صلاح الدين عووضة

اشتريت رأسي ..!!


وزميل يشفق علي من احتجابي..

احتجابي في ــ أو عن ــ رأس السنة؛ كحالي كل سنة..

احتجابي أنا نفسي ــ لا زاويتي ــ عن متعة (الترويس)..

وأظل أنا الذي أشفق ــ دوماً ــ على من يسهرون إلى الفجر… بلا معنى..

إلا إن كان هناك معنى في الصخب… والضجيج… والسهر..

وتبقى متعتي نهاية كل عام أن أكون تحت البطانية…غير عابئ بسخرية أحد..

وغير مهتم بشفقة أحد أيضاً… بما أنني الذي أشفق..

حتى ولو كان (رأس) السنة نفسه؛ ماسحاً بنظراته الكون… والأشياء… والناس..

وسيان عندي إن رآني تحت البطانية…أو فوق السقف..

فالمهم أن أكون في بيتي؛ لا يعنيني ذهاب عام… ومجيء آخر..

ثم أضيف إلى هذا الإشفاق السنوي إشفاقاً آنياً ــ هذا العام ــ على شخص لا أعرفه..

بل هو بأشد من شفقتي على زميلي هذا الذي أعرفه جيداً..

ومبعث الإشفاق نحوهما مختلف جداً؛ فهذا بسبب سهرٍ عبثي في (رأس) السنة..

وذاك لأنه لا يكاد يجد (رأسه) نفسه ليسهر به في (رأس) السنة..

رغم أنه نجم شهير… ومليونير جهير… ومبدع خطير..

أو بالأحرى؛ كان مليونيراً حتى الأمس… وبقيت له اليوم النجومية والإبداع..

ولكن ربما لم تبق له حتى بطانية تدفئ رأسه في رأس السنة..

فالشقة الوحيدة التي لم تُنتزع منه… منزوعة الأثاث..

ومازال مطارداً لدفع المزيد رغم أنه فقد كل شيء… وعلى (رأس) ما فقده زوجته..

بل أن زوجته الحسناء هذه هي سبب مصيبته الحالية..

فنجم الدوري الإنجليزي العاجي هذا قبيح جداً..

أو الذي كان نجماً حتى رأس السنة الفائتة… ورأسه لا يحمل هماً من هموم الدنيا..

وزوجته البريطانية جميلة جداً… على عكسه تماماً..

ونجحت في اصطياده… بمثل نجاحه هو في اصطياد الفرص على أرض الملعب..

واصطادت معه قصره… وشققه… وأرصدته… وراتبه..

فهو من شدة فرحه بها كان يمنحها أجره كله… وهو حوالى (8) ملايين يورو..

ومنحها توكيلاً لإدارة ممتلكاته… وأمواله…. ومصيره..

ومنحها رأسه لتفعل فيه ما تشاء؛ حتى إذا جاء رأس سنتنا هذه كان بلا رأس..

فقد استغلت في خديعتها هذه عدم تلقيه تعليماً كافياً..

هكذا حكت عنه ــ بأسى ــ صحيفة بريطانية..

ثم سردت تفاصيل حياته كاملة؛ من الأضواء… إلى الظلام..

فهو يمكث ــ فعلياً ــ في ظلام خشية أن تدل الأنوار عليه… فيفقد شقته الوحيدة..

أو شقته التي بقيت له… ويطعمه فيها أصدقاؤه الذين بقوا له..

وأتمنى أن تكون بقيت له ــ على الأقل ــ بطانية تغطى بها ليلة أمس..

وقطعاً ستتحول قصته هذه إلى فيلم عما قريب..

فهي تصلح لأن تكون فيلماً مأساوياً ــ أو كوميدياً ــ على السواء..

وربما يلعب فيه ــ هو ذاته ــ دور البطولة… فيبدل نجوميته الكروية بأخرى سينمائية..

ويعوض ــ من ثم ــ بعضاً مما ضاع منه؛ أو يزيد عليه..

ولكنه حتماً لن يسلم مفاتيح قلبه ــ ورأسه ــ لحسناء أخرى… مهما كانت فاتنة..

وسلمت رأسي ــ أنا ــ للوسادة ليلة البارحة… والبطانية من فوقه..

وطفقت أفكر ــ إلى أن نمت ــ في الذين دفعوا مالاً لشراء تذاكر رأس السنة..

وهم يمنون النفس بمباهج عظيمة… تستحق ما دفعوه..

بينما كنت أنا في قمة البهجة..

إذ اشتريت رأسي!!

صلاح الدين عووضة – بالمنطق
صحيفة الإنتباهة