صلاح الدين عووضة

ذات وسيرة !!

*كل ذات لها سيرة..

*وهي بها معجبة… كما يُعجب المرء بصورته في المرآة..

*فكل من يتقدم لوظيفة – مثلاً – يتأبط سيرةً يحرص على أن تكون جميلة..

*لا أحد يقول في سيرته أن ثمة عيوباً في (ذاته)..

*ربما الفلاسفة وحدهم – حسبما ذكرت مرةً – هم الذين لا يخجلون من سيرتهم..

*يسردونها بخيرها… وشرها… وطبائعها؛ ويحبونها كما هي..

*وهنالك فرق – كما هو معلوم – بين سيرة ذاتية لوظيفة…. وأخرى للتاريخ..

*ولكن حتى الثانية هذه تبرزها (الذوات) في أبهى حلة..

*والأنظمة السياسية لديها سِيَر ذاتية كذلك؛ منها ما تحبها… ومنها ما تكرهها..

*وأعني الأنظمة التي تجيء وتذهب… بمجيء وذهاب (الذوات)..

*لا الأنظمة الممتدة – ذات الإرث الديمقراطي – التي تبقى… ويذهب الرئيس..

*ونظام الإنقاذ عندنا – على سبيل المثال – ما كان يحب سيرته الذاتية أبداً..

*فهو لم يكن يتذكر بيانه الأول… ولا يحب أن يُذكَّر به..

*ولا أن يُذكَّر بعبارة (لو رأيتمونا تطاولنا في البنيان فاعلموا أننا فسدنا)..

*ولا أن يُذكَّر بشعار (أمريكا قد دنا عذابها)..

*ولا بأنشودة (نأكل مما نزرع… ونلبس مما نصنع… ونسود العالم أجمع)..

*والناصريون لو كتبوا سيرة نظامهم الناصري لجعلوه (كاملاً)..

*ولشرعوا في تبرير النكسة إلى حد إحالتها انتصاراً..

*ولبحثوا عن تبريرات لوحشية صلاح نصر – وجهاز أمنه – حتى لتحسبه ملاكاً..

*والمايويون يكتبون في سيرة نظامهم إنه راح ضحية (انقلاب)..

*لا ضائقة معيشية… ولا كبت للحريات… ولا تظاهرات بالألوف في الشوارع..

*والسيرة الذاتية لنميري عندهم هي (الرجل والتحدي)..

*ونقرأ القرءان… ولا تستوقفنا أبداً (أمانة) السرد في سيرة بعض الرسل الذاتية..

*فنوح ما كان يعلم أن ابنه نتاج (عمل غير صالح)..

*وموسى قتل نفساً… وما كان يُبين في كلامه… ولم يصبر على العبد الصالح..

*وذو النون ذهب مغاضباً… وظن أنْ لن يقدر عليه الله..

*ونبينا – عليه صلاة وتسليم – عبس وتولى…أن جاءه الأعمى..

*وألح على زيد بأن يمسك عليه زوجه….. وهو يخفي في نفسه ما الله مبديه..

*وهنالك أناسٌ لا سيرة لهم… ولكن ذواتهم صارت فجأة شيئاً..

*وهؤلاء يعمدون إلى ملء (فراغات) سيرتهم هذه بأي (ردم) مستحب..

*يصعب على الكثيرين منهم قول (لم نكن شيئا)..

*ولكن لم يصعب على كاتب هذه السطور هذا القول… حين طُلبت منه سيرة ذاتية..

*رغم أن ذاته هذه (ذاتها) ما كانت شيئاً ؛ ولن تصير شيئاً..

*والطالب زميلٌ مُوثِّق يعكف على توثيق سِيَرٍ ذاتية لنفر مختار من الصحافيين..

*واختار صاحب هذه الزاوية من ضمن المختارين..

*فاعتذر له بأنه (ذات)….. نعم..

*ولكن بلا (سيرة !!).

صلاح الدين عووضة
الصيحة