حيدر المكاشفي

وعود الامريكان.. بكرة السفر مجان


على خلفية المحاولة الارهابية الفاشلة التي استهدفت رئيس الوزراء حمدوك، أصدرت وزارة الخارجية الامريكية بياناً جاء فيه، (إن الولايات المتحدة تقف على أهبة الاستعداد لدعم الحكومة السودانية بقدر ما تستطيع، وإنها تواصل مراقبة الوضع عن كثب)، وأكد البيان أن الولايات المتحدة تدعم بقوة الحكومة الانتقالية التي يقودها المدنيون في السودان، وأضاف أن الولايات المتحدة الأمريكية تقف مع الشعب السوداني في سعيه لتحقيق السلام والأمن والازدهار والديمقراطية والمساواة)..كان هذا آخر ما اطلقه الامريكان من وعود قولية أو كتابية حول دعمها القوي ومساندتها لسودان الثورة، وقبل هذا البيان تواترت وتلاحقت اقاويل وبيانات امريكية عديدة، كلها كانت تؤكد هذا الدعم المزعوم بل وتعلن أن مسألة رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب بات مسألة وقت، ولكن لم يتحقق أيا من وعودها الملفوظة والمكتوبة، فلا رأينا منها دعم، كما يبدو أن وقتها لازالة السودان من اللائحة السوداء لن يأتي أبداً، ومن كثرة هذه الوعود الامريكية الزائفة، لم أعد مثلي مثل كثيرين نثق بالتصريحات والوعود الامريكية، وذلك لسبب غاية في البساطة وهو أن الذي تعودناه من مثل هذه التصريحات والوعود وخبرناه فيها لا يشجع على استقبالها بحماس، لجهة أن حصيلتها غالباً ما تنتهي إلى المردود صفر، مثلها مثل حكاية عرقوب صاحب المثل الشهير، والحكاية تقول أن رجلاً من العماليق يدعى عرقوب، كان يعد الناس ويخلف الوعد، ولا يفي بوعده، وكان له أخ ذهب إليه يطلب منه شيئاً. فقال عرقوب إذا اطلعت هذه النخلة فلك حملها. فلما أخرجت طلعها أتاه، فقال له دعها حتى تصير بلحاً. فلما أبلحت أتاه فقال له دعها حتى تصير زهواً. فلما أزهدت قال له دعها حتى تصير رطباً. فلما أرطبت قال له دعها حتى تصير تمراً. فلما أتمرت، قام عرقوب بجذّها بالليل قبل أن يأتي أخوه في الصباح. فلما جاء أخوه في الصباح ليأخذ التمر لم يجد شيئاً، ولهذا أصبح عرقوب ولايزال مضرب المثل في المطل وعدم الوفاء..أما حكاية رفع السودان من قائمة الارهاب مسألة وقت، يهيأ لي أنها عملية استكرادية قردية مستلهمة من العبارة السودانية التي يكتبها بعض المستهبلين من أصحاب البصات السفرية (بكرة السفر مجان) وبكرة هذه لن تأتي أبداً..
وازاء هذا المطل والتسويف الأمريكي الذي لازم عملية رفع اسم السودان من قائمة الارهاب، كان الافضل من التصريحات الجزافية المضروبة أن تلتزم امريكا الصمت، على رأي الطرفة الشهيرة، والطرفة تقول ان رجلاً عطشاناً شرب بالخطأ من قارورة ممتلئة بالجازولين (على ايام وفرة الجازولين طبعاً)، فالتهبت أحشاؤه ورقد يتقلب على الأرض وهو يصرخ من الالم والمعاناة، فالتف الناس حوله يفتون وينظرون في علاجه، ولما تكاثرت عليه الفتاوى والتنظيرات دون فائدة، هب فيهم صارخاً (ساعدونا بالسكات والموية الباردة)..والمطلوب الآن من الامريكان اما ان يرفعوا العقوبات أو يساعدونا بالسكات..

حيدر المكاشفي
الجريدة