مصحف حميدتي ومصاحف أخرى
لاحظ المشاهدون الذين تابعوا على شاشات التلفزة أداء رئيس لجنة الطوارئ الاقتصادية حميدتي والرئيس المناوب حمدوك وبقية أعضاء اللجنة القسم ايذانا ببدء عملها، لاحظوا أن المصحف الذي أدوا عليه القسم قديم، وأثارت صورة هذا المصحف بائن القدم موجة من التعليقات والجدل في مواقع التواصل الاجتماعي باعتبار انه لا يشبه مصاحف القصر الجمهوري التي عادة ما يؤدى عليها القسم، ليتضح لاحقا بحسب بعض المصادر المطلعة أن هذا المصحف القديم مخطوط باليد بواسطة أحد مشائخ دارفور ويخص حميدتي شخصيا، وجلبه حميدتي خصيصا ليؤدي عليه أعضاء اللجنة القسم دونا عن أية مصاحف أخرى، وكشفت المصادر ذاتها ان حميدتي أخبر أعضاء اللجنة، بأن من ينكث بعد أدائه اليمين على هذا المصحف سيصاب بالشلل، وهذه اشارة الى أن لحميدتي اعتقاد خاص في مصحفه هذا..
ومصحف حميدتي الذي فضل أداء القسم عليه لاعتقاده فيه، يعيد للذاكرة شيوع مثل هذه الاعتقادات في بعض المصاحف ببعض المناطق الريفية بالسودان، وتحضرني بهذه المناسبة حكاية مصحف العتود وهي حكاية حقيقية دونها أحد القضاة، والحكاية تقول أن اعرابيا بأحد الأرياف تم القبض عليه متلبسا بجريمة سرقة عتود، واقتيد الى المحكمة الريفية على ذمة هذه القضية، ولكنه أنكر التهمة (حطب) عند مثوله أمام القاضي، وكاد القاضي أن يطالبه بأداء القسم على المصحف الشريف الموضوع على منضدته، قبل أن يستدرك سريعا استهانة أهل ذاك الصقع بالمصحف واستعدادهم للقسم عليه حانثين مئات المرات، بينما يخشون جدا القسم على مصحف أثري يخصهم، ليأمر القاضي بجلب ذاك المصحف الأثري، فجئ به محمولا مثل عنقريب الجنازة بواسطة أربعة رجال أشداء من فرط ضخامته، وضعوه أمام المتهم وأمره القاضي أن يقسم عليه بعدم سرقة العتود، ولكن المتهم بدلا من أن يقترب من ذاك المصحف ويضع يده عليه توطئة لترديد القسم، اذا به يقفز خطوتان الى الخلف ويصيح فزعا (أفو ..يا حضرة القاضي إت ما بتخاف الله..دحين أمانة في ذمتك هسع ده مصحف عتود)..وعن أطول وأكبر مصحف يقال أنه لخطاط مصري قضى ثلاث سنوات في نسخه على لفة ورق طولها 700 متر، ووضع المخطوطة التي تكسوها زخارف دقيقة ملونة في صندوق خشبي طويل، ويمكن تقليب الصفحات من خلال إسطوانتين في أعلى وأسفل الصندوق..أما أول مصحف في تاريخ الإسلام الثابت أنه لسيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهو مكتوب بخط اليد وحجمه كبير جدا شاملا كل سور القرآن الكريم مكتوبة بالخط الكوفي الذي كتبت به المصاحف في عهد سيدنا عثمان، ويتكون هذا المصحف من 1087 ورقة من الرق من القطع الكبير، وقياسها 57 سم ×68 سم، وعدد الأسطر 12 سطراً، وارتفاعه 40 سم، ووزنه 80 كيلوغرام، ومكتوب بمداد داكن، وبخط مكي يناسب القرن الهجري الأول، وهو كذلك خال من النقط والزخارف الخطية، وتوجد فواصل بين السور عبارة عن رسوم نباتية متعددة الألوان..واجمالا نقول ان للقرآن الكريم عدد كبير من المخطوطات المنتشرة في العديد من البلدان والمكتبات الدولية، وذلك مبحث كبير لمن يريد الاستزادة..
حيدر المكاشفي
الجريدة