تحقيقات وتقارير

قوش .. سيناريوهات القبض


يروى عن الرئيس المعزول المشير عمر البشير، أنه اخبر مقرباً منه التقى به قبل ايداعه الحبس بسجن كوبر أن مدير جهاز الامن السابق الفريق صلاح قوش تآمر مع جهات خارجية للاطاحة به، ثم بابتسامة مطمئنة واصل:” قوش حايجيني هنا في سجن كوبر ده”.
نبوءة البشير يبدو انها تلوح في أفق زنزانته القاتمة، لاسيما بعد أن اعلن النائب العام تاج السر الحبر، من مطار الخرطوم بعد عودته من زيارة رسمية لدولة الإمارات العربية المتحدة، أن “النيابة دونت 4 بلاغات في مواجهة المدير العام السابق لجهاز الأمن والمخابرات صلاح قوش وشرعت في استعادته عبر الإنتربول لوجوده حالياً خارج البلاد “.؟!

أبرز التهم

تقول مصادر قانونية لـ(السوداني) إن أبرز الإتهامات الموجهة ضد الفريق صلاح قوش، هي مقتل وإصابة عدد من المتظاهرين في بداية الاحتجاجات والتظاهرات التي اندلعت في شهر ديسمبر من العام الماضي بموجب بلاغ جنائي ضده والرئيس المعزول عمر البشير وآخرين، وحتى سقوط البشير في الحادي عشر من أبريل الماضي بعد أن تحولت الاحتجاجات لثورة شعبية انحاز لها الجيش، بجانب تهمة اخرى تتعلق بالفساد المالي واستغلال النفوذ، وتهمة ثالثة تتعلق بالتعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان في حق عدد من المعتقلين السياسيين الذين تقدموا ببلاغات جنائية وتهمة رابعة لمشاركته في تنفيذ مهام خلال انقلاب الثلاثين من يونيو عام 1989.

رد أسرته

يقول عبد العظيم عبد الله شقيق الفريق اول صلاح عبد الله قوش، عن كيفية تلقيهم لقرار النائب العام بشأن ملاحقة قوش عبر الشرطة الدولية “الانتربول” أنه أمر متوقع بالنسبة لهم، ويؤكد عبد العظيم في حديثه لـ(السوداني) أن شقيقه منذ تسعينيات القرن الماضي وحتى بداية الالفية الجديدة كان يعمل بالتصنيع الحربي، مؤكداً أن نحو 10 مديرين لجهاز الامن تعاقبوا على رئاسته من بينهم ابراهيم نايل ايدام، الفريق اول ركن بكري حسن صالح، نافع علي نافع، الراحل اللواء يحي حسين، يحي عبد الكريم، عبد الكريم عبد الله، الفاتح الجيلي، الهادي عبد الله، قوش، والفريق اول محمد عطا
ويرى عبد العظيم أن قوش يمكن أن يحاكم سياسياً مثله والآخرين ولكنه يرى أنه في حال جرت محاكمة جنائية له يجب أن تشمل كافة أعضاء اللجنة الأمنية، مؤكداً أن التعامل مع التظاهرات تم عبر لجنة فنية بقيادة نائب مدير جهاز الامن الفريق جلال الشيخ وأن قوش كان مسؤولاً عن ادارة ازمات الوقود والسيولة النقدية والدقيق . يقول عبد العظيم:” الثورة العظيمة تنقصها المعلومات والضعف البادي في اداء الحكومة سببه نقص المعلومات واستعداء جهاز الامن الذي يضم أكثر من 70% من غير الاسلاميين والمنتمين سياسياً” ويرى أن العداء يمكن أن يكون حول اداء الادارة السياسية بالجهاز ولكن هناك ادارات مهمة مثل الامن الاقتصادي وغيره من الادارات التي لا غنى للدولة عنها .

سيناريو أول

النائب العام حدد عملية استرداد قوش من الخارج عبر (الانتربول)، مما يعني أن النيابة العامة اخطرت بالفعل الشرطة الدولية عبر ادارة الاتصالات، والتي وفقاً لقواعد عمل الانتربول سيبدأ في إعلان النشرة الحمراء التي يعرفها البوليس الدولي بانها “طلباً إلى أجهزة إنفاذ القانون في جميع أنحاء العالم لتحديد مكان المجرم واعتقاله مؤقتاً في انتظار تسليمه أو اتخاذ إجراء قانوني مماثل”.

وتتضمن نوعين اساسيين من المعلومات هما المعلومات اللازمة للتعرف إلى الشخص المطلوب، كالاسم، وتاريخ الولادة، والجنسية، والشعر، ولون العينين، والصور الفوتوغرافية، وبصمات الأصابع في حال توفرت. والثانية معلومات متعلقة بالجريمة التي هو مطلوب لارتكابها، والتي تكون عادة جريمة قتل، أو اغتصاب، أو اعتداء جنسي على الأطفال، أو سطو مسلح.

المحامي محمد عبد الرحمن يستبعد في تعليقه لـ(السوداني) أن تكون المطالبة باعتقال قوش متطابقة مع طبيعة المهام التي يضطلع بها الانتربول مثل الارهاب، تهريب المهاجرين، السلع غير المشروعة، جرائم الحرب، الاتجار بالاسلحة والجرائم المنظمة والبحرية والمالية .

وبالمقابل يقول رئيس الدائرة القانونية في حزب المؤتمر السوداني كمال محمد الأمين إن عملية استرداد صلاح قوش إن كانت عبر الانتربول ستتم مخاطبة الدولة المضيفة وحينها يمكن لقوش أن يستأنف في البلد المضيف اذا رأى أن أمر القبض عليه سياسي لا يتعلق بجريمة جنائية، ويرى أن قوش يمكن ايضاً استرداده من مكان اقامته بموجب الاتفاقيات الثنائية لتبادل المجرمين الذين ارتكبوا جرائم تضرر منها افراد او جهات اعتبارية او اضرت بالدولة ذاتها، ويضيف في تعليقه لـ(السوداني):” اعتقد أن صلاح قوش متهم بارتكاب بعض جرائم القتل بموجب البلاغ المدون في مواجهته بواسطة المحامي وجدي صالح “. ويشير الى أن قوش مسؤول عن مقتل المتظاهرين وفقاً لمسؤولية القائد إن كانت هناك قوة تحت امرته استخدمت النار بصورة غير مشروعة، يظل مسؤولا عنها حتى إن لم يكن على علم بها وهنا العلم بها يُفترض افتراضا، ويدلل كمال المحامي على ذلك بتطبيق محكمة الجنايات الدولية حكم مسؤولية القائد ضد قائد ياباني في حرب الفلبين حيث اصدرت مبدأ مسؤولية القائد يكون مسؤولية تامة عن اي جرائم ترتكب حتى إن لم يكن على علم بها.

سيناريو ثان

السيناريو الثاني، للقبض على الفريق قوش، يكمن في انه يحمل ظلالا سياسية يمكن أن تؤثر على علاقات السودان ومصر التي تردد كثيراً على لسان من التقوا به أنه متواجد فيها، كما يمكن أن تلجأ قوى الحرية والتغيير للتعبئة الشعبية لمطالبة مصر بتسليم قوش، وهنا ربما تحدث الاستجابة وفقاً لسيناريو التعامل رسمياً وفقاً لاتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي، المعنية (بالمتهمين) خلافاً للانتربول المعني (بالمجرمين) وتضم الاتفاقية الموقعة عام 1983 نحو 16 بلدا عربيا، وكان الرئيس المصري المشير عبد الفتاح السيسي امر في عام 2014م بمصادقة بلاده على الاتفاقية. وتعتمد اتفاقية الرياض للتعاون القضائي عدة بنود من بينها: ضمان حق التقاضي والمساعدة القضائية وتبادل صحف الحالة الجنائية .

الخرطوم :عبدالباسط إدريس
صحيفة السوداني