زهير السراج

الوالي الهارب !


* المسؤول الذي لا يحترم كلمته، لا يمكن أن يحترم عمله أو وظيفته، وليس جديراً بالبقاء في منصبه !

* في إطار مساعدة المواطنين على التواصل مع المسؤولين، ومساعدة المسؤولين على تفهم مشاكل المواطنين والعمل على حلها وخلق نوع من العلاقة الودية بينهما في دولتنا الجديدة التي تقوم ركائزها على الحرية والعدالة والسلام والديمقراطية، وضعتُ خطة شاملة للقاء بعض المسؤولين على المستوى القيادي لاطرح عليهم اسئلة واستفسارات المواطنين والقضايا التي تؤرقهم ومناقشتها معهم وعلاج بعض مشاكلهم حتى الخاصة منها، فالقضايا التي قد يراها البعض صغيرة لا تهم سوى مواطن واحد او قطاع صغير من المواطنين ولا يجب ان تشغل المسؤول، لا تقل أهمية عن القضايا الكبيرة التي تشغل العامة، بل ربما تكون أكثر أهمية لأنها تجعل المواطن يشعر، عند اهتمام المسؤول بها، انه قريب منه يحس به وبمشاكله وهمومه الشخصية حتى وهو في منزله والحي الذي يقيم به، فيقترب الاثنان من بعضهما وتزداد الثقة بينهما، ويضعان يديهما معاً ويعملان سويا من أجل تحقيق المصلحة العامة، وتعود الفائدة على الجميع !

* وبما أن ولاية الخرطوم هي الاكثر أهمية من حيث احتضانها لعاصمة البلاد، والاكثر ازدحاما بالسكان والأكثر جذباً لهم للعمل والاقامة والحصول على الخدمات التي لا تتوفر في الولايات الأخرى، واكتظاظها بجميع أنواع القضايا والمشاكل في جميع جوانب الحياة، والاكثر تأثيرا على النظرة العامة للبلاد في عيون السودانيين والأجانب، كان لا بد أن يكون الشخص الذى يجلس على أعلى قمة السلطة الادارية فيها احد أول المسؤولين الذين يجب أن نسعى للقاء بهم وإدارة حوار معهم حول هموم وقضايا المواطنين، وطرح أسئلتهم عليهم والاستماع لإجاباتهم ونقلها للرأي العام بكل شفافية وتجرد..!

* اتصلت بوالي الخرطوم الفريق (احمد عبدون ) على رقم هاتفه السيار وطرحت عليه الفكرة، فاعتذر في بادئ الامر بأنه مشغول في التحضير لحملة نظافة عامة بالولاية، فقلت له بأن الحوار معه من خلال (مناظير) يمكن ان يسهم في نجاح الحملة خاصة ان اكتظاظ الولاية بالنفايات هو أحد اهم القضايا التي تؤرق المواطنين وتشغل بالهم، وكثيراً ما يطلبون منا تناولها من خلال العمود الصحفي، فوافق على اللقاء ووعد بالاتصال في غضون يومين او ثلاثة لتحديد موعد قبل بدء الحملة في أول شهر فبراير !

* على إثر ذلك أعلنت على صفحتي بالفيس بوك، وعلى عمودي بالصحيفة عن لقائي بالوالي، وطلبت من الذين لديهم أسئلة واستفسارات التفضل بارسالها واعداً بطرحها على الوالي، فوصلتني في دقائق معدودة مئات الاسئلة والاستفسارات والقضايا والتعليقات، وساهمت عدة إذاعات وقنوات فضائية والكثير من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي في الانتشار الواسع لخبر اللقاء بإعادة نشر العمود والاعلان، فانهمرت الاسئلة كالسيل في انتظار والي الخرطوم لتحديد الموعد !

* عندما انتهت الفترة التي حددها الوالي بأكثر من يومين، عاودت الاتصال به عدة مرات لمعرفة الموعد فلم يرد على مكالماتي، فلجأت لهاتف مدير مكتبه المقدم (الصادق)، فرد على بترحيب كبير ووعد بنقل الموضوع للوالي والرد على بأسرع ما يمكن، وعندما لم يصلني منه رد أعدت الاتصال به عدة مرات ولكنه تجاهل مكالماتي كما فعل رئيسه، وهنا لجأت لمعتمد أم درمان اللواء (عادل حسين بلال) وهو صديق قديم، فوعد بالاتصال به خاصة مع الاسئلة التي ظلت تنهمر علي بالإضافة الى تساؤلات حيرى عن موعد اللقاء، وأوفى (عادل) بوعده فاتصل به بل وصله في مكتبه أكثر من مرة وأخبرني عدة مرات بأن الوالي يعتذر عن التأخر في تحديد الموعد بسبب المرض والانشغال وانه ملتزم بوعده، لكنني أيقنت بعد عدة محاولات أخرى قمت بها وقام بها الأخ (عادل) بأن الوالي قرر الهروب من اللقاء، ولا ادري ما هو السبب، وكان أفضل له ان يعتذر عن اللقاء بدلاً عن المراوغة والمماطلة التي ظل يمارسها طيلة الاسابيع الماضية، وأرجو من القراء الكرام وكل الذين ارسلوا الاسئلة أن يسامحوني عن عدم الايفاء بوعدي لهم لأسباب خارجة عن يدي..!
أكرر مرة أخرى .. بأن المسؤول الذي لا يحترم كلمته، لا يمكن أن يحترم عمله أو وظيفته، وليس جديراً بالبقاء في منصبه!

زهير السراج
الجريدة