتح وعيي الغنائي – كذلك – على أغنيات أحمد المصطفى… فعشقتها..
*فقد كنت برفقة الوالد في حفل يخص مصنع بلح كريمة..
*وتضمن الاحتفال عرضاً سينمائياً من وحدة أفلام السودان… ذات شعار الخرتيت..
*وتضمن العرض ذاته عرضاً غنائياً بالمسرح القومي..
*واستهله العميد بأغنية الوسيم… واختتمه برائعة أيام زمان، ذات الإيقاع الحزين..
*وكان وجداني الغنائي أبيض… في مثل بياض حُلته ليلتذاك ..
*فنُقشت فيه – منذ تلكم اللحظة – أغنياته، من لدن الوسيم… وحتى يا عظيم..
*وقبل أيام طالبني قارئ بالكتابة عنه… بحسباني عاشقاً لأغانيه..
*وقبل أن أفعل فعل رجلٌ لا يقل عشقاً لأغنياته هذه مني..
*إنه مفخرة إعلامنا المرئي – والمسموع – الرائع حد الإدهاش عمر الجزلي..
*والإبداع إن لم يدهشك فهو لا يكتمل إبداعاً اكتمال القمر..
*وفي بلادي كثرٌ يصعقونك بإبداعهم، قصصاً… أو شعراً… أو غناءً… أو إعلاماً..
*أو بالأحرى، يصعقون ذوي الحس الإبداعي من الناس..
*وفي حلقته التلفزيونية المعادة عن العميد قال إن أغانيه لا يعشقها إلا متفرد..
*وجامل كاتب هذه السطور إذ حشره في زمرة هؤلاء..
*فأحمد المصطفى كان سابقاً لزمانه حين كسر رتابة اللحن الدائري بأغنية الوسيم..
*وما زال سابقاً لزمانه… بأغاني زمان… من قبيل (أيام زمان)..
*ويكفيه إبداعاً أنه استلهم لحن إحدى أغنياته من (بكاء) طفله – آنذاك – عز الدين..
*والجزلي يستلهم إبداعه من (بكاء الزمان)..
*وفي حلفا تفتح وعيي الفكري على الفلسفة… إذ كانت من بين مناهج الثانوي..
*فعشقتها، فكاد عشقي هذا يوردني موارد التهلكة..
*فهي تجعلك تشك في كل شيء… كل شيء… حتى لتوشك ألا تثق في أي شيء..
*وإن لم تظلك حينها رحمته – كغمامتي تلك – قد تفقد كل شيء..
*وبفضل هذه الرحمة تكتشف أن كل الذي تُغرم به من جمال مرجعه إلى الـله..
*فهو – سبحانه وتعالى – جميلٌ يحب الجمال..
*وتفتح وعيي – كبيراً – إلى حقيقة أن حب الـله يمكن أن يكون مسبباً… أو بلا سبب..
*وأحد مسبباته إعمال الفكر، في تجليات الوجود ذات الجمال..
*فهو- إذن- الذي يجب أن يكون أول غرام..
*وآخر !!.
بالمنطق – صلاح الدين عووضة
صحيفة الإنتباهة