حلول ..!!
:: تُوجد أزمة مواصلات حادة بالخرطوم، كأن يكون يكون الزحام بالمحطات حتى منتصف الليل، وخاصة عند هطول الأمطار، بحيث تتوقف حركة الشوارع تماما.. وأحياناً يتطوع بعض الشباب بتوقيف العربات الخاصة ثم تذكير أصحابها بفضل الظهر، وهي ظاهرة صحية ويجب أن تتواصل، فالأزمة حادة للغاية.. ويوم أمس، توقعت شركة مواصلات الخرطوم – العامة – حل هذه الأزمة باكتمال استيراد أربعمائة عربة، وقد بدأت تصل إلى ميناء بورتسودان.. وهذا ليس حلا، ويجب حل شركة مواصلات ولاية الخرطوم.
:: بإحدى دول العالم الثالث، زار الوزير مستشفى الأمراض العقلية، وسأل المدير: كيف تميزون العاقل من المجنون في هذا الزحام؟ فأجابه المدير: (المسألة بسيطة، بنملا البانيو بالموية، ونسلم أي زول هنا ملعقة وفنجان وجردل، ونطالبهم بغرف البانيو ونقعد نراقب).. فراقت الفكرة للوزير، وسأل: (فكرة ممتازة، طبعا العقلاء بيغرفوا البانيو بالجرادل؟)، فأجاب المدير: (لا طبعاً، العاقل بيرفع سدادة البانيو)، ثم أردف سائلا: (أها سعادتك نحجز ليك غرفة خاصة ولا تشرف العنبر العمومي؟).
:: ليست كل الأزمات (معقدة)، ولكن بعض العقول تُدمن تعقيد الأزمات بتجريب حلول (غير منطقية).. وعلى سبيل المثال الراهن، أزمة مواصلات بالخرطوم، فهي غير معقدة، ولكن العقول المنوط بها حل هذه الأزمة لم تكن تفكر إلا في تعقيدها، وذلك بتجريب الحلول غير المنطقية، ومنها تأسيس شركة حكومية لاستيراد البصات.. نعم، كل هذه البصات التي تستوردها الحكومة عبر شركتها أو تصنعها بالجياد نوع من تفريغ الحوض بالجردل أو بالفنجان بدلاً عن (رفع السدادة).
:: لحين إنشاء (مترو أنفاق) وغيره من الحلول الجذرية والحضارية، بالبلد شركات ورجال أعمال ومغتربون قادرون على استيراد وتشغيل (المركبات العامة)، وهذا ما يسمى بالاستثمار في مجال النقل، وبهذا النوع من الاستثمار يستقر المجتمع اقتصادياً و(ترتاح الحكومة).. لماذا تحشر الحكومة أنفها وتضيق واسعاً وتُعقد الحلول باحتكار الاستثمار في مجال النقل؟ أو هكذا يجب أن تسأل حكومة الثورة نفسها.. فالأفضل – في انسياب حركة النقل بلا أزمات وخسائر – أن تكتفي الحكومة بالمواصفة والرقابة والتنظيم، وتفتح أبواب الاستثمار في النقل العام للقطاع الخاص.
:: وبالمناسبة، تجارب حكومة الخرطوم مع استيراد البصات وتشغيلها تكبد الخزانة العامة (الخسائر)، ويجب مراجعة هذه الشركة ومحاسبة من كبدوا الناس والبلد الخسائر طوال سنوات التشغيل.. فالبصات المستوردة – عبر الشركة – إما غير مطابقة للمواصفة ويتم تخزينها قبل أن تكمل العام عملاً بسبب الأعطال (وهذا فساد)، أو أن عوائد تشغيل البصات لا تغطي تكاليف التشغيل (وهذا فشل).. ليبقى السؤال: هل تستفيد حكومة الثورة من تجارب النظام المخلوع الفاشلة، أم تعيد إنتاج ذات التجارب الفاشلة بالإبقاء على مثل هذه الشركات المراد بها احتكار أنشطة المجتمع؟
إليكم …الطاهر ساتي
السوداني