بالصورة.. مشاهد من مسيرة التسامح الديني في السودان
يعتبرالسودان من أكثر الشعوب اعتدالاً، فطبيعة تكوينه قائمة على السماحة والأخلاق والكرم والمروءة، وهومن أكثر الشعوب تسامحاً، وقد تجد في البيت الواحد من هو على اختلاف مع شقيقه أحدهم أنصار سنة والآخر متصوف، بل قد تجد المسلم والمسيحي أيضا كما في منطقة جبال النوبة وقد تجد الميول الرياضية المتباينة هلال مريخ موردة وقد تجد داخل الأسرة الواحدة ثلاثة أجيال عمرية موزعة على اتجاهات سياسية مختلفة وتعيش تحت سقف واحد، وهذا الواقع موجود منذ زمن بعيد، وليس بيننا صراع ولا اقتتال ولا مواجهات عنيفة.
اصطلاحاً ومفهوماً تعني كلمة التسامح اللين في التعامل والترفّع عن أخطاء الآخرين وتقبّلها، أما التسامح الدينيّ فهو مفهوم أعمق من ذلك، إذ يعني تقبّل كافة الأشخاص من جميع الأديان والثقافات،كما يهدف إلى نبذ التطرّف حتّى يستطيع جميع أفراد المجتمع العيش في جو من الألفة والمحبّة والتعاون للنهوض بالمجتمع،
في العصور الوسطى كان هناك العديد من الصراعات ما بين الكنيسة والمؤسّسات غير الدينية في الدولة، إذ كانت تفرض عقوبات شديدة على من يحاول الانحراف عن الدين المسيحيّ، ولهذا فقد كان هناك حركات للإصلاح الديني في العديد من الدول ولكنها سرعان ما اصطدمت هذه الحركات بنزاعات بين كبار رجال الدين ورجال الحكم في دول الغرب إذ رفض العديد من رجال الدين الانصياع لأوامر الحاكم ومع اختلاف الطوائف الدينية المسيحية اتسعت دائرة النزاع لأن كل طائفة ترى أنها هي الأحق في التدخل في شؤون الدولة السياسية ولها الحق في السيطرة عليها.
ثم جاءت العلمانيّة في عصرنا الحالي لتجنّب التصادم ما بين الدين وحكم الدولة إلا أنها لم تنجح في فصل الدين عن السياسة، ولهذا نجد أنه مهما حاول الإنسان وضع أنظمة تعمل على نشر التسامح الديني نجد أن لكل نظام ثغرات يصعب تطبيقها أو حتى تقبّلها من قبل الكثير من أفراد الشعب، وهذا يعيدنا مرة أخرى إلى أن التسامح الديني هو ما جاء به الإسلام، فهو أمرٌ جاءت تعاليمه من خالق البشر الأعلم بهم وبما يمكنهم تقبّله، فالإسلام يوصي المسلمين ببر غير المسلمين ممن لم يقاتلوهم حتى لو كانوا يكفرون بالإسلام، كما أن لأهل الكتاب مكانة خاصة في المعاملة،وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن مجادلتهم في دينهم أو تكفيرهم حتى لو كانت كتبهم محرفة، حتّى لا تنمو الكراهية بينهم وبين المسلمين الأمر الذي قد يؤدّي إلى العديد من الخصومات والحروب، ممّا يؤدي إلى انعدام الأمان في المجتمعات وانتشار الحروب.
سونا