حيدر المكاشفي

أهلا شهر الرحمات والبركات


في رمضان قال شاعر عابد وصالح..
رمضان أقبل يا أولي الألباب
فاستقبلوه بعد طول غياب
عام مضى من عمرنا في غفلة
فتنبهوا فالعمر ظل سحاب
وتهيأوا لتصبُّرٍ ومشقة
فأجور من صبروا بغير حساب..
نعم فقد أقبل شهر رمضان وهل شهره الفضيل وكان لابد لنا أن نستقبله بتحية وترحاب، فاليوم السبت هو غرة الشهر الكريم وأول أيامه فى السودان بحسب فتوى مجمع الفقه السوداني، فيما كان يوم أمس الجمعة هو أول رمضان عند دول عديدة على رأسها المملكة العربية السعودية ولكن لم يأخذ مجمع فقهنا بفتواها لأول مرة منذ سنوات طويلة، حيث كان فقهاء مجمعنا يجتمعون عند يوم تحري رؤية هلال رمضان، وحيث لم يحدث قط أن ثبتت رؤية الهلال فى السودان على الأقل خلال أربعة عقود، كان فقهاؤنا ينتظرون فتوى السعودية وعلى ضوئها يفتون بثبوت رمضان من عدمه، ولا أريد الخوض هنا في مسألة فقهية قد تختلف فيها الآراء الفقهية، ولكني فقط استغربت مثل كثيرين لماذا لم يعتمد مجمع فقهنا الفتوى السعودية كالمعتاد طالما لم تثبت له الرؤية فى السودان..
على كل حال نحن اليوم فى أول شهر رمضان الشهر الفضيل الذي نسأل الله تعالى أن يجعل صيامكم فيه صيام الصائمين، وقيامكم فيه قيام القائمين، وينبهكم فيه عن نومة الغافلين، وأن يعفوَ عنكم العافي عن المجرمين، وأن يرفع بلاء الكورونا عن كل العالمين، وشهر رمضان الذي اختص به الحق جل وعلا نفسه بقوله تعالى (كل عمل ابن آدم له الا الصوم فانه لي وانا أجزي به)، هو شهر أقول يفترض أن يخصصه المسلمون للفقراء، ولا أدل على ذلك من أن واحدة من أهم حكم مشروعية الصوم، هو أنه يجعل الصائم يستشعر جوع الجوعى وعذاب الفقراء ووخز البطون الخاوية، حتى يذوق ألم الجوع وقرصاته المحرقة من لم يذقه من قبل، فيكون هذا الإحساس موجباً للرحمة والعطف والإنفاق والتوسعة على المساكين، الفقراء في حواشي المدن وهوامشها، ومع طلائع هذا الشهر الكريم إننا نتطلع أن لا نفتقد الجهود الخيرية لإسعاد الفقراء والمساكين والضعفاء وذوي الدخل المحدود والمتعففين وإدخال البهجة والفرحة على نفوسهم ونفوس أطفالهم بما توفره لهم في حدود إمكانياتها من مواد وحاجيات رمضانية أو أموال توزعها لأكثر الأسر حاجةً في دائرة وجودها، فتوفر لهذه الأسر ما تصنع به طعام إفطارها خلال أيام رمضان، ورغم محدودية هذا الصنيع إلا أن أثره وصداه يبقى كبيراً، والأهم من ذلك هو أن يستمر هذا العمل على ضآلة مردوده قياساً بمساحات الفقر والحاجة والعوز الممتدة على طول البلاد وعرضها، ففي هذا الاستمرار والإصرار عليه إصرار على أن تبقى جذوة التكافل والتراحم والإنفاق على الفقراء وقضاء حوائج المحتاجين متقدة مهما كان ضوؤها خافتاً، خاصة في هذا الشهر وهذه لعمري مهمة عظيمة ونبيلة تمتد وتتمدد في فضاء الدولة العريض من الحكومة وحتى الفرد..

حيدر المكاشفي
الجريدة