في ذمة الله قمح (2020)

(1) هذا الموسم كنا موعودين بعروة شتوية (يغني عليها سرور) والتي كان سيكون عريسها القمح وعروساته الكسبرة والفاصوليا وخضروات أخرى، أما مكان الحفلة فكانت ستكون الجزيرة أرض المحنة والخير والبركة وحاجات تانية حامياني، حيث أن الخطة التأشيرية قالت إن المساحة المحجوزة للقمح (400) ألف فدان (الفدان ينطح الفدان)، وإن المحاصيل الأخرى المصاحبة (100) ألف فدان، ولكن بمجرد ما أعلنت الدولة أن سعر التركيز سيكون (2500) جنيه للجوال زنة المائة كيلو، وأعلن البنك الزراعي عن توفر المدخلات كافة لا سيما أن هناك (50) ألف طن سماد جاءت هدية من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات سلمت للبنك الزراعي والأهم من كل هذا أعلن القائمون على التقاوي وأنه ولأول مرة في تاريخ السودان ستكون هناك وفرة في التقاوي المنتجة محلياً وكانت مصادر التمويل ثلاثة وهي التمويل الذاتي للقادرين وعن طريق البنك الزراعي مباشرة للمتوكلين، وعن طريق الإدارة لغير النشطين، كل هذه التدابير الممتازة جعلت إمكانية ارتفاع المساحة المزروعة الى (600) ألف فدان في الجزيرة وحدها، وذلك بإضافة المساحات التي خرجت من العروة الصيفية بسبب الأمطار، وكل هذا كان سيجعل البلاد تقتات ولأكثر من نصف عام من قمح الجزيرة فقط، ولكن واهٍ من لكن هذه!!

(2)

الذي حدث أيها السادة أن هناك مساحات كبيرة من تلك المشار إليها أعلاه قد خرجت من الموسم وليتها خرجت بعذريتها إنما خرجت بعد أن تم تحضيرها بثلاث حرثات وسمدت بالداب وبذرت فيها بذور القمح واشرأبت شبقاً للماء،ولكن الماء لم يأت في موعده حتى الآن، وربما لن يأتي بالمرة لماذا؟ وهل هناك نقص في المياه ؟ أبداً كلا وحاشا فالمياه المحجوزة كانت كافية بدليل أن جزءاً منها يعود الى النيل الأزرق بعد ان خرجت منه من عند سنار وتحاومت في الجزيرة في رحلة لا تقل عن ثلاثمائة كيلو متر، ودونكم المصرف الذي يقع خلف محطة المسيد مباشرة حيث المياه الراجعة للنيل لها هدير وتغسل فيها السيارات ويعوم فيها الصبية، ومصرف آخر في أبي عشر وأي راكب في طريق الخرطوم مدني سوف يشاهدها، بل هي التي تلفت نظره خاصة تلك التي خلف محطة المسيد ولكن قد لا يعلم المشاهد أن هذا المصرف بدايته في الماطوري – أي شق كل الجزيرة – طبعاً هذه المصارف الغرض منها الإنقاذ من الغرق وذلك بتصريف المياه في حالة زنقة الخريف حيث تكبس مياه الأمطار النازلة مع المياه القادمة من سنار وليست بأي حال من الأحوال لتعمل طول العام كما هو الحال الآن (أها شفتو المحقة دي كيف)؟

وبالمناسبة هناك مياه متكسرة داخل الجزيرة بعيدا عن الزراعة أكثر من تلك الراجعة للنيل.

(3)

باختصار يا جماعة الخير أن الري ما شايف شغله ولم يقم بالاستعداد في الوقت المناسب، وفي بعض القنوات إطماء الخريف لم تتم إزالته وفي معظمها نمت الحشائش، فكان عدم الانسياب. أقسم لي أحد المزارعين أنهم أحضروا وابور ليستر ولم يجدوا في الترعة الماء الذي يسحبونه. الري الري الري, كراكات ما في وحتى الموجودة تعبانة تشتغل ساعة وتقيف ساعتين. يا ربي هل هذا فصل من فصول المؤامرة على القمح؟؟

د. عبد اللطيف البوني

Exit mobile version