مستنقع الاتصالات !
* ظلت خدمات الاتصالات تتدهور من يوم لآخر حتى صارت أحد مصادر العكننة وتبديد الوقت والجهد والمال، وصار من النادر ان يجري الشخص مكالمة من الوهلة الاولى، او أن تصل مكالمة الى نهايتها بدون ان ينقطع الاتصال عدة مرات لرداءة الشبكة !
* كما عادت الى الظهور بكثافة ظاهرة المكالمات الخاطئة الناتجة عن تشابك الخطوط، وكانت لي تجربة مُرة مع أحد المتصلين الذي لم يصدقني عندما أخطرته بخطأ اتصاله، ويبدو انه كان على خلاف مع الطرف الآخر فكال لي اقذع الشتائم متهمني بالتآمر معه، كما اضطررت عدة مرات لأشرح لعدد من المتصلين الذين لم يصدقوا انهم اتصلوا بالرقم الخاطئ مشكلة تشابك الخطوط التي تؤدي للاتصال الخاطئ وضاع مني بسبب ذلك الكثير من الزمن، كما ضاع الكثير من المال عندما كنت أعود للرد على المكالمات التي لم أرد عليها فيخطرني اصحابها بأنهم لم يتصلوا بي، وأساء بعضهم فهمي معتقدين أنني أعبث معهم خاصة إذا كانت صاحبة الرقم (سيدة)، ونالني بسبب ذلك الكثير من الحرج والتوتر، وتُسأل عن ذلك شركات الاتصالات والهيئة القومية للاتصالات التي لا تكلف نفسها عبء الاعتذار وتمليك المعلومات للجمهور الذي يدفع من دمه مقابل الخدمة الرديئة التي يحصل عليها، بل إنها تتجرأ بزيادة التعرفة من حين لآخر، وبالأمس زادت الشركات أسعار خدمات الإنترنت بدون إخطار الجمهور، وكأنه قطيع من الغنم تهشه على كيفها، أو عبد تأمره فيطيعها، ناسية أنه مصدر وجودها وبقائها والأرباح الضخمة التي تكنزها!
* ومن المضحك أن تزداد اسعار الانترنت بينما تزداد الخدمة سوءاً، بل إنها انهارت تماماً في الكثير من المناطق، وعلى سبيل المثال منطقة العمارات التي انقطعت عنها خدمة (إنترنت سوداني) منذ أكثر من أربعة عشر يوماً ولا تزال مقطوعة رغم مئات البلاغات من المواطنين التي لم تعرها الشركة أي نوع من الاهتمام ولا حتى مجرد اعتذار يُطيّب الخواطر، كما تعاني آلاف المناطق في كل أنحاء السودان من سوء وبطء وانقطاع خدمة الانترنت التي تقدمها كل الشركات، وصار انقطاع الخدمة هو القاعدة، وانسيابها هو النشاز بدون ان تطرف لشركات الاتصالات وهيئة الاتصالات عين او يهتز لها جفن، وهي محقة في ذلك، فلا احد يشتكي ولا أحد يعاقب ولا احد يسأل .. لا حكومة، ولا جمعيات حقوقية ولا مواطن، بينما تجنى شركات الاتصالات الأرباح الضخمة التي يتهمها البعض باستغلالها في المضاربة بالعملة الصعبة والتسبب في انهيار قيمة الجنيه!
* ويوجه البعض اتهامات لشركة (زين) التي تحظى بنصيب الاسد من المشتركين بالتسبب في اغلاق عدد كبير من مكاتب الوكلاء وسوء الخدمة في معظمها بسياساتها التمييزية بين الوكلاء واحتكار فواتير المؤسسات الحكومية التي تدر ارباحاً طائلة لقلة منهم، وحرمان الآخرين، وكذلك الحال بالنسبة للأرقام المميزة، مما أدى لإفقارهم وسوء الخدمة واغلاق عدد كبير من المكاتب، بالإضافة الى انعدام الشرائح والاسكراتشات واجهزة الانترنت، وضآلة الأرباح التي تتصدق بها الشركة عليهم مما ادى لانسحاب عدد كبير منهم وسوء الخدمة لدى البقية، الأمر الذى ارغم الشركة على عقد اجتماع مع الوكلاء في القاهرة أواخر شهر ديسمبر الماضي ومحاولة انقاذ ما يمكن انقاذه، بإطلاق وعود بتحسين الاحوال لتفادي انهيار خدمات الوكلاء، وهنا لا بد من السؤال: لماذا القاهرة وليس الخرطوم؟!
* يزداد الطين بلة كل يوم في قطاع الاتصالات وتفوح روائح الفساد ، وتتدهور الخدمة، وترتفع الأسعار ويتحمل المواطن كل العبء، ولا احد يهتم ولا أحد يسأل.. أما السؤال الأهم الذي لم يسأله أحد فهو.. لماذا تبدأ الاشياء عندنا جميلة، ثم تقبح وسرعان ما تنهار بدلا من التقدم الى الأمام؟!
زهير السراج
الجريدة