الطيب مصطفى

زلزال الوثيقة المزورة ..!


بربكم ماذا نقول عن رجل نصبناه وزيراً ومفتياً لعدالتنا رغم عدم تأهيله اخلاقياً لذلك الموقع الخطير، ليهرف بفتوى يعلم يقيناً انها باطلة ولن تقوى على الصمود أمام كل من يطعن فيها او يقدح في شرعيتها؟!

كيف بالـله عليكم نطمئن الى عدالة يمسك بخطامها رجل لا يتورع عن ابسط ابجدياتها واسسها ومقوماتها، وأي مستنقع نكاد الآن نغرق في وحله الآسن وقد اختلط حابلنا بنابلنا وبتنا نعيش في درك سحيق من التخبط الذي لا ندري المصير القاتم الذي يسوقنا اليه ونحن مغمضو الأعين بل عميانا نهوي، او نكاد، الى قعر لا قرار له ولا قاع؟!

إننا امام غرائب وعجائب وزير عدل بني قحتان الذي افتى بدون أن يطرف له جفن، رغم علمه بخطل وخطأ فتواه ، بحق مجلس السيادة في تعيين رئيس القضاء والنائب العام بالرغم من اقراره بأن هناك وثيقتين متناقضتين تحكمان الفترة الانتقالية، ثانيتهما مزورة رغم انف كل ذلك الاحتفال الصاخب الذي وثقه حضوراً وتوقيعاً شهوده المحليون والاقليميون والدوليون!

القضية التي نحن بصددها الآن ايها الناس اكبر من مشكلة تزوير الوثيقة الدستورية، ذلك انها تشكك وتقدح في شرعية كل النظام القائم بما فيه مجلس السيادة ومجلس الوزراء كما سأبين في هذا المقال، ولكن دعونا اولاً نذكر ببدايات الازمة الدستورية التي تمسك الآن بخناق بلادنا المأزومة.

الوثيقة الاصلية التي وقعت يوم 17 أغسطس 2019 امام ناظري الدنيا، زورت في ليل حالك السواد واعتمد حكامنا من بني قحتان والعسكريين الوثيقة المزورة ليتجاوزوا (مطباً) خادعوا من اجله كل الشعب السوداني بل كل العالم، ليصلوا الى مبتغاهم الصغير الذي بسببه تعروا من ورقة التوت امام الدنيا وقبل ذلك امام شعبهم المبتلى بسوء فعالهم واخلاقهم وهم يسقطون في امتحان الصدق والمصداقية مرة تلو اخرى، فيا حسرتاه!

هؤلاء هم من ملأوا الدنيا زعيقاً وضجيجاً، قدحاً وذماً في النظام السابق، ورفعوا شعارات (حرية سلام وعدالة) التي خادعوا بها الشباب، وتاجروا من خلالها بدماء الشهداء، ومارسوا كل صنوف البلطجة والاقصاء تجاه معظم الكيانات السياسية والحركات المسلحة، وتنافسوا على المناصب التي جاءوا يتراكضون عليها من وراء البحار.

تنص الوثيقة الاصلية التي شهد عليها العالم على عدم جواز تعديلها او الغائها إلا باغلبية ثلثي اعضاء المجلس التشريعي الذي لم يشكل حتى الآن، ونظراً لحاجتهم الماسة الى استصدار قرارات حول تعيين رئيس القضاء والنائب العام، اجروا تعديلاً منح صلاحيات المجلس التشريعي لمجلسي السيادة والوزراء اللذين ينبغي ان يجتمعا لاتخاذ القرار.

انتقل الى الزلزال الذي كشف عنه الاخ د. مزمل ابو القاسم والذي يهدد بانهيار كامل للنظام الحاكم بمجلسيه السيادي والوزاري، ولكن دعوني اقول مهنئاً د. مزمل انه لو لم يكتب في حياته غير هذه (الكفارة) لكفاه، ولا اعني بالكفارة خطيئة ارتكبها الرجل في حق الـله تعالى ودينه القويم، فلست اهلاً لانصب نفسي حاكماً بامره تعالى، ولكنها كفارة عن كل ما فرى به كبدي وفقع به مرارتي خلال كتاباته المخالفة لرأيي، بل ان ما كشف عنه مزمل ربما لا يقل عن فضيحة ووترقيت التي اطاحت بالرئيس الامريكي نيكسون والتي فجرتها صحيفة الواشنطون بوست!

ما كشفه مزمل أن هناك نصاً قانونياً ينص على الآتي: (يجب أن ينشر كل قانون في الجريدة الرسمية في ظرف اسبوعين من تاريخ اصداره، ويسري القانون ويعمل به بعد مضي شهر من تاريخ نشره، ما لم ينص فيه على تاريخ آخر) كما كشف عن مادة مخفية في الوثيقة الدستورية وهي (المادة 25)، فضلاً عن عدم نشر الوثيقة الاصلية وكذلك المزورة في الجريدة الرسمية بعد، ولم تأخذ المحاكم علماً قضائياً بها ولم تكتسب شرعية تؤدي الى سريانها، وبالتالي تصبح كل التدابير والاجراءات والقرارات التي اتخذت بموجبها باطلة، بما في ذلك تكوين مجلسي السيادة والوزراء واية قرارات اخرى اتخذت بعدها او بواسطة المؤسسات التي تكونت بموجبها).

وختم مزمل مرافعته الزلزالية بأن تعيين وزير العدل نفسه باطل لأنه صدر بموجب وثيقة غير دستورية!
هذه هي دولة سيادة حكم القانون التي تريد (قحت) ان ترسيها في بلادنا، وهذه هي الدولة التي ترفع شعارات (حرية سلام وعدالة)!
رحم الـله صلاح بن البادية

لا نملك إلا أن ندعو للفنان الكبير صلاح بن البادية الذي اقتربت منه لفترة من الزمن جراء مصاهرة جمعت بيني وبينه، ولمست فيها طباعاً حميدة وسلوكاً حسناً، وبقدر ما كان مبدعاً في فن الغناء الذي رفد فيه المكتبة برصيد وافر من الطرب الجميل، كان كذلك مجيداً في مدح رسول الـله صلى الـله عليه وسلم، بمدد من بيت عريق في التصوف أسسه والده العالم العابد الشيخ الجيلي أبو قرون.
نسأل الـله له المغفرة والرحمة.. وتعازيَّ الحارة لأسرته وأهله ومحبيه.

الطيب مصطفى – زفرات حرى
صحيفة الإنتباهة