حيدر المكاشفي

وظائف الغمتي


أجرت إحدى عماتنا الشايقيات عملية موية بيضاء في العين، وبعد نجاح العملية دار بينها وابن عم لها الحوار التالي.. قالها: دايري شي بعد فك البنج..قالتلو فاطنة سوت شنو مع كريم، الله لا كسبهم..قالها انت شن عاجبك في الخرابة دي..قالتلو:الرسول يا الحسن شفتا السماحة العند الخرابة دي..قالها:نان قايلاهن متل ألاتك العلي المُعلاق ديل..قالتلو:الرسول لا تضحكني تخرب علي عيني باقي ولادي دافعلهم فيها قروشا كتار..قالها: سمح اتغمتي نومي لا توجعي راسنا.. قالتلو: الغمتي اليلحقك مصطفي الكان داير فاطنة قبل يموت..قالها:انتي باقيلي بعد موت ود عمي مكاوي دايري تبقي متل المحامي العرس أم كريم..قالتلو:والله حلات الدنيا عليهو الحنين..قالها: الحن اليلحقك جدي ود قرنين.. قالتلو:بري مالك علي غور من فوقي وشوفلي سفة بالدس ولادي لا يقوموا فوقي..قالها:يسفوا عليك..هسي البُكان السمح ده دايري تسفي فيهو الله لا تاجرك..قالتلو:أسكت داعَني وجيبلي سفة يجيبوك مقلم انت.. قالها: هههههههههه الله لا كسبك اللمش أشوفلك سفة ماك مرة شي ..�يهمنا من هذا الحوار اللطيف الشائق عبارة (الغمتي) التي وردت فيه على لسان المتحاورين يذم بها كل منهما الآخر، والشاهد هنا أن (الغمت والغمتي) شيء مكروه في كل الأحوال لتناقضه مع الصراحة والوضوح والشفافية، وأيما أمر لا يراد له أن يعرف أو يكشف فانه (يغمت غمتا ولا من شاف ولا من دري)، وعلى ذكر الغمت والغمتي والغامتين والمغموتين والمغموت إليهم ، تقتضينا الأمانة أن نعترف بأن عبد الرحيم حمدي عرّاب سياسات التحرير والخصخصة، كان هو أول من استخدم هذا المصطلح من السياسيين والاقتصاديين، كان ذلك عند وصفه لعملية بيع سودانير لشركة عارف بأنه (شغل غمتي)، والحقيقة ليست سودانير وحدها التي مورس عليها شغل الغمتي في العهد البائد، بل غيرها كثير..أما اليوم وفي عهد الثورة وحكومتها الانتقالية، تكاثر الحديث وتوالى النقد ومن أعلى المراجع القيادية في الحاضنة السياسية للحكومة (قوى الحرية والتغيير) على ما يمكن أن نسميه (وظائف الغمتي)، فهاهو الصادق آدم إسماعيل أحد قادة قحت يقول فيها إن كل التعيينات التي تمت بمؤسسات الدولة، منذ إعلان الحكومة الانتقالية هي إزالة تمكين الإنقاذ بتمكين آخر أسوأ. ودعا الصادق في تصريح لـ(باج نيوز) امس، رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ووزراء حكومته إلى فتح الوظائف للجمهور للتنافس الحُر. وأضاف: جميع الوظائف بما فيها وكلاء الوزراء والمديرين العامين وظائف ضمن هيكل الخدمة المدنية، الصحيح أن تفتح لجميع السودانيين والسودانيات عبر مفوضية الخدمة المدنية، وقبل الصادق كان القيادي عمر الدقير قد ذهب ذات المذهب في نقد هذه التعيينات وغيره آخرون من قيادات قوى الحرية والتغيير نذكر منهم محمد عصمت، وكثرة الناقدين لطريقة التعيينات الجديدة لشغل الوظائف التي تشغر بقرارات لجنة تفكيك التمكين، تدل بوضوح على أن هذه الوظائف تملأ على طريقة (شغل الغمتي) وهو أيضاً من أساليب النظام البائد يجب تجنبه..

حيدر المكاشفي
الجريدة