زهير السراج

المحاكمة العبثية !!


* في أقواله أمام المحكمة التي تحاكم الرئيس المخلوع بتهمة حيازة أموال بطريقة غير مشروعة، قال مدير مكتبه السابق وأحد شهود الدفاع اللواء (ياسر بشير) إنه قام بتسليم بعض المبالغ (كاش) لجامعة أفريقيا والسلاح الطبي بأمر من المخلوع في محاولة بائسة من هيئة الدفاع لتبرئته رغم اعترافه القاطع (بدون حياء أو خجل) بفضيحة استلام رشاوى من جهات اجنبية، والاحتفاظ بأموال بطريقة غير مشروعة، والتعامل بالنقد الأجنبي خارج القنوات الرسمية، وهى اعترافات كافية لإدانته في هذه المسرحية الهزلية التي قصد منها إلهاء الناس عن الجرائم الحقيقية التي ارتكبها !!

* تخيلوا أن يُحاكم هذا المجرم القاتل بهذه التهم المضحكة رغم فداحة وخطورة الجرائم التي ارتكبها خلال فترة حكمه البغيضة، وعلى رأسها قتل (ثلاثمئة ألف) مواطن في دارفور، وقتل المتظاهرين الابرياء، بالإضافة الى تقويض الشرعية الدستورية والانقلاب على النظام الديمقراطي، وغيرها من الجرائم!!

* هذه الجرائم ثابتة لا تحتاج لإثبات أو تحرى أو أدلة أو البحث عن شهود، فلقد اعترف المجرم المخلوع على رؤوس الأشهاد (وهنالك تسجيلات تلفزيونية)، بأنه قتل (10 ألف) مواطن في دارفور (فقط)، كما أن جريمة الانقلاب معلومة بالضرورة، وهى مثبتة في البيان الأول للانقلاب، مما كان يحتم على النائب العام أن يبدأ بها وليس بالمسرحية الهزلية التي نشاهدها الآن، بالإضافة الى معاملته وكأنه لا يزال رئيس الدولة، يرفض الذهاب الى المحكمة بعربة السجن فتأمر له السلطات بعربة فخمة تليق بمكانه، وتمنع سلطات سجن كوبر وفد المجلس السيادي من رؤية زنزانته بسجن كوبر حتى لا يتكشف السر المقدس عن الرفاهية التي يعيش فيها !!

* عندما عينت اللجنة الأمنية نفسها حاكمة على البلاد في 11 ابريل كان أول تصريح لها بعد البيان الأول الهزيل، بأنها لن تسلم المخلوع للمحكمة الجنائية وستحاسبه في السودان، ثم تولى المجلس العسكري قيادة البلاد واطلق نفس التصريحات، وذهب نائب عام وجاء آخر وقام عدد من المحامين الوطنيين بفتح بلاغ ضد المخلوع بتقويض الشرعية، ولكن لم نسمع ولم نر شيئا غير المسرحية المعروضة الآن، ولم يخضع أي مسؤول آخر في النظام البائد الذى قتل وسرق ودمر البلاد لأى تحقيق جاد او توجيه اتهامات واضحة !!

* في عام 2004 قام المجرم المخلوع تحت الضغط الدولي الكثيف بتكوين لجنة تحقيق في جرائم دارفور، توصلت بعد تحرى وتحقيق دقيق بارتكاب جرائم إبادة، ورفعت تقريرها للرئيس المخلوع الذى امر بتشكيل محاكم صورية لمحاكمة بعض صغار المجرمين، مما أدى لتدخل مجلس الامن وإحالة ملف جرائم دارفور الى المحكمة الجنائية الدولية، التي وجهت للمخلوع وآخرين اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وجرائم الابادة جماعية، وأصدرت لهم اوامر قبض، ولكنهم ظلوا بعيدين عن أيدى العدالة حتى هذه اللحظة رغم فداحة الجرائم التي ارتكبوها، فلماذا لا تشرع الدولة بعد سقوط النظام البائد في توجيه هذه التهم إليهم وفتح التحقيق معهم، إذا لم تكن ترغب في تسليمهم للعدالة الدولية، خاصة مع الحديث المتكرر عن ايقاف الحرب وتحقيق السلام الذى لا يمكن أن يتحقق بدون تحقيق العدالة؟!

* إن المحاكمة التي تجرى للمخلوع الآن ليست سوى مسرحية هزلية، لن يضحك بها علينا أحد، ولن نسكت عن المطالبة بالاقتصاص لشهداء دارفور وشهداء ثورة ديسمبر المجيدة، وكل ضحايا النظام البائد وما ارتكبه من جرائم، مهما طال الزمن !!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة