نبيل أديب يكتب: الإسترداد وفقا لقانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989 وإزالة التمكين لسنة 2019

الإسترداد وفقا لقانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو1989
وإزالة التمكين لسنة 2019
قانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989وإزالة التمكين لسنة 2019 ،ونشير إليه فيما يلي بقانون إزالة التمكين تسهيلا للمرجع، هو قانون أساسي لأداء مهام الفترة الإنتقالية ،يهدف إلى إنهاء سيطرة الحزب الحاكم في نظام الإنقاذ، على مفاصل الدولة، والإقتصاد بعدد من الإجراءات، التي تقوم بها في المبتدأ لجنة تسمى “لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد وإسترداد الأموال”. وتهدف تلك الإجراءات لإزالة التمكين بمختلف أنواعه، ومن ضمنها، وهو ما يهمنا هنا، الإستيلاء على الأموال التي تم الحصول عليها بواسطة الحزب الحاكم أو واجهاته أو المتنفذين في النظام المباد، بطريق غير مشروع. وهي أموال إما مملوكة أو مستحقة للدولة أو لأفراد تم الحصول عليها إستغلالا للنفوذ أو بشكل من إشكال الفساد.
السوال المحووري هنا هل الإستيلاء على تلك الأموال من سلطات اللجنة حسبما سار العمل بأي مسمى كان ذلك الإستيلاء؟ هذا ما نود هنا الإجابة عليه. الأصل هو أن الدولة تحصل على الأموال عن طريق الضرائب، ولها أن تنشيء أو تشارك في مشاريع خاصة بغرض رفع القدرات الإقتصادية للمجتمع الذي تحكمه كهدف رئيسي وللإنتفاع من عائدها كهدف ثانوي. ولكن الدولة أيضا تحصل على أموال في مملوكة للأفراد عن طريق التعاقد ويجوز لها الإستيلاء على الأموال جبراً عن صاحبها إستستثناءً عن طريق التأميم والمصادرة.
التأميم والمصادرة
الفرق بين التأميم والمصادرة، هو أن التأميم يقوم على نزع ملكية عقار، أو مشروع، أو عمل صناعي أو تجاري معين، مملوك لجهة خاصة، وتحويله لملكية للدولة، عن طريق إستخدام الدولة لسلطتها الممنوحة لها بموجب القانون. ويوجب الدستور على الدولة أن لا تفعل ذلك، إلا إستجابة لمتطلبات الصالح العام، والتي تدعو لإستخدام عقار بشكل معين، يلزم معه تحويل ملكيته لصالح الدولة. كذلك فإن الدستور يلزم الدولة بأن لا تقوم بذلك إلا في مقابل تعويض عادل. هذا التعويض يخضع تقديره في حالة عدم الإتفاق إلى مراجعة القضاء.
أما المصادرة فهي تجريد لشخص من كافة ممتلكاته أو بعضها كعقاب على فعل جنائي إرتكبه. والمصادرة لا تقع بحكم الدستور إلا بحكم قضائي تحكم به المحكمة وفق القانون.
معنى كلمة إسترداد في القانون
معلوم أن اللجنة تستخدم كلمة إسترداد للإشارة إلى قرارتها بتحويل ملكية ممتلكات في يد أفراد أو هيئات بعينها لصالح الدولة، فما صلة ذلك بمعنى الكلمة في القانون؟
إستخدم قانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989 وإزالة التمكين كلمة إسترداد ولكنه لم يعرفها. والمعلوم أن القانون إذا إستخدم تعبيراً معيناً بمعنى خاص، مختلف عن المعنى العادي لذلك التعبير، فإنه يضع له التعريف الذي سيستخدمه به في صدر التشريع الذي إستخدمه على ذلك النحو. لما كان التشريع المعني لم يفعل ذلك، فإن المعنى الوحيد الممكن إستخلاصه من كلمة إسترداد هو المعنى اللغوي العادي لها. وسنسارع بإستبعاد المعنى المستخدم في إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، والذي جاء في تصريحات بأنها مصدر هذا التعبير، وذلك لأنه إذا كانت الإتفاقية المذكورة إستخدمت الكلمة بمعنى خاص ــ وهي لم تفعل على ما سنرى حالاُ ــ فقد كان الأول بالمشرع أن يضمن التشريع تعريفا يقول أن كلمة إسترداد تعني هنا نفس المعنى الذي تحمله إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. وواقع الأمر هو أن الإتفاقية لم تضع تعريفا معينا للفظ الإسترداد وقد خلت المادة الثانية والخاصة بالمصطلحات المستخدمة من تعريف لمصطلح إسترداد. صحيح أن الإتفاقية إستخدمت المصطلح ولكنها إستخدمته بمعناه العادي في المواد 52 و53، والتي توجب التعاون الدولي لإسترداد الأموال الواقعة عليها الجريمة عبر الحدود الدولية، الصادر بها أحكام قضائية، في الدولة التي وقعت فيها الجريمة. إذا فليس أمامنا إلا أن نقول أن القانون لم يضف على كلمة إسترداد معنىً خاصاً، وإنما يستخدمها بمعناها اللغوي العادي. والإسترداد لغة هو إستعادة الشئ الذي خرج لأي سبب من الأسباب عن حيازة شخص ما، إلى ذلك الشخص. وخروج الشيء عن حيازة الشخص يمكن أن يتم برضا الشخص، أو بحكم القانون، أو بعمل غير مشروع. وكلمة إسترداد تشمل من حيث المعنى عودة الشيء إلى تلك الحيازة، بغض النظر عن سبب خروجه عنها في المقام الأول.
أيلولة أموال حزب المؤتمر الوطني للدولة
إستخدم قانون تفكيك نظام الإنقاذ لفظ الإستراداد بصيغتين مختلفتين، في ثلاث نصوص مختلفة. الأولى في عنوان القانون حيث إستخدمها في صيغة المصدر، وإستخدمها مرة أخرى بنفس الصيغة في إسم اللجنة. والثالثة في الفقرة الثالثة من المادة (4) من ذلك القانون، وقد إستخدها في صيغة الفعل المبني للمجهول، فنص على أن تُحجز وتُسترد الممتلكات والأموال المملوكه للحزب والواجهات التابعة له، وتؤول لصالح وزارة المالية والتحطيط الإقتصادي.
ووفقا لذلك فالإسترداد يقع وفقاً لأحكام ذلك القانون، على الممتلكات والأموال المملوكة لحزب المؤتمر الوطني، أو لواجهاته التابعة له. وكلمة واجهات أيضاً لم يتم تفسيرها بواسطة القانون، مما يلجئنا لتفسيرها وفقا لمعناها السياسي. الواجهة تعني لغةً ما يقابل النظر من الشيء المنظور. وواجهات الأحزاب في الأدب السياسي تعني الواجهات التي يكونها الحزب للعمل من خلفها، أو التحالفات السياسية التي يعمل من خلالها.
ولكن كلمة إسترداد لم يستخدمها القانون في غير ذلك من صور الفساد. على أي حال فالفقرة شابها غموض غير مستحب في التشريع. فهي إستخدمت
كلمة تُسترد بصيغة مبنية للمجهول، دون تحديد لجهة بعينها، تمنحها سلطة إسترداد الممتلكات، والأموال المملوكة للحزب، أو الواجهات التابعة له. وما يزيد الأمر غموضاً أن المادة تتحدث عن الأموال المملوكة بواسطة المؤتمر الوطني، فهل كلمة تُسترد هنا تعني أن تلك الأموال الخاضعة للإسترداد، كانت قبل إمتلاكها بواسطة المؤتمر الوطني، مملوكة لوزارة المالية والتخطيط الإقتصادي؟ هذا هو معنى المصطلح، وإن كنت لا أعتقد أن هذا هو المقصود. وكان الأوفق أن تُحذف كلمة تُسترد من الفقرة، فيكون نصها “تُحجز الممتلكات والأموال المملوكه للحزب والواجهات التابعة له، وتؤول لصالح الدولة” إذ لا معنى للنص على وزارة المالية والتخطيط الإقتصادي، لأن أيلولة الملكية للدولة هو الحكم المطلوب، أما الجهة داخل جهاز الدولة التي ستستفيد من تلك الأيلولة فتختلف حسب طبيعة الأموال نفسها.
مصدر الحكم وسلطة تحديده
هذه هي صيغة أوضح للمقصود من المادة، وهو أيلولة كل الأموال المملوكة للمؤتمر الوطني وواجهاته للدولة. وهي أيلولة تقع بحكم القانون، ولا تحتاج لقرار من جهة بعينها، ولكن ما يحتاج لقرار هو تحديدها وإستخلاصها في مواجهة الجهات التي تدعي ملكيتها.
علينا أن نفرق هنا بين الأموال المملوكة للحزب المحلول وواجهاته بشكل واضح قانوناً، لا يحتمل نزاعاً. وأمثلة ذلك تبدو بالتسجيل في العقارات، أو بالحيازة بالنسبة للمنقول. وهذه الممتلكات تؤول ملكيتها للدولة بحكم القانون، ولا تحتاج أصلا لقرار من لجنة إزالة التمكين. وبين الممتلكات المملوكة للحزب والتي يأتمن عليها غيره بشكل غير ظاهر وهذه سنتناولها لاحقا.
بالنسبة للحالة الأولى فقرار الحل يحمل في طياته أيلولة الممتلكات للدولة. السؤال هو ما هي طبيعة هذه الأيلولة؟ لا شك أن الأيولة هنا تقوم على نزع الملكية كعقوبة. وهي إذا مصادرة. وحكم القانون بأيلولة أموال الحزب للدولة، لا يشكل صعوبة دستورية، لأنه قرار تبعي مترتب على الحل. صحيح أن المصادرة لا تجوز إلا بحكم قضائي، ولكن هذا هو حكم دستوري يتمتع به الأفراد والهيئات التي يعترف بها القانون. حل الحزب هو بمثابة إعدام له لا يجعل له أي حقوق يمكن بقاؤها على إستقلال. وإن جاز الطعن في الأيلولة كجزء من الطعن قرار الحل نفسه.
الأموال التي تم إنتقالها عن طريق معاملات فاسدة
معلوم أن للجنة إختصاصات أخرى وهي محاربة الفساد، وتفكيك التشكيلات القانونية التي كان المؤتمر الوطني يستخدمها في التمكين لنظام الإنقاذ، والتي منح القانون للجنة سلطة حلها. وهذه التشكيلات تشمل النقابات، والإتحادات المهنية، والجهات الحكومية، والشركات الخاصة، وأي مكون أخر حسبما هو وارد في القانون. والسؤال هو ما هي سلطة اللجنة فيما يتعلق بالأموال التي تصل من واقع تحرياتها إلى أنها في واقع الأمر تخص الحزب أو واجهاته، ولكنها مسجلة كعقار، أو تحت حيازة آخرين؟ هنا علينا أن نعود بمنتهى الدقة لسلطات وإختصاصات اللجنة.
الأموال المملوكة في الظاهر لهيئات
الملاحظ أن اللجنة في قراراتها المتعلقة بالأموال، تستخدم لفظ الإسترداد للإشارة إلى الأموال التي قررت أنها إنتقلت عن طريق الفساد، إلى أفراد كانوا متنفذون في نظام الإنقاذ، أو أموال مملوكة لحزب المؤتمر الوطني أو واجهاته، وهذه المسائل يشوبها خلل كبير.
لابد لنا هنا من التفرقة بين الأموال المملوكة لهيئات، وبين الأموال المملوكة لأشخاص. الثابت هو أن الأموال المملوكة لهيئات، يترتب على حل المنظمة التي تملكها، ضرورة تحديد جهة لحصرها ولحفظها، منعاً لضياع تلك الأموال. وبالتالي فإن حل المنظمة يتطلب بالضرورة وضع الأموال المملوكة لها، حتى ولو كان ذلك بشكل مؤقت، في يد جهة ما. لذلك فإن القانون ينص على أن تحدد اللجنة طريقة التصرف في تلك الأموال. وهذا الأمر هو بطبيعته مؤقت لحين إستلامه بواسطة النقابة أو الهيئة البديلة. ولكن ذلك لا يمنع الطعن في تلك القرارات بالسبل التي وفرها القانون في الطعن في قرارات اللجنة. وقرار التصرف في ممتلكات الهيئة أو النقابة المحلولة يتصف أيضا بصفته قرار تبعي، وغالبا ما يتم الطعن فيه مع الأمر الأصلي الذي يقضي بالحل.
الأموال المملوكة لأشخاص أو لهيئات قائمة
السؤال هو ما هي سلطات اللجنة فيما يتعلق بالأموال المملوكة لأشخاص أو لهيئات لم تخضع لقرار بالحل، ولكن تحريات اللجنة تشير إلى أن تلك الأموال هي في واقع الأمر مملوكة لحزب المؤتمر الوطني؟ هل سلطات اللجنة تمتد إلى الإستيلاء على تلك الأموال؟
وكذلك يثور سؤال بالنسبة لسلطات اللجنة، فيما يتعلق بالأموال المملوكة لأفراد أو هيئات لهم علاقة بالمؤتمر الوطني، أو بنظام الإنقاذ، والتي تشير تحريات اللجنة إلى أن تلك الأموال قد إنتقلت إليهم عن طريق إستغلال النفوذ أو أي معاملات أخرى فاسدة. ما هي حدود سلطات اللجنة بالنسبة لتلك الأموال؟
الواضح هو أن حكم القانون في هذه المعاملات هي نزع ملكية تلك الأموال في الحالتين. الأولى لأنه لم يعد لحزب المؤتمر الوطني أو لأي من واجهاته سلطة تملك الأموال، وبالتالي فإنه إذا ظهر أن أموالا معينة يمتلكها أفراد أو هيئة في الظاهر، ولكنه في الواقع يفعل ذلك بإعتباره/ها أمين/ة عليها لصالح جهة غير مشروعة، فإنه لا تكون له صفة أصلا في المطالبة بها، لأن عقد الأمانة يكون عقدا باطلاً، إذ أن الأمانة لا تنعقد ولا تستمر بالمخالفة للقانون. إذا فهذه الأموال تؤول بحكم القانون إلى الدولة.
والحال لا يختلف عن الأموال التي تكشف اللجنة عن أنه تم الحصول عليها بواسطة متنفذين عن طريق معاملات فاسدة، سواء أكان ذلك بإستغلال النفوذ أو بقبول الرشى، أو بالإكراه غير المشروع، أو بالإبتزاز، أو بغيرها من تلك الأساليب غير المشروعة. إستخدام تلك الأساليب تبطل إنتقال الأموال الذي تم نتيجة لها وبالتالي فإن كل هذه الأموال تؤول للدولة ولكنها تؤول للدولة بحكم القانون وليس بقرار اللجنة والفرق بين الإثنين لا تخطئه عينا قانونية.
الأصل هو أن أيلولة الأموال من شخص من أشخاص القانون، إلى شخص آخر، تتم إما بالعقد، أو بحكم القانون. هل الدولة تُستثنى من ذلك؟ نعم. ولكن فقط عند تدخلها بصفتها دولة لنزع الملكية للصالح العام، أو عن طريق محاكمها بالمصادرة على عقوبة جنائية.
ضرورة الحكم القضائي
ويعقب هذا سؤال آخر، هل تنقل المعاملات الفاسدة، الملكية من شخص لآخر؟ الإجابة عندي بالنفي؟ ولكن أليس إسترداد اللجنة للأموال التي ثبت لها أنها قد إنتقلت ليد المتمكن عن طريق معاملة فاسدة هو حكم متفق مع القانون؟ الإجابة بالنفي لسببين: الأول أن اللجنة لا تملك سلطة التوصل لهذه النتيجة، فذلك يجب أن يثبت أمام القضاء. والثاني أن الأحكام القانونية لا تنفذ بذاتها، ولكن تصدر بها أحكام قضائية. لأن الحكم القضائي إما مقرر، أو كاشف. والحكم المقرر ينفذ من تاريخ صدوره، لأنه ينشيء أوضاعاً قانونية لم تكن موجودة قبل صدوره. في حين أن الحكم الكاشف هو حكم يكشف عن وضع قانوني كان موجوداً قبل صدور الحكم. ومن ذلك الحكم ببطلان العقد، أو بأيلولة ممتلكات المورث إلى الورثة. وبالتالي فإن الأموال التي إنتقلت إلى مالكها عن طريق إستغلال النفوذ، أو المعاملات الفاسدة، هي أموال ليست مملوكة للشخص الذي إنتقلت إليه عن ذلك الطريق. ولكن ذلك الوضع القانوني لا ينفذ في مواجهة الكافة بذاته، بل يتم ذلك عن طريق حكم قضائي يكشف عدم وقوعه.
هل تملك اللجنة سلطة نزع المال؟
السؤال هو هل منح قانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد وإستراداد الأموال سلطة الأمر بنقل ملكية الأموال المملوكة لأفراد أو لهيئات قائمة إلى الدولة ؟ بمراجعة المادة 7 من قانون إزالة التمكين نجد أن الفقرات التي تتحدث عن التصرف في الأموال هي الفرات (ب) و)(ج) و (و) من المادة . الفقرتان (ب) و (ج) تتحدث عن التصرف في أموال هيئات عقب صدورأمر بحلها. وهذا التصرف هو نتيجة ضرورية لإنهاء الشخصية القانونية للهيئة المحلولة، وهو تصرف مرتبط بصحة قرار الحل، وبالتالي فإنه لا يقوم على نقل ملكية المال من جهة لأخري.
أما الفقرة (و) فهي تتحدث عن محاربة الفساد والمفسدين، وهو الأمر الذي يعنينا هنا. فما هي سلطات اللجنة في هذا الصدد؟ تنص الفقرة على أن من سلطة اللجنة إتخاذ كافة التدابير والإجراءات والدعاوي والسؤال هو هل تشمل تلك الإجراءات إصدار قرار بمصادرة تلك الأموال؟
الفقرة (و) تدرجت في السلطات بدءأ من إتخاذ كافة التدابير، ومروراً بالإجراءات، وإنتهاء برفع الدعاوي، فهل تشمل كلمة التدابير إصدار قرار بالتصرف في الأموال؟
في إعتقادي، كما أسلفت، أن المعاملات الفاسدة لا تنقل الملكية وفقاً للقانون. لأن المعاملات الفاسدة معاملات غير شرعية لا تنتج أثراً قانونياً، وبالتالي فإن المعاملة تكون باطلة. ولكن السؤال هو هل تملك اللجنة سلطة إبطال المعاملة؟ الثابت هو أن البطلان هو حالة قانونية تجرد المعاملة من أي أثر قانوني، ولكن تلك الحالة تحتاج لحكم قضائي للكشف عنها. وبالتالي فإنه لا يجوز لجهة الإدارة أن تقرر هي حالة البطلان ،وتنقل ملكية المال إستنادا على قرارها ببطلان المعاملة . هذه سلطة يستقل بها القضاء. ليس فقط لأنها فصل في خصومة، ولكن لأن ملكية الأموال محمية بواسطة الدستور، ولذلك فإنه لا يجوز أصلاً لجهة الإدارة أن تقرر صحة ذلك التملك، طالما أنه تم في ظاهره صحيحا. وإنما يجوز لها فقط أن تنازع في صحة ذلك التصرف أمام القضاء.
مجمل القول هنا هو أن الأموال التي تم الحصول على ملكيتها بواسطة أي من أعمال التمكين الواردة في قانون إزالة التمكين، هي أموال تم الحصول عليها بطريق غير مشروع، وبالتالي فإن التصرفات التي أنتجته هي تصرفات غير مشروعة. ولكن عدم المشروعية قد وقع بفعل هو في ظاهره صحيح مما يستلزم أن يتم الكشف عن عدم مشروعيته بحكم قضائي، لأن جهة الإدارة لا تملك أن تقرر بإرادتها الذاتية عدم مشروعية ذلك التصرف.
نبيل أديب عبدالله
المحامي

Exit mobile version