زهير السراج

صامولة .. صامولة !


* تخرج علينا كل يوم قوى الحرية والتغيير بتصريح عن حل المؤتمر الوطني، بينما يزداد المؤتمر الوطني كل يوم شراسة ضد الحكومة والثورة والثوار والشعب، ويتفنن رئيسه (غندور) في تدبيج المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي يسخر فيها من مزاعم الحل ويتحدى ويرغى ويزبد، يسانده باش كتبة النظام البائد في الصحف التي أسسها النظام من أموال الشعب، وسجلها بأسماء أفراد بحكم القرابة او الولاء، وبذل لهم الأموال والعطايا بالمليارات، ووفر لهم الطباعة في مطابع الدولة بتسهيلات ضخمة وديون طويلة الأمد غير قابلة للدفع، واحتكر لهم الاشتراكات والإعلانات الحكومية بما يدر عليهم الأرباح الطائلة مع حرمان غيرهم، فتطاولوا في البنيان وصاروا من اصحاب الاموال والقصور، بعد ان كانوا حفاة عراة لا يملكون شروى نقير!
* توقع الكثيرون ان تفتح الحكومة هذه الصفحة السوداء من الأموال المنهوبة وإعادتها للشعب بعد سقوط النظام، ولكن لم يحدث شيء، وظل كل شيء كما كان ولم تجرؤ الحكومة على إيقاف الاشتراكات، بل حدث العكس إذ تجرأ ناشروها بالهجوم الشرس على الحكومة والتحريض على الثورة، واثارة الفتن الدينية والعنصرية والعرقية، مستغلين ضعفها وترددها في إزالة النظام البائد رغم النص الواضح في الوثيقة الدستورية بتصفية بنية التمكين واقامة دولة القانون والمؤسسات، ولكن لا يبدو في الافق أي ملمح لذلك .. ولو افترضنا ان السبب هو قصر المدة التي تولت فيها الحكومة المسؤولية، فلماذا لم تقم على الاقل بتشكيل لجان قانونية ومالية لمراجعة المؤسسات الاعلامية والصحفية تمهيداً لتصفيتها واستعادة الأموال المنهوبة، وإعادتها للشعب الصابر على الظروف المعيشية القاسية والغلاء الفاحش؟!

* خرج علينا قبل بضعة ايام تجمع المهنيين ببيان وصف فيه حزب المؤتمر الوطني بالحزب النازي، وطالب المجلس السيادي والحكومة بإصدار قرار بحله وهدد بتسيير مليونية، كما تعهد القيادي بقوى الحرية والتغيير (وجدي صالح) بتفكيك الحزب (صامولة صامولة)، ومصادرة ممتلكاته وأمواله ــ وهي ليست ممتلكاته وأمواله ــ وقال إن لديهم من الملفات ما يكفي، وإن الشعب السوداني سيرى قرارات خلال الأيام القادمة تصب في مصلحة الثورة، كما تداولت الوسائط مشروع قانون لتفكيك نظام الانقاذ .. وقبل أن يجف الحبر الذي كُتب به البيان وتصريحات (وجدي صالح)، خرج (البرهان) في حوار مع قناة (الجزيرة) ليرد عليهم بأن حل الحزب لن يكون الا عبر القضاء والاجهزة العدلية، وهو ما يمكن ان يأخذ سنوات طويلة!

* وبينما تجرى هذه المساجلات، ويبرز المجلس العسكري عضلاته في مواجهة الثورة والشعب، ويسيطر على السلطة، ويتدخل في أعمال الحكومة ويجردها من اختصاصاتها، ويخدرها بمعسول الحديث عن التعاون بين الطرفين ودعمه لها، يستمر انصار النظام البائد في السيطرة على الخدمة المدنية وكل المناصب الرئيسية والمهمة في الوزارات والمؤسسات الحكومية، بل وفي أخطر المواقع حساسية مثل البعثات الدبلوماسية في الخارج سواء في الدول او المنظمات الدولية مثل الامم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والمنظمات التابعة لهم وغيرها، وكان من المفترض ان تأخذ الأولوية في التغيير وإبعاد عناصر النظام البائد، وتعيين عناصر تؤمن بالثورة وتعمل من اجل تحقيق اهدافها، وتسعى مع تلك الدول والمنظمات بجدية وامانة واخلاص للعمل من أجل مصلحة السودان، ولكن للأسف ظلت وزارة الخارجية تستبقي عناصر النظام البائد في اماكنهم، بل يتداول البعض تصريحاً لوكيل الوزارة بأنهم لن يقصوا أحداً، ولا ادري كيف تثق الحكومة في عناصر تنتمي للنظام البائد وتخلص له في نقل وجهة نظرها للعالم الخارجي بشكل صحيح والعمل من اجل مصلحة البلاد، إن لم يكن التآمر عليها!

* يبدو ان الذي سيجري تفكيكه (صامولة صامولة) هي الثورة وتطلعات الجماهير، وليس حزب المؤتمر الوطني ونظامه الفاسد وبُنية التمكين!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة