عندما تختل المعايير ..!!
وضع أحد أهل هذه البلاد المُدهِشة على جدار منزله لافتة ضخمة جداً تُشير إلى قُدرته في علاج جميع الأمراض من الملاريا إلى السرطان والإيدز مع وجود صيدلية مُتكاملة داخل المبنى كُل ما فيها من أدوية من صُنع يده ، في أخر قائمة الأمراض مكتوب باللون الأحمر الأمراض ذات العلاقة بالجن الأحمر والسحر العمل المس والعين وفك الربط والربط يعني (بحل وبربط) والأخيرة هذه غير مُضمّنة في اللافتة إذ تحتاج إلى جلسة سرية لوحدها يُحدثك فيها عن قدرته العالية في الربط والتطليق والزواج وله في منح الذرية باع طويل وكل أمور (الطلس) الأخرى يعني لو دخلت ما بتمرق فاضي..
القوم يتوافدون من كل مكان يحملون أمراضهم ومشاكلهم ويحّلمون بعلاجها على يد هذا المعتوه والذي اتضح لاحقاً أنّه أمي عاطِل يجد صعوبة في كتابة أحرف إسمه الأولى ، لكن عندما تنتشِر الفوضى وينشغل الرقيب عن القيام بمسؤولياته ويُسخِر سلطاته ويُضيع وقت العامة في تحقيق أطماعه وإشباع رغباته تضطرب الأحوال وتختلف المهام وينتشِر الفساد وترتبك أشياء وحاجيات العباد ويُصبح كًل شئ مُمكنا ، وكم من مرة قادت (الصُدفة) إلى أطباء (فشنك) قاموا بعمليات جراحية لا علاقة لهم ألبتة بالطب ولا حتى بالتمريض ناهيك عن الجراحة..
حقاً مّدهِشة والطبيب فيها قد يعمل مُحاسباً والصحفي (رُبما) أصبح قاضياً ووارد جداً أن يعمل خريج الثانوي مُحاضراً في الكُليات الجامعية ..
في زمانٍ مضى كانت الدولة تعتمد في المناطق النائية والمُدن الصغيرة على ما يُعرف بالمحاكم الأهلية لضبط حياة الناس ومعيارها في اختيار قُضاة هذه المحاكم هو نفوذ الشخص المُختار في منطقته ومعرفة أهل المنطقة له ، تقوم هذه المحاكم في الحُكم على القضايا الصغيرة وتُرفع الكبيرة إلى محاكم أخرى ، ما عاد لها من وجود بعد انتشار الجامعات وكثرة كُليات القانون التي أصبحت تُخرِج سنوياً أعداداً كبيرة من حملة شهادات القانون القليل منهم يجد فرصته في الوظيفة الحكومية المُناسبة لتخصصه وأكثرهم يذهب للعمل في ما لا علاقة له بالقانون ، عجباً وأهل الإنقاذ يُجلسون في مقاعد القُضاة ما لا علاقة لهم بالقضاء..
على لسان مولانا الشيخ حسن فضل الله القاضي السابق أوردت الجريدة في عدد الجمعة 30/8/2018م حديثاً ذكر فيه مولانا الشيخ وجود (قُضاة) يُمارسون المهنة في المحاكم (السودانية) حالياً لم يدرسوا القانون ولم يتخرّجوا من كُلياته ، طبعاً يحدُث هذا لا من نُدرة خريجي القانون في البلاد ولكن الفساد حينما يستشري في مكانٍ ما تختل فيه المعايير وتُرجح كفة المصالح والمُحاباة على غيرها ..
لا ندري بأي دستور وأي قانون يُحاكِم هؤلاء من وقف أمامهم في مظلمة..؟
وكان الله في عون البلاد وأهلها..
بلا أقنعة – زاهر بخيت الفكي
صحيفة الجريدة