(أول فاول)
:: ما أن يجتمع اتحاد الصيادلة العرب، إلا ويأتي ممثل فلسطين من (رام الله)، وبعده مباشرة يأتي ممثل آخر لفلسطين أيضاً من (غزة)، فتحتار سكرتارية الاتحاد في أمرهما وأمام أيهما تضع علم فلسطين؟.. وبالصومال والعراق – وأخريات تحولت فيها ثورة الربيع العربي إلى فوضى – كان العامل في الدولة يصرف أكثر من راتب ويدفع أكثر من ضريبة، إذ لكل جماعة قانون دولة وأجهزة دولة (تدفع وتستلم).. وكذلك كل مؤسسة من مؤسسات الإنقاذ كانت (دولة جوة دولة).
:: وديمقراطية كانت أم شمولية، كثيرة هي عوامل فناء الأنظمة.. ولكن أخطر عوامل فناء الأنظمة صراع السلطات وتكاثر مراكز القوى في مفاصل أجهزة الدولة، وكان لهذا العامل تأثير أقوى من تأثير أحزاب المعارضة في إسقاط نظام البشير.. وبما أن العاقل هو من يتعظ بتجارب الآخرين، فعلى السادة بالمجلس السيادي ومجلس الوزراء وقوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين أن يتعظوا من العوامل التي ساهمت في انهيار نظام البشير، ومنها عامل صراع السلطات وتكاثر مراكز القوى في مفاصل أجهزة الدولة.
:: وعلى سبيل المثال، فالتصريح الأول للمجلس السيادي، بعد إعلان رئيس الوزراء للتشكيل الوزاري لحكومته، لم يكن تصريحا موفقا، وكذلك لم يكن تصريحا صحيحا.. لقد أعرب عضو المجلس السيادي، الفريق شمس الدين الكباشي، عن دهشته من عدم إعلان اسم وزير البنى التحتية والنقل في المؤتمر الصحفي الذي عقده رئيس الوزراء عبد الله حمدوك. وكشف الكباشي عن اعتماد المجلس السيادي (19 وزيراً)، مضيفا: (لا أرى أي سبب يمنع إعلان جميع الوزراء).
:: ثم تمادى الفريق الكباشي في الخطأ قائلا – لـ(السوداني) – بالنص: (حمدوك ليس لديه الحق في عدم الإعلان عن وزير البنية التحتية).. كل هذا فقط لأن رئيس الوزراء أرجع أمر اختيار وزيري النقل والثروة الحيوانية لوقت لاحق، وذلك لمزيد من الفحص والتدقيق و(التشاور)، بحيث يكونا – كما الآخرين – من ذوي الكفاءة المناسبة.. ومن الظواهر الصحية أن يدقق رئيس الوزراء في كل وزراء الوزارات، بما فيها الوزارات المسماة – في عهد المخلوع – بالوزارات الهامشية، ومنها النقل والثروة الحيوانية و(الصحة طبعا).
:: وفي آخر تشكيل وزاري للنظام المخلوع، قال أحدهم بلا حياء: (تنازل المؤتمر الوطني عن وزارات مهمة للشُركاء)، ولم يسأل نفسه: ما معنى الوزارات المهمة؟ وهل هناك وزارة غير مهمة؟ ولماذا تستنزف هذه الوزارات الموارد المحدودة وهي (غير مهمة)؟ كل الوزارات، إن كانت فاعلة ومنتجة، مهمة للغاية.. وكل الوزارات، إن كانت خاملة وكسيحة وغير منتجة، غير مهمة إطلاقاً.. فالمنصب يكتسب أهميته من تأثيره في حياة الناس، ولكن نهج النظام المخلوع كان يفسد كل الأشياء بالتصنيفات الحمقاء.
:: وعلى كل، لأنها ثورة لترسيخ المؤسسية، كتبت – في ذات زاوية – بالنص: (نخشى على الجهاز التنفيذي من تغول النافذين بالمجلس السيادي، كما كان الحال في النظام المخلوع).. وللأسف، هذا ما يفعل الفريق الكباشي حاليا، ربما لجهله بنصوص الوثيقة الدستورية أو لرغبته في تأسيس نهج (دولة جوة دولة).. لقد ارتكب الكباشي (أول فاول)، رغم أنه يعرف قواعد اللعب.. ناهيكم عن وزيري النقل والثروة الحيوانية، فإن لرئيس الوزراء سلطة عدم الإعلان عن كل الوزراء الذين اعتمدهم المجلس السيادي، ثم استبدالهم بوزراء آخرين، ليعتمدهم المجلس السيادي (مرة أخرى).
إليكم … ألطاهر ساتي
السوداني