لا قدسية لأحد !!
* تعرية الفساد ومكافحته واجب وطني على كل مواطن وليس شخصا أو جهة معينة، وكل من لديه معلومة لا بد ان يتقدم بها للجهة الرسمية المختصة أو للصحافة للتدقيق فيها وتمحيصها، وأنا شخصيا مستعد لقراءة وتمحيص والتحقيق في كلمة تصلني، ولن أتردد في نشرها إذا وجدتُ فيها الصدق والحرص على مصلحة البلاد العليا بعيدا عن التشفي والمهاترات والاغراض. ليس بالضرورة أن تكون المعلومة مستندة على وثيقة أو مستند، كما كان يردد أفراد النظام البائد .. للتهرب من تعرية ومكافحة الفساد لأنهم كانوا أس وأساس الفساد، ولكن يجب أن تكون هنالك شبهة معقولة !!
* من أين يأتي المواطن العادي أو حتى الصحفي، بالمستندات أو الادلة القاطعة في دول تحكمها وتتحكم فيها انظمة قمعية فاسدة لا توجد فيها قوانين تلزم الاجهزة الرسمية بكشف المعلومات، وإن وُجدت فهي معطلة، ولا تعترف بحق الرأي العام في المعرفة، ولا تعترف حتى بشيء اسمه الرأي العام، وتعتبر ان الرأي شأن خاص بها وأن الرأي الآخر خيانة وعمالة، وأن أي معلومة مهما كان حجمها وأهميتها ملك خاص لها ليس من حق أي شخص آخر الاطلاع عليها، ولا تعاقب من يخفى المعلومة عن الناس بل تعاقب من يفصح عنها.
* يبيح القانون نشر المعلومات حول اعمال الدولة والشأن العام وتداولها والتعليق عليها ما عدا التي تتعلق بالأمن القومي المُصنَّفة سرية (وفق قانون ديمقراطي)، ولا يمكن لأى شخص أو أية جهة مهما علا قدرها إصدار قرار بتصنيف المعلومة بالسرية، وإنما الجهة التشريعية المختصة التي يجب ان تصدر قانونا (وفق الأسس الصحيحة المتبعة في الأنظمة الديمقراطية) يُصنّف المعلومة حتى تأخذ الصفة السرية، وحتى لو حدث ذلك، فيمكن لأى شخص الطعن في هذا القانون امام المحكمة المختصة والمطالبة بإبطاله متى ما تعارض مع المصلحة العامة او الخاصة. ما عدا ذلك فالنشر هو القاعدة وليس العكس.
* ويجب ان يحمى القانون حق الحصول على المعلومة وحق نشرها وتداولها، ويعاقب على الامتناع عن الافصاح عنها، كما يعاقب على الكذب والتشهير ..إلخ. لا قدسية لشيء، لا شخص ولا جهة ولا حكومة ولا مجلس سيادة ولا مجلس تشريعي ولا أي شيء آخر. الكل قابل للنقد حتى القانون نفسه أو الوثيقة الدستورية، فهي ليست كتابا منزلا من السماء، ولكن يجب ان يكون كل ذلك وفق القانون (في مجتمع ديمقراطي) .. أي ألا يكون القانون تعسفيا صادرا من سلطة تعسفية قمعية تكمم الافواه باسم القانون.
* يجب أن يتصف شاغل الوظيفة العامة مهما صغرت بالأمانة والشرف والكفاءة، فضلا عن الصفات الاخرى (حسب نوع وشروط الوظيفة)، لذلك تحرص الدول والحكومات على ان يكون شاغل الوظيفة العامة شخصا نزيها امينا ..إلخ، كما يشترط القانون ألا يكون قد أدين بتهمة مخلة بالأمانة والشرف، ولهذا يجب التدقيق في التاريخ المهني والشخصي للمرشح لهذه الوظيفة، وإخضاعه لمعاينة واستجوابه إذا لزم الأمر، كما يحدث في كثير من الدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية التي لا يشغل فيها أي شخص منصبا دستوريا إلا إذا أجازه الكونجرس الأمريكي بعد نقاش طويل حوله وجلسة أو جلسات استجواب، ولذلك لضمان كفاءته ونزاهته وامانته وحسن سيرته، لذلك ليس هنالك ما يستدعى الغضب إذا واجه المرشح بعض الاتهامات هنا وهناك بغرض الحرص على المصلحة العامة، ويمكنه ان يرد عليها ويفندها بما يراه مناسبا من الطرق المشروعة، وحتى لو كانت بغرض الكيد وتشويه السمعة يمكنه ان يلجأ للقانون لإثبات كذبها وإدانة أصحابها وتبرئة نفسه، وليس هنالك أحد فوق القانون!!
* لا يعنى ذلك اطلاق الاتهامات وتشويه سمعة الناس زورا وبهتانا وكذبا لاختلافنا معهم في الرأي أو تعارض مصالحنا أو لأى سبب آخر، فلا دين ولا اخلاق ولا قانون يسمح بذلك، كما أن التهمة الكاذبة ترتد على صاحبها، طال الزمن او قصر والقانون كفيل برد الاعتبار واخذ الحقوق ومعاقبة الكاذب، وعلينا توخى الحرص في التعامل مع الاتهامات التي تُطلق من طرف ضد آخر، وعدم ممالأة هذا الطرف أو ذاك، أو نشر التهمة قبل التثبت من صحتها، فنصبح على ما فعلنا نادمين ومشاركين في الجرم والفسق. القانون فوق الجميع ولا قدسية لأحد !!
مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة