تحقيقات وتقارير

السلام بين المدنيين والعسكريين .. تعدُّد مسارات التفاوُض


اعتبر الناطق الرسمي للمجلس المركزي لقِوى الحرية والتغيير إبراهيم الشيخ، الطريقة الحالية للتفاوُض بأنّه لا تُحقِّق السلام، لذا قال: نُحاول تَحويل ملف السَّلام من ملف أمني إلى سياسي اقتصادي شامل، ولفت إلى وجود ثلاثة قوى سياسية لكل واحدة منها رؤية ولجنة للسلام، واتّهم مجلس الوزراء بالتماهي مع مجلس السيادة بتشكيل لجنة للتفاوُض مع الحركات المُسلّحة في (جوبا) وتحديد مسارات التفاوُض، كَمَا اتّهم المجلس السيادي باختطاف مَلَف السَّلام.

قوة ثلاثية

وكشف الشيخ، عن وجود ثلاث لجان للسلام في مجلسي السيادة والوزراء ولجنة ثالثة بقِوى الحرية والتغيير، فضلاً عن إعداد كل طرفٍ ورقة حول السلام، وأضاف: (اجتمعنا وتحدّثنا عن عمل الجُزر المعزولة وتمّ الاتفاق على التّنسيق بين اللجان الثلاث)، وأشار إلى أنّ مجلس الوزراء كوّن أربع لجان للنقاش حول السَّلام، لجنة للقوانين والتشريعات برئاسة وزير العدل، ولجنة الحكم والإدارة برئاسة وزير الحكم الاتحادي، ولجنة الترتيبات الأمنية برئاسة وزير الدفاع، فَضْلاً عن لجنة الثروة والسُّلطة برئاسة وزير المالية، وقال إنّ اللجان باشرت أعمالها بقاعة الصداقة.

إرادة قوية

ويرى القيادي بحزب الأمة القومي عبد الرسول النور، أن السلام يحتاج إلى رؤية وإرادة قوية لأيِّ طرفٍ من أطراف التفاوُض، وبالتالي كَي يتم تَحقيق السَّلام لا بُدّ من نوايا تصحبها إرادة قوية، وقال النور لـ(الصيحة) إنّه حتى الآن لم تتّضح رؤية واضحة للسلام وهناك تحدٍ كبير ومُهم للأضلاع الثلاثة “الحكومة ومجلس السيادة ومُكوِّن قوى الحُرية والتغيير” للوصل إلى رؤية مُوحّدة لتحقيق السلام، وشَدّدَ على ضرورة كسر حاجز مُربّع الحرب وإحداث اختراقٍ في التفاوُض.

دائرة التشاوُر

وقال النور: لا يُمكن فصل الملفات الأمنية أو العسكرية عن الجوانب المدنية أو السياسية الأخرى، وكلٌّ يكمل مع بعضها البعض، وأضاف أنّ المحورين يكملان بعضهما البعض، ودعا إلى توسيع دائرة التشاوُر حتى يكتمل السلام، ومن الضروري أن يدفع القوى الثلاثة المجلس السيادي أو الحكومة أو قوى التغيير في اتّجاه توحيد رؤاها والدفع بملفٍ مُوحّدٍ ورؤيةٍ مُوحّدةٍ نحو السَّلام ولرؤية مُتّفق عليها.

تبعثُر المَسَارات

وانتقد السفير الطريفي كرمنو، تَبعثُر مَسَارات التّفاوُض خَاصّةً من الحركات المُسلّحة، وشدّد في حديثٍ لـ(الصيحة) على أهمية وحدة مَلفات التُفاوّض بأن يتّخذ دارفور مساراً وجنوب كردفان مساراً آخر، وكذلك النيل الأزرق، وأكد أنّ وحدة تلك المسارات يُؤثِّر كَثيراً على إحَلال السَّلام، وَأَضَافَ: حَتّى الوفد المُفاوض يَحتاج إلى أن يُوحِّد رؤاه تِجَاه من يُفاوض وهو ما يَسهِّل عملية السلام، وأعاب على الحَركات الحَديث عن منبر مُنفصل عن جوبا والذهاب تجاه الدول التي تَستطيع تحمُّل تكلفة التّفاوُض، واتّهم بعض الحركات بأنّها قبضت من الدول الراعية لمُفاوضات السلام في السابق، ويريدون تكرار نفس السيناريو في المفاوضات الجارية!

نوايا سيئة

وانتقد مصدرٌ سياسيٌّ لـ(الصيحة)، حديث إبراهيم الشيخ، ورأي أن حديثه فيه تشكيك في العلاقة بين المُكوِّن العسكري والمدني في مجلس السيادة وهو أمرٌ فيه نوايا غير سليمة، واعتبر أنّ قضية السلام سيادية، وأن الاهتمام به يُصب في صميم عمل السيادة بمُكونِّه العسكري والمدني، وقال إن مثل تلك التصريحات لا تقود إلى لمزيدٍ من التّوتُّر بين المُكوِّنين في المجلس السيادي وبالتأكيد لا تقود إلى سلام, وقال: ليس صحيحاً أن هنالك ثلاثة قوى تدير ملف التفاوض، وإنما هنالك مفوضية مسؤولة عنها الحكومة هي التي تُدير ملف السلام عنها، ودعا الابتعاد عن مُحاولة التشكيك في العلاقة بين المُكوِّن المدني والعسكري داخل مجلس السيادة الانتقالي.

حبل الكذب

وَوَافَق الكاتب الصحفي والمحلل د. ربيع عبد العاطي الناطق باسم قوى الحرية فيما ذهب إليه، وقال إنّ الطريقة الحالية للتّفاوُض لا تُحقِّق السلام، وأقرّ بأنّ هنالك تناقُضاً في الرؤى والمَفاهيم، مُختلفة بين تلك المُكوِّنات التي تَسعى إلى السلام، ونوه إلى أن عرمان جاء بمفهومٍ مُختلفٍ حول السلام في كل الأطروحات، بالتالي هنالك مُخادعات، الكل يحاول أن يكذب، ولكن حبل الكذب قصير، وقال: أعتقد أن المسألة حقيقية وشهد شاهد من أهلها حتى الأطراف المُشاركة في التفاوُض، كلٌّ له أطروحاته ومفاهيمه المُختلفة عن بعضها البعض.

تحويل الملفات

وأضاف عبد العاطي أنّه من أسوأ الأشياء التّظاهر بأنّ هُناك وفاقاً، وأكّد أنّ المسألة أعقد من كَون تَحوُّل الملف من يد العسكريين أو تحوُّله من ملف أمني إلى سياسي، لأنّ المسألة مُتعلِّقة بوجود برامج أم لا، وهو ما لا يُمكن الجزم به، وبالتالي سيكون من العسير الذهاب بملف السلام للأمام، ولا بُدّ من تصحيح المسار أولاً.

تقرير: صلاح مختار
الخرطوم (صحيفة الصيحة)