ما حقيقة احتفالات السعودية بـ”الكريسماس” ورأس السنة لأول مرة في تاريخها؟
تباينت ردود الفعل في الداخل والخارج السعودي حول ما تردد على بعض المواقع وصفحات التواصل الاجتماعي عن تنظيم المملكة فعاليات في بعض مناطق العاصمة، الرياض، للاحتفال بالكريسماس ورأس السنة.
وكثرت التساؤلات حول ما نشره حساب “كاليندر السعودية”، الخاص بالفعاليات الفنية في المملكة، عبر موقع “تويتر”، الإثنين الماضي، تصميما تضمن الفعاليات التي ستقام بتلك المناسبة.
في الوقت ذاته، استبعد مراقبون إقدام المملكة على تلك الخطوة بشكل رسمي نظرا لأن عملية النقل المفاجئ من مجتمع محافظ إلى مجتمع به كل شىء متاح، قد تكون له الكثير من الآثار السلبية، مؤكدين أن التحول والانفتاح ليس ترفيها فقط، وأن الاحتفال موجود منذ سنوات ولكن بشكل شخصي.
حرية الاختيار
قال عبده خال، الكاتب والروائي السعودي لـ”سبوتنيك”، ليس هناك قرار رسمي صدر حتى الآن يختص باحتفال المملكة هذا العام برأس السنة أو الكريسماس، لكن هناك الكثير من السعوديين يحتفلون بشكل خاص وليس بتوجيه أو منع رسميين، سلوك الفرح هو سلوك خاص جدا لا تقام له احتفاليات وفقا للنهج المتبع في المجتمع السعودي، فإذا كان هناك انفتاح سياحي حول العالم، فإن المسألة سوف تظل كما هي بأن الناس لهم حرية الاختيار في الاحتفال من عدمه.
وأضاف الروائي السعودي، أنا كإنسان أعيش في الوسط الاجتماعي السعودي أعلم جيدا أن هناك أفرادا كثر يحتفلون بهذه المناسبة دون أن يكون هناك توجيه رسمي من سنوات، وبشكل عام الفرح والاحتفال لا يحتاج إلى قرار رسمي، وأي احتفالية هي مناسبة خاصة يمكن ممارستها أو لا تمارسها، لكننا نبارك لإخواننا المسيحيين ونتمنى لهم عاما مجيدا، المسألة طبيعية بيننا وبين المجتمعات الأخرى، فلم يعد بالإمكان أن يغلق مجتمع ما على نفسه بعيدا عن الآخرين.
الانفتاح على العالم
وقال خال “بالنسبة لي كروائي وكاتب من أراد أن يفرح فليفرح، عبر الزمن لا يمكن لأي سياسة أن تكون مغلقة، وطبيعة السياسة هى التداخل مع الأشياء في جميع أنحاء العالم، فإذا كان هناك تهنئة الدولة تهنىء، وإذا كان هناك حزن، الدولة بشكل رسمي تقدم واجب العزاء، وهذا الأمر رسمي أن يكون بينك وبين الدول علاقات، هذا بخلاف الشكل الشخصي، حيث يمكن للفرد أن يجتمع مع بقية الأفراد أو مجموعة منهم ويفرحون.
وأوضح الكاتب والروائي السعودي، خلال السنوات الماضية هناك أفراد أو جماعات من الشعب السعودي يهنىء بعضهم بعضا، و يقومون بتهنئة إخواننا المسيحيين المتواجدين داخل المملكة، السعودية ليست معزولة وبها مئات الآلاف المسيحيين، وأنا أقوم بتهنئة أصدقائي المسيحيين كما يقوموا هم بتقديم التهاني في أعيادنا الإسلامية.
سابقة أولى من نوعها
وأكد خال، لا أعتقد أن تتحول المسألة إلى شكل رسمي في المملكة، لأن الناس تتحرك وفق المنهج المعروف حاليا وترك لهم الأمر، وهي مسألة بسيطة جدا. كشف حساب “بلاتينوم ليست” الخاص بالفعاليات الفنية في السعودية عن احتفال المملكة بليلة رأس السنة الميلادية 2020، وذلك في سابقة هي الأولى في تاريخها.
ونشر الحساب، على موقعه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، ملصقا دعائيا تضمن الفعاليات التي ستنظمها هذه الشركة في المملكة، وتحديدًا في مدينة ملهم بالعاصمة الرياض يوم 31 من الشهر الجاري، إذ تشمل الاحتفالات عروض الألعاب النارية والـ”دي جي”.
وجاء في التعليق على الملصق نفسه: “ليلة رأس السنة الميلادية في الرياض تشمل فعاليات عدة ومفاجآت كثيرة من ضمنها العد التنازلي للعام الجديد 2020، وعرض ناري، ودي جي، إلى جانب فعاليات أخرى”.
ويأتي الإعلان باحتفال المملكة لأول مرة في تاريخها ببداية العام الميلادي الجديد أو ما يعرف بـ “الكريسماس” بعد سنوات من رفض رجال الدين الاحتفال برأس السنة لأنه حرام شرعا.
التدرج في النقل
ومن جانبها، قالت الدكتورة سهيلة زين العابدين عضو الجمعية الوطنية السعودية لحقوق الإنسان وتصحيح الخطاب الديني لـ”سبوتنيك”، لا أعلم مدى تقبل المواطن السعودي لمثل هذه الأمور إذا طرحت بشكل رسمي في مجتمع محافظ منذ قرون طويلة.
وأشار زين العابدين إلى أن الأمر يحتاج إلى تدرج وليس عملية نقل مفاجئ، فلا يمكن الانتقال بالمجتمع من مجتمع كان به الكثير من المحرمات والممنوعات وبشكل مفاجئ إلى كل شىء مباح، وعملية الاحتفال بشكل رسمي لا أعتقد أن المواطن السعودي يمكن أن يتقبلها بسهولة، رغم أن الكثير من البلدان العربية تحتفل، لكن المملكة لها وضع خاص ولا يمكن أن تتقبل العقلية السعودية هذا الأمر ببساطة.
وحول أن هذه الأمور من متطلبات السياحة، قالت زين العابدين، إن السائح الغربي يأتي للمملكة وبعلم أن بها تلك الممنوعات، فلا أعتقد أن السعوديين يحتفلون بالكريسماس، يمكن أن يحتفل البعض بشكل شخصي برأس السنة، رغم أن المملكة لا تحتفل بالسنة الهجرية ولا تقر أعيادا سوى العيدين “الفطر والأضحى”، ولم يكن يطلق على اليوم الوطني لفظ عيد وطني إلا من فترة قريبة، فلا يمكن للسعودية أن تبيح المحرمات من أجل السياحة.
البدعة الشرعية
وكان عضو هيئة كبار العلماء السعودية الدكتور صالح الفوزان، أكد في العديد من الفتاوى المنشورة إعلاميا، أن “المشاركة في احتفالات رأس السنة الميلادية حرام شرعا”، واصفا إياها “بـ البدعة الشرعية”.
وقال الفوزان إنه “لا أصل لمثل هذه الاحتفالات، و31 ديسمبر كبقية أيام السنة، ولا يحتفل فيه، سواء كان الاحتفال عادة اجتماعية أو دينية”.
ورفض عدد من المثقفين والسياسيين في المملكة التعليق على الموضوع مستندين في ذلك إلى أنه لم يصدر بيان رسمي يتحدث عن احتفال المملكة برأس السنة أو الكريسماس، كما تحدثت بعض مواقع السوشيال ميديا، مشيرين إلى أن مثل تلك الأمور تحتاج إلى سنوات من التمهيد، وبشكل خاص في مجتمع مغلق مثل المجتمع السعودي.
سبوتنيك