زهير السراج

الحظر الكامل الشامل !

* نشرتُ أول أمس ملخصاً للورقة العلمية التي أعدها مركز النماذج الرياضية للأمراض الوبائية بكلية لندن للصحة وطب المناطق الحارة عن الارقام المحتملة لعدد الاصابات بفيروس كورونا المستجد في القارة الافريقية في الاسابيع القادمة بناءً على معلومات مأخوذة من منظمة الصحة العالمية، توقع فيها ان يكون عدد الاصابات في السودان في الفترة ما بين منتصف ابريل الى اول مايو حوالى 1000 اصابة، وحوالى 10000 في الاسابيع التي تلى ذلك، الأمر الذي أثار غضب البعض واستهتار البعض الآخر، وعدها آخرون نوعاً من الغل والحسد من الأوربيين تجاه افريقيا لعدم تأثرها بالوباء، وذهب البعض ابعد من ذلك وعدها مقدمة مؤامرة لنشر المرض في أفريقيا بغرض إجراء اختبارات للقاح الذي يجري تصنيعه الآن .. وغير ذلك!

* كما اتهمني البعض بأنني عميل للكفرة الذين دخلوا في علم الله ومعرفة الغيب، والسعي لمساعدتهم في المؤامرة المزعومة، بينما اتهمني الذين أحسنوا فيَّ الظن بالعمالة لقحت والحكومة لتغطية فشلهما في توفير الخبز وحل الضائقة المعيشية .. وانبرى آخرون لنفي وجود مثل هذه الورقة، أو الطعن في صحتها استناداً على الارقام الرسمية السودانية، الى آخر ما جاء في التعليقات الكثيرة جداً التي حملتها مواقع التواصل الاجتماعي والرسائل التي وصلتني، وبصراحة لا ألوم أحداً على ذلك لعدم إلمام الغالبية (حتى المختصون) بموضوع النماذج الرياضية التي تلجأ اليها الجهات البحثية والأكاديمية للتعامل مع أحداث معينة مثل الوبائيات وغيرها بغرض وضع نموذج يشابه الواقع المحتمل لوضع الخطط المناسبة لمواجهته والتعامل معه، وهو علم لا يزال في بداياته في القارة الافريقية والسودان، وأذكر أن معهد الأمراض المتوطنة بجامعة الخرطوم كان قد بدأ في مشروع مشابه سابقاً (كنتُ جزءاً منه) ولكنه لم يكتمل!

* في حاجة مهمة يا اخوانا لازم نعرفها، هي انو قصاد أي زول مصاب بالكورونا بيكون في ما بين 2 – 3 اخدوا منو العدوى حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية (وده عدد كبير مقارنة بأمراض أخرى خطيرة مثل الايبولا)، والتقديرات دي ما عشوائية عشان ما يجي زول ناطى ويقول ليك ده كلام خارم بارم وشنو ما عارف!

* بعدين ما أي زول مصاب لازم تظهر عليو الاعراض او يتم تشخيصه وعزله، وحسب منظمة الصحة العالمية والدراسات العلمية انو 80 % من المصابين لا تظهر عليهم أعراض، لكن ممكن يعادوا غيرهم !

* عشان كده المرض خطير جداً وتم تصنيفه بأنه شديد العدوى .. والمنظمة العالمية قدرت انو 80 % من سكان العالم معرضين للإصابة به، منهم حوالى 4 % معرضين لخطر الموت، بالإضافة لمخاطر الانهيار الاقتصادي الشامل بسبب الوباء وتأثيراته المستقبلية على كافة جوانب الحياة… إلخ، والتي ربما تكون أخطر من الوباء نفسه!

* عندما تتوقع دراسة علمية من جهة موثوق بها ان يكون في السودان حوالى 1000 مصاب بالفيروس في آخر شهر ابريل و10000 آخر مايو ، ده ما معناهو انو كلهم سيتم تشخيصهم ومعرفتهم وعزلهم، يعني في نسبة عالية منهم بيكونوا هم ذاتهم ما عارفين رقبتهم (عشان ما في زول يقول ليك وينهم الالف ديل). بعدين التقديرات دي استندت على معلومات عن السودان، موش ساكت كدهّ!

* وبما ان السودان ليست لديه مقدرة لفحص عدد كبير من الناس لمعرفة مدى انتشار الوباء بالضبط، فان الارقام التي تنشرها وزارة الصحة عن عدد الاصابات لا تعطى الصورة الحقيقية للمرض ومدى انتشاره في البلاد. معروف أنو كلما زاد عدد الفحوصات زاد عدد الاصابات والعكس صحيح، عشان كده بتظهر لينا أرقام عالية في الدول التي لديها امكانيات أكبر للفحص، بالإضافة الى عوامل أخرى خاصة بكل دولة او منطقة!

* كما ان المرض جديد وهنالك معلومات كثيرة لم تُعرف بعد، بالإضافة الى عدم وجود علاج او لقاح، وانحنا دولة هشة وما عندنا امكانيات للتعامل مع المرض، لذلك فالحل الوحيد هو انو الناس تسيب السبهللية، وكل زول يلزم بيتو .. وبعد ده في ناس يجوا يقولوا ليك كاني وماني .. وديل ما بنفع معاهم إلا الحظر الشامل!، مهما كلف الأمر!

* واختم بقول الرسول الكريم (ص) .. أعقلها وتوكل . أعقلها يعني اربطها، موش تخليها سايبة وتجي تقول ألحقوني شردت مني!

زهير السراج
الجريدة