تحقيقات وتقارير

بـ«الموس وتراب فرن».. ختان البراءة في الصعيد بدافع «العفة والشرف»

«فتيات صغيرات» لا تتجاوز أعمارهن الخامسة عشرة يحملن براءة الطفولة، لا يشغلن بالهن بهموم الحياة ولا يعلمن ما ينتظرهن مع اقتراب بلوغهن من وجع منتظر فى يوم مصيرى تقرره أمهاتهن وآباؤهن، فلا تدرى هؤلاء الصغيرات وهن على أعتاب المستقبل ماذا سيحدث لهن خلال هذا اليوم.

فى إحدى قرى مركز منفلوط بمحافظة أسيوط وقبل أيام قليلة من سقوط ضحية جديدة لجريمة ختان الإناث وهى الطفلة «ندى عبد المقصود» والتى تبلغ من العمر 12عاما، بقرية الحواتكة بمركز منفلوط بمحافظة أسيوط أثناء خضوعها لجريمة (ختان الإناث) والتى تمت على يد طبيب أمراض نساء وتوليد- عايشت «المصرى اليوم»، يوما تعتاد القرية على إجراء عمليات الختان فيه للفتيات فى سرية تامة، إذ يتلخص المشهد الأهم فى «عجوز وموس حلاقة وبصل أو رماد فرن»، وينتهى ببحيرة من الدماء تغرق فيها الصغيرات.

تتذكر «هناء.ح» البالغة من العمر 30 عاما، هذا اليوم، خاصة أنه مازال يتكرر رغم الوعى الكبير بخطورة الختان من قبل الأسر، إلا أن البعض مازال مصرا على ارتكاب هذه الجريمة فى حق الفتيات بدافع العفة والشرف والدين كما يظن الكثير.

إحدى الضحايا تتحدث لـ«المصرى اليوم»

ما أصاب «هناء» جعلها تقف فى وجه المجتمع وزوجها وحماتها لتمنع تكرار الجريمة مع فتياتها الثلاث اللاتى وصلت أعمارهن للسن المحددة للختان.

وتقول «هناء»: «مازلت أعانى مما حدث معى فى طفولتى فقد تم ختانى وأنا فى سن الثالثة عشرة من عمرى بدافع من والدتى وبموافقة من والدى، ولم أنس هذا اليوم، حاولت مرارا لكنى أتذكره مع كل ألم ووجع أشعر به فى علاقتى بزوجى».

تسرد حكايتها مع جريمة الختان: «حملتنى أمى وخالتى بعنف كما لوكنت دجاجة تنويان ذبحها، وبدأتا فى خلع ملابسى أمام هذه العجوز، وظللت أبكى وأصرخ بشدة، وفجأة خرجت روحى منى مع آخر صرخة حادة غابت فيها روحى وأغمى علىّ، وعندما استيقظت وجدت بركة دماء سالت منى، إذ تعرضت لنزيف شديد لم يضيعه سوى رماد الفرن الذى وضعته أمى مكان نزيف الدماء، وخلال ما تفعله أمى كنت أتالم بشدة، وخالتى وجدتى تتبادلان الضحكات وتلقيان بكلمات لتهدئتى بابتسامات ساخرة: (كده انتى طاهرة مبروك، كبرتى وبقيتى عروسة)».

صرخات هناء ومعاناتها مع الختان دفعتها لتكون حصنا منيعا ضد زوجها وحماتها حينما جاءت الداية مجددا لختن بناتها الثلاث هنا وقفت هناء بعد أن حضرت أكثر من ندوة لمناهضة الختان، وحضورها جلسات توعوية عن أضرار الختان وأنه لا وجود له فى الأديان وأنه مجرد عادة إفريقية مجرمة، حيث تقول هناء: «أنا عندى دلوقتى 30 سنة وفيه مشاكل مع زوجى وحماتى بسبب أنهم عاوزين يختنوا بناتى، وحماتى بتقولى بنتك لو مش اتخنت هتبقى منحلة وساقطة، الختان عفة وطهارة للبنت، كده مش هنعرف نحكمهم ولو اتعرف انهم مش مختنين ما حدش هيجوزهم، الرجالة بتدور على البت الطاهرة المتختنة مش البنت إللى مش عارفة تتحكم فى نفسها، وجوزى للأسف واقف فى صفها وأنا تعبت معاهم وبحاول أقنعهم وبناتى فى حالة رعب خايفين يجى اليوم الصعب ده عليهم زى اللى أنا عشته».

«هناء» قررت أن تجبر حماتها وزوجها على حضور قوافل التوعية لمناهضة الختان بحضور مشايخ من الأزهر، وبدأت فى إقناع زوجها وحماتها بأن الختان ليس له فائدة وأنه غير مذكور فى الدين ولا وجود له فى القانون ولا فى الطب، وبالفعل اقتنعا على مضض بعد أن ذكر لهما شيخ الأزهر وقتها أضرارالختان، وأنه ليس له علاقة بالدين، وأن طهارة وعفة البنت من التربية.

ختان الإناث

لم يختلف الحال كثيرا مع جارة هناء «مريم.ح» 35 عاما، التى أخرجها أهلها من التعليم وزوجوها فى عمر الـ16 عاما، ولكن تصف حالها بأنها زوجة تعيسة وعلى خلاف دائم مع زوجها لأنها ليست أنثى فى نظره كما يصفها، قائلة: «أجروا لى الختان وأنا فى عمر 12 عاما على يد دايه تأتى أسبوعيا لقريتنا وتقوم جميع الأسر بتجميع فتيات القرية اللازم إخضاعهن للختان، وفى يوم قدوم هذه الداية كنت ضمن 10 فتيات تم ختانهن فى هذا اليوم المشؤوم بسبب والدتى لانى والدى كان مسافرا إلى السعودية، ورغم أنه رفض تختينى لأنه سأل هناك أحد الشيوخ وتأكد من عدم وجود أثر للختان فى الدين إلا أن والدتى أصرت هى وعماتى وخالاتى».

وتتذكر «سميحة» يومها المشؤوم بحسب ما وصفته: «أول ما شوفت الداية دخلت بيتنا لأنى كنت على سابق معرفة فهى بتيجى كل أسبوع للقيام بدورها حاولت الهرب والجرى، إلا أن أولاد عمى من الشاب جروا ورايا وأمسكوا بى بعنف وسحبونى على الأرض بمنتهى العنف والقسوة وسلمونى لأمى وعماتى وخالاتى إللى برضه جابوا بناتهم اللى فى سنى أو أصغر أو أكبر منى لذبحهن» بحسب تعبيرها.

وتكمل: «فى هذا اليوم صرخت وبكيت كتير وتوسلت لأمى وخالتى، لكن دون أى رحمة سحبونى بقوة ورمونى فى حضن الداية اللى بدأت بتكتيفى هى وخالتى وجارتنا وأمى ساعدتهم، وفجأة ذبحتنى بدون رحمة ولم تضع حتى أى مخدر لتهدئة الألم، بل وضعت رماد فرن لكتم النزيف». وتصف سميحة إحساسها خلال هذا اليوم قائلة: «كنت خجلانة وموجوعة من أولاد أعمامى اللى بهدلونى وكتفونى ومافوقتش من الألم والوجع إلا بعد شهر قدرت أرجع لطبيعتى، ومع إنى عمرى وقتها كان 12 عامًا بس مش ناسياها عمرى ما هنسى اليوم الصعب ده إن أمى ذبحتنى ودفعت فلوس لذبحى للداية كانوا 30 جنيه وقتها وشوية رز وسكر من البيت».

سمحية تزوجت فى سن الـ16 ولكنها تعانى مع زوجها قائلة: «اتجوزت مبكرًا وخلّفت 3 ولاد، منهم بنتين، وفى بداية زواجى حصلت مشاكل كتيرة فى علاقتى مع زوجى من ليلة الدخلة ووصفنى بأنى مش أنثى، وبعد كده اكتشفت إن عندى مشاكل فى الخلفة بسبب ضيق فى الرحم سببه الختان، زى ما الدكتور قالى وقتها، وبعد علاج قدرت أخلف الحمدالله».

وتضيف سميحة: «عندى بنتين اتفقت مع جوزى إنى مش هختنهم حتى لو اطلقت فيها، مش هسمح لبناتى يعيشوا العذاب ده ويعانوا عمرهم كله، خاصة بعد ما حضرت ندوات وقوافل توعوية عن خطورة الختان وإنه مُجرّم ومُحرّم». وتكمل سمحية: «الختان مستمر ولسه موجود فى قريتنا، وفى داية بتيجى كل أسبوع وتلف على البيوت واللى عاوزه تختن بنتها بتناديها، أنا وستات زى بقوا على وعى بخطورته، بنطردها وبنتخانق مع اللى بيدعموها، ودلوقتى بتاخد فى كل بنت بتختنها 50 جنيه، لكن المصيبة الأكبر إن الأغلب بقى يروح لدكتور ويدفع 150 جنيه عشان البنج، وفى اليوم ده الدكتور بيمنع الكشوفات، خاصة دكاترة النساء والتوليد ودكاترة المسالك البولية، أكتر دكاترة شغالة على الختان وبيمنعوا الكشوفات فى يوم الختان لأنه بيكون فى سرية تامة».

موس حلاقة

تعانى سميحة بسبب الختان، حيث تقول: «خناقات ومشاكل كثيرة مع زوجى ودائما عندى شعور بالنقص ومافيش إحساس فى علاقتى بزوجى، ودائما ما يلقى اللوم علىّ كثيرا، وبحاول أكذب إنى سعيدة فى علاقتى بيه، لكن للأسف هو يشعر بذلك ولم أعد أتحمل لومه عليا وتوبيخه لىّ بإنى امرأة باردة».

استطاعت «سمحية» بالتعاون مع هناء وعدد من نساء القرية اللاتى أصبحن على وعى بجريمة وخطورة الختان توعية باقى نساء قريتهن، حيث تقول: «صرخة الوجع التى عشناها لن نسمح بها مرة أخرى بأن تتكرر فى بناتنا، لكن نواجه صعوبات كبيرة فى إقناع بعض الأسر بسبب سيطرة الرجال والحموات والجدات.

وتضيف: «للأسف لدى بعض الأسر وخاصة الجدات والحموات فكرة أن الفتاة غير المختتنة فتاة ساقطة ولا تستطيع التحكم فى غريزتها كأنثى، وأنها تصبح غير عفيفة وامرأة سهلة لأى رجل، وهذا ما يدفع الأغلبية لتختين بناتهن وكثيرا من الفتيات اللاتى هربن من مذبحة الختان لا يتزوجن بسبب هذه الشائعة، خاصة أن القرية صغيرة وخبر ختان الفتاة من عدمه ينتشر، ومع ذلك لن أسمح بتكرار جريمة الختان مع بناتى حتى لو طلب العريس ذلك مش هجوزها خالص».

لا يختلف الحال كثيرًا مع «فيفى.م»، 28 عامًا، حاصلة على معهد كمبيوتر ولغات، حيث تقول: «مازلت أعانى من هذه الجريمة التى ارتُكبت فى حقى فى عمر 12 عامًا، والسبب أنه كان والدى ووالدتى اتفقا مع طبيب مسالك بولية على تختينى دون مراعاة للأضرار النفسية والجسدية التى أصابتنى»، وتكمل: «لم أتزوج حتى الآن وأخشى الزواج حتى لا أتعرض للوصم بأنى امراة باردة، لأن الختان قتل أنوثتى وظلمنى أنا وبنات جيلى».

الدكتور أسامة عبدالفتاح عبدالجليل، مدير إدارة الأوقاف بجنوب البدارى في محافظة أسيوط

يعتقد البعض أن الختان فى مصر قد انتهى، وأن معاناة النساء فقط هى معاناتهن فى ذكرياتهن مع الختان بالطفولة، لكن ما يحدث بعد الختان من معاناة هو أبشع، خاصة بعد الزواج ومحاولة إقناع الزوج والأهل بعدم تكرار هذه الجريمة مع بناتهن وحفيداتهن بات أمرًا صعبًا، فحتى وإن نجت الطفلة منه وهى صغيرة قد تواجهه وهى كبيرة، وهذا ما حدث مع «أمل.م»، 32 عامًا، حاصلة على دبلوم فنى، فهى لم تُختتن وهى طفلة بسبب وعى أسرتها، لكن حظها التعيس ساقها لأن تتزوج فى عائلة تؤمن بأن الختان ضرورة، ولذلك عندما تزوجت لم تُنجب، فأصرت والدة زوجها «حماتها» على تختينها، بدافع أن عدم الختان هو الذى أثر على عدم إنجابها، خاصة أنه مرّ 5 سنوات على زواجها ولم تنجب.

وتكمل أمل: «رفضت فكرة الختان لكنى تعرضت لضغوط شديدة وتعنيف من قِبل حماتى وزوجى الذى كان يسمع كلامها ويسمم أفكارى وبدنى بكلامه، وكانت تردد حماتى كلماتها ومعايرتها لى فى الرايحة والجاية قائلة (لو كنتى اتخنتنتى وإنتى طفلة كان زمانك خلفتى). وهذا كان اعتقاد حماتى وزوجى».

وبعد ضغط شديد، رضخت أمل لضغوط حماتها، وذهبت رفقة زوجها وزوجة شقيقه إلى طبيب نساء وتوليد، وقام بتختينها وهى فى سن الـ25 عامًا، ورغم مرور عامين على هذه الجريمة التى أصابتها بكسرة النفس وأشعرتها بالإهانة والصدمة إلا أنها لم تنجب ومازالت توبخ من قبل الجميع، حتى إن علاقتها بزوجها أصبحت محطمة، وتعرب أمل عن شعورها بالندم لأنها رضخت لضغوط حماتها وزوجها، وكانت مجرد لعبة أو آلة يتحكمون فيها دون تعبير عن رأيها برفض ما فعلوه بها من جريمة الختان وهى فى هذه المرحلة من العمر، وقالت: «ندمانة بجد بس كنت على عدم وعى وأشعر بالخجل مما حدث فىّ وأنا فى هذا العمر برغبتى من أجل إرضاء زوجى وحماتى، وبعدها علمت أن الإنجاب من عدمه مالوش علاقة بالختان».

فى حالة «صفية.أ» 36 عاما كانت صعبة جدا فقد تعرضت للختان مرتين والسبب زوجها الذى أجبرها على ذلك بدعوى أن الجريمة الأولى تركت جزءا زائدا شوهها لابد من إزالته، حيث تقول «كنت مختنة وأنا طفلة لكن بمجرد زواجى كان زوجى يرى أنه غير سعيد معى فى علاقته بى وبدأ فى إهانتى بأنى أحتاج للختان مرة أخرى، لأن هناك جزءا زائدا وتجب إزالته وضغط علىّ كثيرا جدا، ورغم أنى تزوجت وأنا فى سن 20 سنة وخلفت منه إلا أنه أصر على الختان الثانى وقام بإهانتى وتعنيفى كثيرا حتى وافقت على إجرائه غصبا عنى، لأنى كنت أريد إسعاد زوجى وتنفيذ رغباته حتى لو على حساب رغباتى».

وتتذكر صفية هذا اليوم قائلة: شعرت بالخجل والإهانة جدا بعد أن أجرى لى الدكتور الختان الثانى أمام زوجات أشقاء زوجى وعشت التجربة المريرة من جديد ونفس الألم لكن بمخدر موضعى ليس كما كنت طفلة بدون مخدر مجرد رماد فرن لكتم نزيف الدم.

وتضيف «أعمل إيه أنا كنت فى حالة صعبة وجوزى كان هيطلقنى بس بعد ما عملت فى نفسى كده ندمانة ولو رجع الموقف الصعب إللى عشته ده تانى كنت رحت بيت أبوى واطلقت أكرملى من تكرار التجربة الصعبة دى تانى وإهانتى وأنا فى سنى ده، لأنى عملتها على كبر وأنا فى سن 35 سنة وفعلا ندمانة لأنى عرفت أن الختان جريمة ومش هسمح يتعمل مع بنتى».

القس أبانوب إبراهيم راعى، كنيسة الشهيد أبانوب بالقوصية في محافظة أسيوط

أما ما حدث مع «زنيب.ج» فى إحدى قرى محافظة قنا فقد تعرفت وهى شابة من وجه بحرى على شاب من صعيد مصر يعمل طبيبا إثر قيامها بعمل ديكور لمنزله وصارت بينهما قصة حب إلى أن تزوجا وتوجها لمسكن الزوجية بصعيد مصر ومضت سنة على زواجهما ورزقا بطفلة أصبح عمرها سنة ونصف. وقالت الجدة للأب متى سنقوم بختان البنت شعرت الأم بضيق واستهجنت ما قالته أم زوجها، وقالت لها زنيب «الختان ده انتهى من زمان يا ماما دا أنا حتى متختنتش وصعقت أم الزوج من إجابتها وقالت إزاى متختنتيش وجوزك يعرف ولا ما يعرفش وصارت ضجة فى المنزل وتحدثت الأم لابنها، وقالت لازم بنتك ومراتك يتم اختنانهما وهنا سمعتهما الزوجة وهى تقول له هى كدا يا بنى مش طاهرة والأكل اللى بتعمله لنا مش طاهر وحرام ناكله وقام الزوج الطبيب بتخدير زوجته دون علمها وقام بختانها بغير رضاها وكان ينتوى عمل نفس الفعلة مع ابنته لولا نزيف الأم بكثرة».

وحينما فاقت «زنيب» بعد العملية هددته بشكايته لو لم يتركها تذهب إلى عائلتها هى وصغيرتها وطلبت المساعدة من أحد المراكز الحقوقية لتقديم شكوى فى زوجها ووالدته، وتركته بعد ذلك وطلبت الطلاق لأنه خدعها ودمر نفسيتها بحسب ما ذكرته.

رضا الدنبوقى، المحامى ورئيس مركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية، أوضح أن تلك الجرائم عادة ما تتم فى السر وتعد نوعا من أنواع التعذيب وإخضاع النساء لممارسات قاسية ويعد مساسا بأمنهن وسلامتهن وحقهن فى امتلاك جسد صحيح وسالم.

وأشار الدنبوقى إلى أن الدولة ملتزمة بنص المادة ١١ من الدستور بمناهضة العنف الأسرى عموما ضد النساء ومن ضمنهم الأنثى فى سن صغيرة ويعتبر الختان نوعا من التمييز، مشيرا إلى أن نسب الختان كبيرة رغم تجريمه منذ ١٢ عاما فى القانون، وذلك بسبب غياب الثقافة المجتمعية.

وبحسب دراسة نشرت لمركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية باسم (الجريمة مستمرة) ذكر فيها أن المسح الصحى السكانى – مصر 2014، تصل نسبة النساء اللاتى خضعن لهذه العمليات من بين النساء اللاتى سبق لهن الزواج فى المرحلة العمرية 15- 49 عاما إلى 92%.

وأدانت إنجى سليمان، مدير الشراكات الاستراتيجية والتأثير المجتمعى بهيئة بلان إنترناشيونال إيجيبت لحماية الطفولة، «ختان الإناث» تحت أى ظرف وأيا كان الدافع وراء إخضاع الفتيات له، لافتا إلى أن الختان يعد انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان، ولذا ينبغى التصدى له لما له من آثار نفسية وجسدية واجتماعية خطيرة.

وأضافت لـ«المصرى اليوم»: «تدرك بلان أن ختان الإناث قضية معقدة تتطلب القضاء عليها لذلك نتبنى منهجا شاملا ومتكاملا على كافة المستويات والقطاعات عن طريق تفعيل وتطبيق التشريعات والقوانين الرادعة والعمل على رفع الوعى بأثار تلك الممارسة ومخاطبة الأسباب الجذرية من ورائها».

وأكدت الدكتورة عزة العشماوى، الأمين العام للمجلس القومى للطفولة والامومة، أن الدولة المصرية عازمة بقوة على القضاء على ظاهرة «ختان الإناث»، وقد أطلقنا اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث بالتعاون مع المجلس القومى للمرأة، وهيئة بلان لحماية الطفولة واليونيسف 2019.

وأكدت العشماوى أن خط نجدة الطفل تلقى 1581 بلاغًا عن جريمة ختان الإناث منها استشارات عن أضرار الختان والإبلاغ عن مرتكبى الجريمة أو استغاثات من فتيات لحمايتهن قبل وقوع الجريمة.

وقال كشف الدكتور عمرو حسن، مدرس أمراض النساء والتوليد بقصر العينى الأضرار الصحية والجنسية التى يسببها ختان الإناث للفتيات قائلا: «لا يوجد لعملية الختان، أى فائدة صحية، على الإطلاق، حتى بعض الدعوات التى تدعو إلى ضرورة فحص الفتاة لمعرفة احتياجها لختان الإناث أم لا، دعوات خاطئة، بحجة وجود بعض الأمراض، التى تؤدى إلى كبر هذه الأعضاء والاحتياج إلى الجراحة فهو خطأ، فهذه الأمراض نادرة الحدوث ويتم العلاج عن طريق الأدوية».

وأوضح أن مصر تحتل المرتبة الأولى عالميا فى ظاهرة «تطبيب ختان الإناث» بنسبة 82 %، طبقا للمسح السكانى الأخير لعام 2014، مضيفا أن ظاهرة «تطبيب الختان» كما عرفته منظمة الصحة العالمية، هو ممارسة بتر أو تشويه الأعضاء التناسلية للإناث على يد مقدمى الرعاية الصحية بكل فئاتهم، سواء فى العيادات العامة أو الخاصة أو فى المنزل أو فى أى مكان آخر.

وتابع منذ أسبوع توفت الطفلة «ندى حسن عبد المقصود» التى تبلغ من العمر 12 عاما، بقرية الحواتكة بمركز منفلوط بمحافظة أسيوط أثناء خضوعها لجريمة تشويه الأعضاء التناسلية الخارجية (ختان الإناث) والتى تمت على يد طبيب أمراض نساء وتوليد بعيادته الخاصة بحى السلام.فى عام 2016 توفيت (ميار) فى مستشفى بالسويس أثناء إجراء جريمة الختان لها على يد طبيب.

وأضاف حسن، أن «تكرار عدم اكتمال التجاوب الجنسى يؤدى إلى احتقان مزمن فى الحوض وآلام فى البطن والظهر فتصبح العملية الجنسية مؤلمة، وبهذا يكون أمام الزوجة، إما تنفر وتغضب من العلاقة الجنسية، وبالتالى تحدث الخيانات، والتحرش ومشاهدة الأفلام الإباحية لإشباع رغباته، وغيرها من المشاكل الاجتماعية، أو هناك بعض السيدات اضطررن أن يتناولن الترامادول كمسكن قوى لألم الضهر والبطن، لتوافقن مع زوجها».

وقال الدكتور أسامة عبدالفتاح، عبدالجليل، مدير إدارة الأوقاف بجنوب البدارى بمحافظة أسيوط، إن ختان الإناث يرجع إلى الأعراف الاجتماعية والتقاليد الموروثة وهى عادية اجتماعية لا علاقة لها بالدين ولم يرد نص دينى صريح يحتم الختان بالنسبة للإناث، فيما أوضح القس أبانوب إبراهيم، راعى كنيسة الشهيد أبانوب بالقوصية بمحافظة أسيوط، أن المسيحية ترفض ختان الإناث وترى أنه خطأ وخطية وجريمة ومظهر من أشد مظاهر العنف الموجه ضد المرأة والطفل.

المصري اليوم