زهير السراج

أخطاء قاتلة !

* أخيراً استجابت السلطات للمناشدات الكثيرة بفرض حظر التجوال لكبح السلوك البشري اللامبالي تجاه وباء الكورونا، حيث ظل الكثيرون يمارسون حياتهم بشكل عادي وكأنهم لم يسمعوا بالوباء الخطير الذي أصاب حتى اليوم نصف مليون شخص في العالم وقضى على خمسة عشر ألف منهم في أقل من اربعة اشهر، حسب الاحصائيات الرسمية، ومن المؤكد ان الارقام الحقيقية أكبر من ذلك بكثير جداً حسب القاعدة المعروفة بأن الارقام الحقيقية عادة ما تكون خمسة أضعاف الارقام المعلنة!

* ويجب ألا ننسى الإصابات غير المصحوبة بأعراض أو بأعراض خفيفة للغاية قد لا يشعر بها حتى صاحبها، بالإضافة الى الذين هم في طور الحضانة التي تقدر بين يوم الى اربعة عشر يوماً، ويكون فيها الشخص معدياً رغم عدم وجود اعراض!

* باختصار شديد، فإننا أمام وباء خطير سريع الانتشار، ولا يعرف أحد ما هو المصير خاصة مع عدم وجود أي علاج او لقاح حتى الآن، ولا يجب ان يعتمد الناس على المعلومات التي ترشح في أجهزة الاعلام والميديا بهذا الخصوص ويتراخوا في الاجراءات الوقائية، فليس من السهولة التوصل الى لقاح او علاج بهذه السرعة الخيالية، وحتى لو حدث فلا توجد امكانيات لصنع أدوية ولقاحات تكفي كل سكان العالم الذي يبلغ عددهم اكثر من سبعة مليار نسمة، كما انها ستكون باهظة الثمن بشكل خرافي لا تتحمله الا الدول الغنية فقط، بالإضافة الى أن اللقاحات الجديدة التي لم تأخذ الوقت الكافي في الاختبارات قد تكون بالغة الخطورة وأكثر خطراً من المرض نفسه في كثير من الأحيان، وهنالك الكثير من السوابق المعروفة في هذا المجال!

* الطريقة الوحيدة لكبح المرض هي الالتزام بالإجراءات الوقائية الصارمة والسلوك البشري المنضبط واتباع قواعد النظافة العامة والنظافة الشخصية، مثل تفادي الزحام والتجمعات، والبقاء في المنازل الا للضرورة القصوى والاستحمام وغسل اليدين بالماء والصابون او تطهيرهما بمطهر يدين قوى عدة مرات، وعدم لمس الوجه خاصة الانف والفم والعينين، والابتعاد عن الآخرين مسافة متر ونصف على الاقل خاصة الذين تظهر عليهم أعراض الرشح وامراض الجهاز التنفسي، وتغطية الفم والانف بمناديل ورقية او (كُم) القميص عند العطس، واستخدام الكمامة الطبية في حالة الاصابة بالرشح وامراض الجهاز التنفسي لحماية الآخرين من العدوى، أو أثناء التنقل والسفر بوسيلة مزدحمة، او بواسطة الاطقم الطبية او الاشخاص الذين يتعاملون مع المرضى!

* وهنا لا بد ان ألفت النظر الى أن استخدام الكمامة لفترة طويلة كما نرى الآن، قد يجعلها مصدراً للعدوى بدلاً عن وسيلة حماية، وإذا لم تكن هنالك امكانية لاستبدالها بأخرى نظيفة ومعقمة كل بضع ساعات فلا فمعنى لاستخدامها، كما أنها يجب أن تكون جيدة النوعية، وليست رديئة النوعية مثل الكمامات التجارية المنتشرة الآن والتي لا تفيد في الحماية من الميكروبات، ويجب على الاجهزة الاعلامية ان تفهم ان الحديث المتكرر عن الكمامة كوسيلة للحماية بدون توضيح الكيفية والتفاصيل الأخرى قد يكون ضاراً جداً، لأنه يؤدى لاعتقاد مستخدم الكمامة انه محصن ضد المرض بدون مراعاة نوعية الكمامة وكيفية استخدامها، بالإضافة الى عدم مراعاة وسائل الحماية الأخرى!

* لفت نظري في احدى الاذاعات اعلان عبارة عن كارثة حقيقية، أخشى أن يكون مصدره اللجنة القومية لمكافحة الوباء، يحث المواطنين الذين يشعرون بأعراض مرضية في الجهاز التنفسي بالذهاب لأقرب وحدة صحية، وهو أمر كارثي قد يتسبب في نقل العدوى لكثيرين في وسائل المواصلات او في الوحدة الصحية إذا كان الشخص مصابا بالمرض، والصحيح هو أن يعزل الشخص نفسه داخل منزله، بعيداً حتى عن أفراد أسرته، حتى لا ينقل العدوى لاحد، ويتصل بأرقام الطوارئ التي ستوجهه ماذا يفعل، وأحب أن أنبه هنا الى انه لا معنى لذهاب الشخص الى معمل مختبرات تجاري او أي وحدة صحية، إلا إذا كانت الحالة طارئة جداً مثل المعاناة من ضيق شديد في التنفس قد يودى بحياة المريض، لأن الاختبار المعملي للفيروس لا يوجد إلا في أماكن قليلة جدا منها معمل استاك الذي لا يتعامل مع الأفراد، ابقوا في منازلكم واتبعوا الارشادات، حمانا الله وإياكم.

زهير السراج
الجريدة