شركة (هوى ميا) للإستحمار الزراعى !!
* من منكم سمع بمشروع (هوى ميا ) الذى يحتل مساحة تزيد عن خمسين ألف فدان في منطقة الحوض النوبي على مسافة 75 كلم غرب مجرى نهر النيل، وحسب نشرة قديمة لوكالة السودان للأنباء (سونا) تعود الى عام 2012 على خلفية زيارة للمشروع قام بها وزير العلوم والتكنولوجيا آنذاك الزبير بشير طه، فإن مساحة المشروع الذى بدأ في عام 2009 ، ستبلغ ربع مليون فدان بحلول عام 2015 ، وتفيد معلوماتى الخاصة بأن الأرض منحت للشركة المالكة للمشروع بالمجان !!
* يتبع المشروع لشركة (هوى ميا للزراعة والاستثمار المحدودة) التى تتبع ــ حسب سونا ــ لمجموعة هوى ميا القابضة، إحدى فروع شركة (بقشان السعودية القابضة) التى تعمل حسب آخر تحديث لموقعها الإلكترونى في 31 مارس، 2018 في مجال النقل (وتطلق على نفسها إسم شركة بقشان المحدودة)، بينما جاء في نشرة (سونا) انها تعمل في مجالات متعددة منها الاتصالات، التطوير العقاري، الانشاءات، الخدمات الاستشارية، المياه الجوفية و حفر الآبار الارتوازية و تحليل التربة ..ومجموعة اعمال أخرى، ولقد بحثتُ عن أى تأكيد لهذه المعلومات على الانترنت، فلم أعثر لها على أثر، كما لم أعثر على أثر لمشروع (هوى ميا) في موقع الشركة، ولا يوجد اى شئ عنه على الانترنت سوى صفحة قديمة في (الفيس بوك) باسم (هوى ميا) ليس بها أى شئ غير صور لبعض المهندسين والعمال المصريين الذين يشكلون لب العمالة في المشروع الذى تشرف عليه إدارة مصرية، بقيادة مهندس زراعى مصرى !!
* يتخصص المشروع في زراعة القمح والبرسيم والخضروات والفواكه، بالاضافة الى تربية الضان والدواجن، وتبلغ المساحة المستغلة حوالى 10 ألف فدان، ويستخدم طريقة الرى المحورى بالرشاش اعتمادا على المياه الجوفية، وهى من الطرق المهلكة للمياه، وحسب المعلومات المتوفرة فإن معظم الإنتاج يذهب الى مصر.
* هذه هى المعلومات المبدئية المتوفرة عن مشروع (هوى ميا) بالحوض النوبى شمال غرب دنقلا، الذى يستهدف تصدير الخضر والفاكهة والغلال الى مصر باستغلال الارض والمياه الجوفية السودانية بدون حصول السودان على اى فائدة او عائد يذكر، وهو نموذج آخر من نماذج الاستثمار الزراعى الذى ظل النظام البائد يحدثنا عنه ويتفاخر به، فأى استثمار هذا الذى يرهن ارضنا بالسنوات الطويلة ويهلك مياهنا الجوفية، ويقدم خيرات بلادنا لغيرنا بدون ان نحصل منها على شئ ؟!
* لقد حان الوقت لتصحيح هذا الوضع الخاطئ بمراجعة العقود وتقليص المساحات الهائلة التى منحت لهذه الشركات، واستعادة الاراضى غير المستثمرة، وتقصير فترة الحيازة من 99 عاما الى عدد معقول من السنوات، فلا يمكن لبلد ان تمنح ارضها هذه الفترة الزمنية الطويلة بدون أن تتحسب للظروف أو تترك لنفسها المجال للحصول على فرص إستثمار أفضل لهذه الأراضى في المستقبل.
* من أهم المعالجات، إلزام المستثمرين باستخدام مياه النيل فى الرى، بدلا عن اهلاك المياه الجوفية والتضييق على الاجيال القادمة، خاصة أن السودان لا يستخدم سوى 14 مليار متر مكعب من نصيبه من حجم الماء المنصوص عليه فى اتفاقية مياه النيل (لعام 1959 )، ويترك 4 مليار متر مكعب تذهب مجانا لمصر كل عام منذ سنة 1962 .
* ولا بد من إلزامهم باستخدام العمالة السودانية إلا في حالات الضرورة القصوى التى تستدعى وجود خبرات اجنبية، وتخصيص جزء من الانتاج للسوق المحلى، وتقديم خدمات ملموسة في المجالات المختلفة للمجتمعات المحلية، وإجراء كل ما يلزم لإرساء قواعد إستثمار حقيقى مبرأ من التشوهات يجتذب المستثمرين الحقيقيين ويحفظ لكل طرف حقوقه، ويحقق المصلحة العليا للبلاد .. هذا إذا كنا نريد لبلادنا إستثمارا حقيقيا تنتفع منه، أما ما يحدث الآن فهو تدمير واستحمار واستحقار !!
* ولا بد من معاقبة الذين أهدروا مصالح البلاد، وأفسدوا وشوهوا سمعة الدولة بطلب الرشاوى والاتاوات، ومرغوا الكرامة السودانية في التراب!!
مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة