وللا كمان نعتذر؟
ما زال العبدلله يقف حائراً مندهشاً ومذهولاً أمام ما جاء على لسان هيئة الدفاع عن الرئيس المخلوع وهي تطالب الشعب السوداني بتقديم الشكر للمخلوع على ما قدمه لهذا الشعب من عمل كبير وقيم في حفاظه على المال العام وإنفاقه على القضايا الوطنية وعلى احتياجات البلد !
ومصدر الحيرة والإندهاش والذهول أن أعضاء هذه الهيئة هم من غلاة الإسلاميين الذين ينادون بتطبيق شرع الله وتنفيذ حدوده ويعلمون تمام العلم بأن ما فعله رئيسهم يتعارض تماماً مع كل (القيم) والمبادئ الإسلامية في ولاية الحاكم على المال العام (مال المسلمين) فهم وكما ثبت في المحاكمة يعلمون بأن هذه الأموال التي تم ضبطها تحت حيازة المخلوع قد جاءته بصفته حاكماً وليست بصفة شخصية (هلا جلست في بيت أبيك) ، كما أنه لم يعلن عنها الجهات المعنية (كتامي) وشرع يوزع فيها حسب أهوائه دون تفويض من أحد، ولو لم تقم هذه الثورة المجيدة لما عرف الناس بها أصلاً !
فأي إسلام يبيح (الكلام الفارغ ده) ؟ هل هذه هي التعاليم الإسلامية في التعامل مع المال العام؟ وهل هذا يعني أن القوم قد أعطوا رخصة (شرعية) لكل من يحكم بأن ما فعله رئيسهم المخلوع أمر جائز ولا غبار عليه فقهياً؟ أم هل هو تشويه (للدين) ورسالة (للكفار) من دول العالم الأخرى بأن الإسلام يجيز مثل هذه (الحرمنة) والتعديات على المال العام؟
ليس غريباً على اسلاموي الإنقاذ أن يضربوا بعرض الحائط كل ما جاء به الإسلام من أوامر ونواه وتعليمات وان يشوهوا صورته أمام العالم في سبيل أن ينالوا من عرض الدنيا الزائل من جاه وسلطان و(ترطيب) ولكن الأغرب أن يكون ذلك (علناً) وعلى الملأ دون أن يرمش لهم جفن أو يندي لهم جبين، هكذا وكأنما يحدثوننا عن (دين جديد) غير الدين الذي نعرفه والذي لم يترك شاردة ولا واردة إلا وبينها وفصلها تفصيلاً وجاء بالآيات والأحاديث التي توضح شأنها فليأتينا هؤلاء قبل أن يطالبوننا بالشكر بأدلة على جواز إستلام (الحاكم) أموالاً (بالسر) من الخارج وصرفها (بالسر) من الداخل (على كيفو)؟
لا يأبه هؤلاء القوم أبداً من الوقوف مع أهوائهم وإن كانت تعارض المبادئ الأساسية للإسلام فقد أجازوا (وعلمائهم) القروض الربوية رغم أن للإسلام رأي قاطع في ذلك ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ﴾.
كما (إبتدعوا) ما يعرف بالتحلل وهو أعادة اللص للمسروقات بعد القبض عليه وكأن شيئاً لم يكن وهذه لم يسبقهم عليها أحد في الأولين ولا الآخرين بل هي تعطيل لحد السرقة و(زوغان) من العقاب الذي ذكره الله في كتابه الكريم ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾.
ولم يكن قتل النفس التي أمر الله بألا تقتل الا بالحق إستثناءً ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا ﴾ ففي سبيل البقاء في السلطة لم يتوانوا من قتل كل من يخالفهم الرأي أو يعترض على ظلمهم فتم إزهاق أرواح الألاف من المواطنين في أصقاع السودان المختلفة وإستخرجوا لأنفسهم (شهادة ملكية) للبلاد في إستباحة تامة لثرواتها وممتلكاتها ومناصبها ووظائفها لثلاثين عاماً ..
ليس غريباً أن تطالبنا هيئة الدفاع عن المخلوع بشكره وهو يستحوذ على ملايين العملات الحرة (في خفاء) ويوزعها يمنة ويسرى دون حساب على خلصائه وندمائه و(المطبلين) له ولنظامه القاتل من (علماء السلطان) الذين أفتوا له بجواز قتل (ثلث المواطنين)، بينما شعبه يعاني الفقر والمسغبة وندرة الخبز والوقود وتنهار مدارسه على رؤوس التلاميذ ، ليس غريباً على القوم أن يجعلوا من الحرام حلالاً ومن المنهي عنه أمراً جائزاً فهم يمارسون والعياذ بالله أسوأ تجارة تشهدها البشرية.. (التجارة بالدين) !
كسرة :
نشكرو ساكت بس؟ وللا كمان نعتذر ليهو؟ قصة والله وحكاية !!
كسرات ثابتة :
• أخبار الخمسة مليون دولار التي قال البشير أنه سلمها لعبدالحي شنووو؟
• أخبار القصاص من منفذي مجزرة القيادة شنو (و)؟
• أخبار ملف هيثرو شنووووو؟ (لن تتوقف الكسرة حتى نراهم خلف القضبان)
• أخبار محاكمة قتلة الشهيد الأستاذ أحمد الخير شنوووو؟
ساخر سبيل – الفاتح جبرا
صحيفة الجريدة