زهير السراج

نحن والمحاولة الفاشلة !


* من المؤسف أن يزعم البعض أن محاولة اغتيال حمدوك مجرد تمثيلية لتغطية فشل الحكومة في معالجة الأزمة الاقتصادية الطاحنة والشح الشديد في السلع الاستراتيجية، معتمدين في ذلك على ضعف الانفجار وعدم تحقيقه لهدفه بدون أن يكون لديهم أي دليل آخر، وكأنهم كانوا ينتظرون موت حمدوك أو على الأقل إصابته حتى يتأكدوا من صدق محاولة الاغتيال، وهو فهم ساذج نابع من سوء نية وفكر شرير، فهل يجب أن يتحقق هدف المتآمرين أو يكون الانفجار قوياً يقتل ويدمر ويحرق حتى تكون المؤامرة حقيقية؟!

* لماذا لا يفكر أصحاب هذه المزاعم السيئة في أن التنفيذ لم يكن جيداً، أو ان المتآمرين ليسو من أصحاب الخبرة والمهارة في تنفيذ هذه التفجيرات خاصة أن السودان لم يشهد مثلها من قبل، ولم يعرف المؤامرات المماثلة إلا في العهد البائد الذي اعتاد بعض قادته على تصفية خصومهم وحتى أصدقائهم، ولكن لم يعتد أهله على التآمر والمؤامرات ونصب الفخاخ وتفخيخ العربات والتفجيرات الانتحارية، كما ان هنالك الكثير من الامثلة والنماذج لتفجيرات فاشلة في دول كثيرة، ولم يكن تفجير (كوبر) هو الأول ولن يكون الأخير في سلسلة التفجيرات الفاشلة في العالم!

* وبنفس القدر الذى يتأسف فيه الإنسان على هذا التفكير الشرير والمزاعم التي لا تؤكدها أدلة، فإنه يتأسف على استعجال البعض، وبينهم سياسيون وقادة رأي عام، على توجيه الاتهام لجهة بعينها قبل ان تمر لحظات من انتشار خبر المحاولة الفاشلة، بدون أي دليل سوى الخصومة السياسية بغرض تحقيق مكاسب والحصول على التأييد الشعبي مستغلين عواطف الناس وكره غالبيتهم لتلك الجهات، وهو أمر يجب أن يجد الاستنكار والشجب والادانة من الجميع، بمثل ما وجدته المحاولة الاغتيال، وربما أكثر فليس هنالك جرم أكثر فداحة من أخذ الناس بالشبهات وتوجيه الاتهامات بدون أدلة، ومحاولة الانتقام بسبب الخصومة السياسية..!

* محاولة الاغتيال الفاشلة لرئيس حكومة الثورة التي ضحى من أجلها الشعب بأعز أبنائه وقدم أغلى التضحيات، ليست مباراة كرة قدم او فقرة استعراضية في مسرح او سيرك، ليتخذها البعض وسيلة للمناوشات والسخرية من الآخرين وممارسة الهزل واطلاق النكات واختراع المزاعم، وإنما جريمة في غاية الخطورة قد يكون لها أبعاد وتداعيات خطيرة جدا، ولا بد من أخذها بالجدية والتعامل معها بحذر وعدم استغلالها للمكايدة وتصفية الحسابات السياسية فتتأزم الأوضاع وتتعقد الحسابات، وتنحو البلاد نحو الخطر خاصة أنه لم تتوفر حتى الآن أية معلومات عن طبيعة وهدف ومنفذي محاولة الاغتيال الفاشلة التي ربما تكون مقدمة لأحداث خطيرة قادمة، وبالتالي لا بد أن يلتزم الجميع الحذر والحرص وتغليب المصلحة العليا على المصالح السياسية وأي مصالح وأهداف أخرى !

* ولا بد أن تفهم الأجهزة الأمنية المختلفة التي أظهرت بعد نجاح الثورة وسقوط النظام البائد (شيئا) من التراخي والكسل في أداء واجباتها، وخاضت صراعات مهنية مع بعضها البعض، ومكايدات مع الجماهير، انه إذا فشلت المحاولة السابقة وانقذت العناية الإلهية البلاد من الانزلاق الى الفوضى، فليس في كل مرة تسلم الجرة، وهو ما يحتم عليها أن تحرص كل الحرص على أداء واجباتها وفرض هيبة الدولة في إطار القانون واحترام حقوق الإنسان والتزام أقصى درجات الحيطة والحذر والدقة في التعامل مع المخالفات والشبهات والشكوك بما يحمي أمن الوطن وسلامة المواطن وكرامته!

* أقول للجميع: أتركوا محاولة الاغتيال الفاشلة للأجهزة التي تتولى التحقيق .. وتفرغوا لمعالجة المشاكل وبناء الوطن الذي لن نجد مكاناً غيره يأوينا إذا احترق !

زهير السراج
الجريدة