حيدر المكاشفي

رجالة المؤتمر الشعبي


في مؤتمره الصحفي الذي عقده يوم الاثنين الأول من أمس حزب المؤتمر الشعبي، وخاطبه ثلاثة من كبار قادته، وهم على التوالي أبوبكر عبد الرازق وكمال عمر وبارود صندل، وثلاثتهم ذوي خلفيات قانونية تفترض فيهم عدم القاء الأقاويل الجزافية التي توقع تحت طائلة القانون، غير أن هؤلاء القادة أدلوا بتصريحات خطيرة ومثيرة، منها ما يوجب التحقيق والمساءلة والتحري حولها، من ذلك قول أحدهم أن البرهان رئيس مجلس السيادة مؤتمر وطني، ولكنه لم يوضح ما اذا كان ذلك الانتماء قبل الثورة أو انه مازال عليه حتى اليوم، وفي كلا الحالتين اذا صح هذا الاتهام يكون البرهان في الحالة الأولى قد خالف قانون الجيش الذي يمنع منتسبيه من الانتماء السياسي الصريح (ويبقى ما في القلب في القلب)، أما اذا مازال على ولائه القديم وهو يتسنم أعلى مرجعية في مؤسسات الفترة الانتقالية فتلك مصيبة المصائب، ومنها أيضاً قول هذا القيادي (الشعبي) أن النائب العام دولة عميقة، ومن الأقوال الخطيرة كذلك قول أحد هذه القيادات أن الأمين العام للشعبي علي الحاج ورئيس مجلس شوراه إبراهيم السنوسي المحبوسان بكوبر رفقة مخاليع النظام البائد، رفضا الاستجابة لطرح قدمته قيادات المؤتمر الوطني داخل السّجن بتنفيذ انقلاب عسكري أو قُبول وحدة الإسلاميين أو التنسيق فيما بينهم. وزاد بالقول أنّ النظام البائد لا يزال يحكم البلاد، وأنّ المُكوِّن العسكري هو من يُؤمِّن الحماية لقادة الوطني، كاشفاً عن ترتيبات تُجرى ليصبح عبد الفتاح البرهان رئيساً للسُّودان عبر (انتخابات أو انقلاب)، ومضى مضيفا إنّ علي الحاج محجوزٌ إلى أجل غير مُسمّى بأمرٍ من المُكوِّن العسكري لممارسة ضغوط ومُساومات على الشعبي، وأن اللجنة القانونية لمُحاكمة المُتورِّطين في انقلاب 1989 ليست سوى كومبارس يُحرِّكه العسكريون..وكل هذه التصريحات المذكورة آنفا غاية في الخطورة لا يجب أن تمر دون التوقف عندها وفحصها وفرزها لمعرفة ما اذا كنت تنطوي على حقيقة أم أنها مجرد مكايدة وتكتكة سياسية وتلك هي مسؤولية الجهات الرسمية والسياسية..
أما ما عنانا هنا بصفتنا الشخصية هو قول أحد هذه القيادات إنّ حزبهم الشعبي تَحَدّى قرارات الطوائ الصحية وعقدوا مؤتمراً صحفياً، لأنّهم وفقاً لقوله (لا يخشون الحكومة ولا كورونا). فلم أعجب لعدم خشيتهم الحكومة بقدر عجبي من عدم خشيتهم كورونا، فاذا قبلنا عدم خشيتهم الحكومة (رجالة كدا) غير آبهين بأية عواقب، فكيف لهم بالله عليكم يمكنهم تحدي كورونا (رجالة كدا)، فعاقبة كورونا بتودي الخور وليس كوبر ولا ينفع معها (بل) ولا رجالة ولا حنفشة وحفظ النفس وعدم الالقاء بها الى التهلكة من فطانة المؤمنين، وأهلنا يقولون (مضارفة المؤمن على نفسه حسنة)، وهذه والله افادة تدفع للتأمل في مفهوم (الرجالة) بمعناها البدوي والبدائي عندنا كسودانيين بكل ما لهذا المفهوم من انعكاسات وتأثيرات على حياتنا العامة وشؤوننا العامة والخاصة، الذي قرّ وتوطن في عقول الغالبية الغالبة من الرجال السودانيين على اختلاف طبقاتهم الاجتماعية والاقتصادية ومستوياتهم التعليمية، واذا ما ركن المؤتمر الشعبي لانتهاح هذا النوع من الرجالة فلن يكون بأي حال جماعة سياسية راشدة وعاقلة بل يكون أقرب الى جماعات النقرز والفتوات..

حيدر المكاشفي
الجريدة