حالة طوارئ !
* يجب ان تعلن الحكومة حالة الطوارئ الصحية فورا وبشكل عاجل في بعض الولايات حتى يتحرك العالم للمساعدة في مواجهة الوضع الصحي المتردي، الذى يزداد سوءا من يوم لآخر رغم الجهود التي تبذلها وزارة الصحة، ولكن تقف دون تقدمها الإمكانيات الضعيفة!
* لا شيء يعيب في اعلان حالة الطوارئ الصحية حتى لو أدت لاتخاذ تدابير وقائية من الدول والمنظمات في التعامل مع السودان لفترة مؤقتة، بدلا من دفن الرؤوس في الرمال، الى ان يستفحل الوضع ويخرج عن السيطرة ويصبح السودان معزولا عن العالم لا تدخله إلا فرق الطوارئ الصحية، ولا يخرج منه أحد .. !
* لو ظن البعض أن هذا مجرد خيال او احتمال بعيد، فلينظر الى التاريخ القريب جدا لبعض الدول المحيطة بنا، مثل الكونغو وغينيا وليبيريا ..إلخ التي تفشى فيها وباء (الإيبولا) المميت قبل بضعة اعوام ولا تزال بعض الحالات تظهر حتى الآن، رغم اعلان حالة الطوارئ الصحية واتخاذ التدابير الوقائية الصارمة وانهمار سيل المساعدات الدولية الكثيفة !
وأرجو ألا يفوته النظر إلى الخريطة الصحية الحالية للبلاد .. ونوع وخطورة الأمراض المتفشية التي يرتبط معظمها بتردي البيئة وانعدم القواعد الصحية السليمة سواء على المستوى الجماعي او الفردي، وتلوث مصادر الغذاء والماء بالميكروبات مثل بكتريا الكوليرا، والانتشار الكثيف للذباب، وللبعوض (بأنواعه المختلفة) الذى ينقل بعض الامراض الخطيرة مثل حمى الضنك وحمى الوادي المتصدع وحمى الشيكونغونيا) التي تنتشر الآن في بعض الولايات وتقترب شيئا فشيئا من الخرطوم، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء الذى يكثر فيه انتشار البعوض لأسباب تتعلق بالظروف الطبيعية المناسبة لتكاثره ونموه، وعدم اهتمام الناس بتجفيف أجهزة التكييف غير المستعملة، وانتشار البرك الناتجة عن انفجار المواسير القديمة الناقلة للماء بسبب ارتفاع ضغط الماء في فصل الشتاء لانخفاض نسبة الاستهلاك ..إلخ!
* كشفت آخر الإحصائيات الرسمية عن تسجيل 1500 حالة لمرض حمى الضنك بولاية كسلا، و50 بولاية غرب دارفور، و30 بولاية شمال دارفور، و9 حالات بولاية البحر الأحمر، و3 بجنوب دارفور ، وحالتان بولاية سنار وحالة بكل من القضارف وشمال كردفان .. لاحظ الانتشار الأفقي الواسع للمرض من اقصى الشرق الى اقصى الغرب بالإضافة الى الوسط !
* كما تم تسجيل حوالى 300 حالة لمرض حمى الوادي المتصدع بولايات كسلا، نهر النيل، القارق والخرطوم، وما يزيد عن 100 حالة من مرض الشيكونغونيا بولايات مختلفة، و130 حالة كوليرا بولاية سنار، وتتشابه كل هذه الامراض في طبيعتها الوبائية وسرعة انتشارها، وارتباطها بتدهور البيئة الصحية وتراكم القمامة والاوساخ وانتشار الحشرات الناقلة (البعوض أو الذباب)!
* إذا أضفنا الى ذلك ارتفاع نسبة الفقر، وسوء التغذية، والحالة الصحية المتردية، ووجود البيئة المناسبة لنمو وتكاثر الميكروبات والحشرات الناقلة، وضعف الإمكانيات الصحية وارتفاع اسعار الدواء وانعدام الثقافة الصحية، وغياب برامج التوعية والإرشاد والتثقيف الصحي عن كل اجهزة الاعلام ومحطات التلفزيون التي تحولت الى صالونات للتبييض والتفتيح وتنعيم البشرة وعرض الأزياء، واماكن للحذلقة واللهو الرخيص وإلهاء الناس عن القضايا المهمة، وتغييب الوعى العام ..إلخ، لاكتشفنا أننا أمام خطر داهم وانفجار وبائي وشيك إذا لم تتعامل الدولة مع الاوضاع القائمة بالجدية والصرامة، ويتحمل كل شخص مسؤوليته بكل شجاعة واخلاص!
* لا يكفى مواجهة ما يجرى في كسلا والبحر الأحمر ونهر النيل ودارفور وبقية ولايات السودان بالإجراءات الصحية الروتينية، وانما بإجراءات فوق العادة تستنفر كل الجهود الداخلية وتدعو العالم لتقديم المساعدة العاجلة، بدون تردد او تلكؤ او خوف، بالإضافة الى تجاهل أصوات الجهلاء من انصار النظام البائد الذين يريدون لهذا الشعب ان يعيش في الظلام حتى يسهل عليهم مواصلة السرقة والنهب والفساد !
مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة