صلاح الدين عووضة

من البقر؟!


فالبقر تشابه علينا..
هكذا قال فيصل القاسم في تغريدةٍ له… ومنها استوحيت عنواني هذا..
بل أعجبني تشبيهه لحالنا… بحال هولندا..
أو تشبيه بقرها ببقرنا ؛ ومن ثم اقتصادها باقتصادنا… وحالها بحالنا..
فكان تشبيهاً ظريفاً… ومؤلماً ..
فهولندا لا تملك سوى مليون بقرة… فقط..
ولكنها تجعل منها واحدة من أكبر منتجي الألبان – ومشتقاتها – في العالم..
بينما نملك نحن 30 مليون بقرة… ومثلها من الضأن..
ورغم ذلك فنحن جوعى… وفقراء… ومساكين… ونستجدي الإعانات الخارجية..
بل ونستورد الألبان من ذات المليون بقرة هذه..
شيء مضحك… وشر البلية ما يُضحك..
وبعد هذه الإضافات الأخيرة – من عندي – أعود لكلام القاسم… بتصرف صياغي..
فهو يتساءل : إذن أين المشكلة؟..
هل في البقر الهولندي؟… أم السوداني؟… أم الذي يحكم اقتصادنا؟… ويتحكًّم فيه؟..
والضمير هنا يُرجعه إلى العرب كافة… بذكاء..
فرغم أن الحال من بعضه – نسبياً – إلا أن واقعنا أكثر مدعاة للدهشة..
فما من دولة عربية تملك مثل ثروتنا الحيوانية..
ولا المائية… والمعدنية… والزراعية… والسمكية ؛ وربما النفطية – والغازية – أيضاً..
ويختم القاسم ساخراً : لقد تشابه علينا البقر..
فهو أشكل عليه التمييز بين بقر هولندا… وبقر السودان… وبقر الأنظمة..
وجاءت تغريدته هذه عقب كلمتي (مردوم)..
والتي بُدل عنوانها هذا – بالمناسبة – ليصير (عذابها)… وهو عنوان كلمة سابقة..
فقد وُصفت بالمتشائم ؛ رغم الثورة… وبشرياتها..
علماً بأنني أحب أن أتبع المنطق البارد عند تشخيص الأمور… لا العاطفي..
وأعيب كثيراً على المحللين اتباع الهوى..
فيندر أن تجد محللاً سياسياً لا يُقحم عواطفه – وميوله – في سياق تحليلاته..
فتجيء – من ثم – رأياً شخصياً… لا تحليلاً منطقياً..
وفي كلمتي التي عُوتبت جراءها عبت – بدوري – على مسؤولينا كثرة الأسفار..
وذلك بغرض البحث عن حلول لمشاكلنا خارجياً..
مع أن جانباً كبيراً من الحلول هو داخلي هنا… تحت أرجلهم… ومن بين أيديهم..
فالأسفار لم تُسفر عن شيء حتى الآن..
أو أسفرت – فقط – عن كلام ينافس الأسفار هذه كثرة..
وهو – بالضبط – ما كان يفعله مسؤولو النظام البائد… وقع الحافر على الحافر..
فشبعنا كلاماً.. وجعنا بطوناً..
فلماذا لا نحاول الاعتماد على الذات بما أن الخارج هذا لديه حسابات طويلة المدى؟..
فالفقر… لا ينتظر… ولا الجوع… ولا مرض الجنيه..
وثروات بلادنا كثيرة ؛ فقط هي ذات وجود بالقوة… حسب التوصيف الفلسفي..
وليغدو وجوداً بالفعل نحتاج لعقلية هولندية..
عقلية عرفت كيف تجعل من وطنها دولة غنية بفضل مليون بقرة ؛ بس..
بينما نملك نحن ثلاثين مليون بقرة..
فمن البقر ؟!.

صلاح الدين عووضة
صحيفة الإنتباهة