حيدر المكاشفي

عندما يتحدث فاقد الشيء عن هذا الشيء

على خلفية اعتقال مجموعة من أسر معتقلي النظام المخلوع بسبب تنظيمهم لوقفة احتجاجية أمام سجن كوبر مخالفة للائحة الطوارئ الصحية المانعة للتجمعات حرصا على حياة الناس، برز رئيس الحزب المحلول البروف غندور على صفحته بالفيسبوك، ليهاجم الحكومة على هذا الاجراء وعلى عدم اطلاق سراح جماعته لحمايتهم من كورونا أو وضعهم قيد الإقامة الجبرية أو إتخاذ ما يُطمئِنْ أسرهم، ثم يختم غندور واعظا الحكومة بأنها لا يحق لها بعد ذلك أن تتحدث عن الحرية والعدالة، وهل ذكر غندور الحرية والعدالة، نعم ذكرهما بل وطالب بهما، وعلى ذكره هذا تذكرت على الفور قصيدة موعظة الثعلب التي طالعناها فى كتاب المطالعة فى الابتدائية، والقصيدة تقول.. (برز الثعلب يوماً في ثياب الواعظينا.. فمشى في الأرض يهدي ويسبّ الماكرينا.. ويقول: الحمد لله إله العالمينا.. ياعباد الله توبوا فهو كهف التائبينا.. وازهدوا في الطير إن العيش عيش الزاهدينا.. واطلبوا الديك يؤذن لصلاة الصبح فينا.. فأتى الديك رسولٌ من إمام الناسكينا..عرض الأمر عليه وهو يرجو أن يلينا.. فأجاب الديك: عذراً يا أضلّ المهتدينا.. بلّغ الثعلب عني عن جدودي الصالحينا.. إنهم قالوا وخير القول قول العارفينا.. مخطئٌ من ظنّ يوماً أنّ للثعلب دينا)..
يا للهول وسبحان مغير الأحوال من حال الى حال، غندور ورهطه يتحدثون عن قيم الحرية والعدالة وحقوق الانسان، وهي ذات القيم التي داسوها وانتهكوها واحتقروها بل ولا يعرفونها، وهذه والله جرأة وقوة عين لا يأتيها إلا من لا يستحي ولا يختشي، فهذه القيم كانت مفقودة تماما طوال عهدهم، فكيف بالله بفاقد الشيء يحدث الناس عنه، هذا والله لا يجوز الا اذا جاز للحرامي أن يحدث الناس عن طهارة اليد والامانة والاستقامة، ووالله لايجوز الا اذا جاز للمرتشي أن يعظ الناس عن العفة والنزاهة، ولا يجوز الا اذا جاز للظالم المستبد الباطش أن يقوم فى الناس خطيبا عن قيم الحرية والعدالة، ولأن هذا لا يجوز ولن يقبل من فاقده اذا تكلم به، لهذا عجبنا لحديث غندور عن الحرية والعدالة وحقوق الانسان، فغندور وجماعته ومن واقع ووقائع سجل نظامهم الأسود في كل هذه الملفات هم آخر من يتحدث عن هذه المعاني والقيم، وغندور بتغوله هذا على هذه القيم انما يحاول أن يبيع الناس الأوهام ويريدهم أن يصدقوا انه وجماعة حزبه المحلول هم حماة حمى الحرية والعدالة وأبطال العفة والنزاهة..من يصدق ذلك يا غندور اللهم الا اذا كنت كدأب جماعتك ما زلتم تعتقدون ان جموع الشعب السوداني ليسوا سوى قطيع من الهبنقات تسيل ريالتهم على صدورهم..ان غندور بحديثه هذا يحاول عبثا أن يبدو مثل الوعاظ الزاهدين الأمناء على خدمة الشعب، وكأنه لم يفعل شيئاً ولم يكن من رؤوس الحربة في النظام البائد، وهيهات فقد كنت وما تزال بحكم ترؤسك اليوم للحزب المحلول أحد كبار مسؤوليه ومسؤول تماما عن جرائمه وانتهاكاته وفساده، فلا مهرب لك من المسؤولية التضامنية ولا منجاة لك من مسؤوليتك عن صمتك على كل بلاوي ومخازي ومساوئ واباطيل وضلالات وخزعبلات عهدكم الأسود..فلتلتزموا الصمت في حرم الثورة فهذا أفضل لكم وأرحم للناس من هذه الأحاديث المستفزة..

حيدر المكاشفي
الجريدة