بغباء ..!!
لعلهم يرجعون..
هذه العبارة – ومثيلاتها – ترد في القرءان كثيراً…من باب النصح..
والذي يجيء من بعد نصح…تلو نصح…إثر نصح..
بمعنى أنه قد يكون بمثابة صافرة إنذار أخيرة…يُغلق بعدها باب النصح هذا.. والنهج هذا اتبعناه مع أهل الإنقاذ كثيرا…لعلهم يرجعون.. ومنها كلمتنا هذه التي بذلناها لهم نصحاً قبيل سقوطهم بقليل…مع ترميز متعمد.. فلم يكن أمامنا سوى تقريب المعنى رمزاً…لعلهم يفهمون..
وذلك جراء رقابة على الكلمة…مدفوعة هي نفسها برقابة من البشير شخصياً.. وويلٌ لرقابة لا تقوم بواجبها..
وويل – أكثر – لصاحب كلمة تفلت كلمته من الرقابة هذه..
وبعد فوات الأوان أقر أحد شيوخهم – أحمد عبد الرحمن – بصحة قولنا هذا.. قال إنهم أخطأوا حين ساروا خلف رجل واحد…دونما تفكير..
وكلمتنا – المعنية – كانت عن حالة (غباء) قد يتشابه فيها البشر مع الحيتان.. ومعها سلبٌ للإرادة…برضا من الإرادة..
فالانتحار قد يقود إليه الاكتئاب الحاد…فيما يلي البشر..
والاكتئاب قد يقود إليه إحساس المرء بأنه فقد كل دافعٍ عنده للحياة..
وفقدان الدافع قد يقود إليه سبب في غاية التفاهة..
يعني – مثلاً – ربما يكون السبب تخليِّ أنثى عن الذي كان يقول لها (حياتي).. وارتباطها بآخر ترى أنه الذي يمثل لها (حياتها)..
فيفقد – من ثم – أية رغبة له في أن (يحيا)…بعد أن جردته من أسباب (الحياة)..
وقد يكون العكس صحيحاً – كذلك – مع تفاوت في المقارنة..
فالمرأة لا تجن – أو تنتحر – بسبب رجل…إلا إن كان يشكل لها (كل الحياة).. وربما يكون فقد وظيفة يراها صاحبها (كل حياته)..
وهنالك من فقدوا حيواتهم – ببلادنا – فور أن فقدوا وظائفهم جراء (الصالح العام)..
وهم – قطعاً – لم يتعمدوا الانتحار…وإنما المرض..
أو على الأقل لم يقاوموه – نفسياً – رغم علمهم بما قد يؤدي إليه الاكتئاب (النفسي)..
وباختصار ؛ فقدوا الرغبة في الحياة…فتخلت عنهم الحياة..
وهناك من ينتحرون – من الشباب – عقب ظهور نتائج امتحانات يرونها (الحياة).. وأكثر ضحايا هذا النوع من الانتحار البنات…لحساسيتهن..
أو لشدة ضعفهن في مواجهة (قوة) النقد…والشماتة…و(الحياة)..
وكل حالات الانتحار هذه فردية رغم إنها – عند النظر إليها شمولاً- تُعد جماعية.. ولكن ثمة حالات انتحار بشري جماعي كانتحار الحيتان..
وقبل فترة حدثت أكبر ظاهرة انتحار جماعي للحيتان في الخليج الذهبي بنيوزيلندا.. مئات الحيتان جنحت نحو الشاطئ لتموت انتحاراً..
أو هكذا يظن غير المتخصصين في علم سلوك الحيوان…والحيتان تحديداً.. فالتفسير العلمي لهذه الظاهرة أن الحيتان تهاجر جماعياً..
وأن هذه الهجرة تكون تحت إمرة قائد متنفذ ؛ تطيعه الحيتان حيثما ذهب.. وأن هذا القائد قد يعتريه مرض طارئ خلال الرحلة..
وأن هذا المرض قد يشوش على (الرادار) الطبيعي للحيتان الذي برأسه.. وأن هذا التشويش قد يدفعه نحو الاتجاه الخاطئ..
وأن الحيتان تتبعه صوب هذا الاتجاه الخاطئ…وإن كان يقود إلى اليابسة.. وأنها تموت معه هناك ليبدو الأمر كانتحار جماعي مقصود..
والآن رجوعاً إلى البشر نقول إنهم قد ينتحرون جماعياً أيضاً ؛ مع الفارق.. الفارق في (العقل) الذي يميز بينهم والحيتان..
أو ربما لا يكون هنالك فارق حين يلغي البشر عقولهم هذه لصالح عقل القائد.. هذا إن كان له عقلٌ أصلاً..
وعندها قد يقودهم إلى الهلاك الجمعي ؛ حرباً أم سلماً..
بمعنى إن لم يهلكهم جماعياً – في الحروب – فهو يهلكهم بطرائق أخرى.. يهلكهم جوعاً…أو مرضاً…أو قهراً…أو اكتئاباً..
فينتحرون جماعياً…ببعض إرادتهم..
وكامل غبائهم !!.
صلاح الدين عووضة
صحيفة الإنتباهة