صلاح الدين عووضة

عـــذابهــا!!


ونعني الفلسفة..
وشهر نوفمبر هذا – من كل عام – يشهد اليوم العالمي للاحتفال بها..برعاية اليونسكو..
وتحديداً الخميس الثالث من الشهر..
كما يشهد الشهر نفسه اليوم العالمي لمرض السكر؛ مصادفة عجيبة..وموفقة..
فالفلسفة قد تقود إلى الإصابة بهذا الداء..
كما قد تقود- أيضاً- للجنون..أو العزلة..أو الإلحاد..أوالتشكيك في أي شيء..
وفلاسفة المسلمين شككوا في كثير من مسلَّمات العامة..
ومنها – ويشاركهم في ذلك كاتب هذه السطور- عذاب القبر..فهو ضد الدين..
ثم ضد المنطق – والفلسفة – كذلك..
فرب العزة – ذاته – يقول في كتابه العزيز « قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا»..
ولا يُفهم من الآية هذه إلا الدهشة..والذهول..
ولا يمكن أن يدهش – أو يُذهل – من يُعذب في قبره؛ ويحس بالعذاب..ويشعر..
ثم إن هذا الاستشعار يعني أن الروح عادت لصاحبها..
وهذا يناقض – أيضاً – المنطق..والفلسفة؛ كما يناقض الدين بالقدر نفسه..
فالدين يُعلمنا أن الروح تذهب للبرزخ..فور حدوث الموت..

ثم يُعلمنا كذلك – بجلاء شديد – أنها لا تعود إلى جسد صاحبها أبداً..إلا يوم البعث..
أو بنص كلام الله «ومن ورائهم برزخ إلى يوم يُبعثون»..
فكيف تعود – إذن – قبل هذا اليوم لجسد صاحبها ليستشعر العذاب في قبره؟..
كلام لا يقبله دين..ولا منطق..ولا فلسفة..
والفلسفة والمنطق مقرونان بالدين من زاوية الحث على التفكر..والتدبر.. والتعقل..
وهذه هي الصلة ذات الطريق الذي يقود إلى لافتتين..
إما لجهة اليمين؛ إن أحسن المرء حث عقله على التفكر من منطلق معجزة الكون..
وإما لجهة اليسار؛ إن اعتد – فقط – بمعجزة عقله..
ولذلك يُصنف الفلاسفة إلى موحدين..وملحدين..وماديين..لا أدريين..
ومن عذابات الفلسفة – كذلك – العذاب السياسي..
فغالب الفلاسفة يؤمنون بالحرية مطلقاً؛ حرية الفكر..والمعتقد..والتوجه السياسي..
فيعذبهم – من ثم – توجه الأنظمة الأُحادية القابض..
القابض على كل شيء؛ الدولة..والسلطة..والثروة..
والعقل..وحقوق الإنسان..
بل وحتى الأماني التي في الصدور..إن قاد إليها الشك..
وفي هذا تتفق الفلسفة مع الدين؛ فالحرية هي الأصل..حتى وإن قادت إلى الكفر..
الكفر بفكر فيلسوف..أو بدين الله..
فيقاتل الفيلسوف من أجل أن يقول من يكفر بفلسفته رأيه؛ وهذا شعار الفلاسفة..
ويستنكر الله فرض الإيمان على من يكفر بدينه قسراً..
وفي هذا يقول مخاطباً نبيه الكريم «أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين»..
وكاتب هذه السطور ليس بفيلسوف..ولكنه يتفلسف..
ومن ثم فقد تعذب – ثلاثين عاماً – مع سياسات الإنقاذ (القابضة)..ذات العذاب..
بأكثر مما كان يُعذبه شعار (ما لدنيا قد عملنا)..
وتبسم علي عثمان اللزج..وتحدى نافع السمج..ورقص البشير الرجرج..
وغناء عوضية (عذاب) !!.

صلاح الدين عووضة
بالمنطق
الانتباهة