عبد الجليل سليمان

نزاع على مزعة جيفة

[JUSTIFY]
نزاع على مزعة جيفة

لا شك أنّ التقاضي سلوكٌ مدني مُتحضر يُخرج من يشعرون بأن ظلما ما لحق بهم، من حالة إضمار ثأر شخصي إلى المثول بين يدي العدالة والقوانين بدلاً من الاقتصاص ممن ظلموهم على نحو فردي، الأمر الذي يُكرس لحالة (حيونة) وحكم غاب.

التقاضي أمر مستحب وضروري في كل المجالات، في السياسة، الثقافة، الإعلام، الأنشطة المعاشية اليومية، الرياضة … إلى آخر القائمة.

بالطبع لن ينتهي الظلم ويسود العدل في هذه الكون ولو أمطرت عليه سحابات من القوانين، إذ أن القوانين ليست غاية في ذاتها وإنما يُتوسل بها إلى تحقيق العدل، وبالتالي إذا ما اتفق أي طرفين مُتخاصمين على وسيلة ما يعتقدان أنها ستحقق لهما هذه الغاية (العدل)، فلماذا اللهث إلى (المحاكم)؟

وحين، كنت أشهد قبل (كذا يوم)، على قناة النيلين الفضائية (ثورة) مُديرها المُستقيل على الهواء مُباشرة بسبب تضارب في (منفعة) بث مباراة المريخ وكمبالا سِتي بين مؤسسته ومنافستها على (المنفعة) فضائية الشروق، أسفت للمشهدِ برمته، لأنه مشهد بدا لي كـ(نزاع) على مِزعٍ من جيفةٍ كبيرةٍ اسمها (كُرة القدم)، هذا ابتداءً.. ثم ما صاحب هذا كله من فعاليات هارجة وغاضبة فيها من الإثارة والعراك ما يثير الغبار ويغطي على حقيقة النزاع وأصله.

هذا السلوك الهارج في قضية (بث) يُمكن أن تُؤخذ إلى القانون ليحكم فيها، يعكس مدى انفعالنا الزائد عن حدود المعقول ما يجعل غيرنا (خارج البلاد) وهم يشاهدوننا على هذا النحو الذي ذاع على قناة النيلين في ذاك اليوم المشهود، ينقلبون إلى أهلهم (فكهين)، ثم ما يلبثون أن يسخروا مما نحن فيه من (نعمة) الانفعال غير اللائق، بالذات لمن يصنفون على أنهم شخصيات عامة.

تذهب قناة الشروق إلى القضاء أم تلزم قعر استديوهاتها و(زوم) كاميراتها، هذا أمر يعود إليها، يغضب مدير النيلين غضبته المضرية ويثور ثورته العارمة ويقدم استقالته على الهواء في مشهد دراماتيكي فريد من نوعه هذا أمر عام لأن الفعل حدث في بيوتنا وصغارنا أمام الشاشة، تعلمون من قادة الرأي في بلادنا درساً ظل يتكرر (ولكم في دفع الله حسب الرسول) أسوة في ذلك.

الآن، ذهبت الشروق إلى القضاء ببلاغ ضد مدير النيلين المستقيل تحت طائلة المادة (159) إشانة سمعة، لكن يبقى السؤال المركزي قائماً: من الذي سيأخذ للشعب السوداني حقه في إشانة سمعته الكروية؟، ومن الذي يأخذ لصغارنا وأسرنا حقها من قادة الرأي العام في انتهاكهم اليومي لمبادئ التربية والسلوك القويم التي تبذل الأسر جهوداً مضنية من أجلها، فيأتي أحد هؤلاء ليطيحها في ثانية واحدة!!

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي