زاهر بخيت الفكي

صدقت يا مولانا..!!

قال الشيخ الشعراوي (رحمه الله تعالى) (أنّ الانتماء إلى حزب ديني ليس من ركائز الإسلام ولا يضير إسلامي شيء إن لم أنتَمِ إلى هذا الحزب فأنا مسلم قبل أن أعرفكم، وأنا مسلم قبل أن تُكوّنوا حزباً، وأنا مسلم بعد زوالكم ولن يزول إسلامي بعدكم. إنّنا كلّنا مسلمون، وليسوا هم وحدهم من أسلموا…هو حزب سياسي قبل أن يكون ديناً وهو يمثل الفكر السياسي لأصحابه ولا يمثل المسلمين. فإن كنتم أهل دين، فلا جدارة لكم بالسياسة وإن كنتم أهل سياسة فمن حقّي أن لا أختاركم ولا جناح على ديني. فأنا أرفض أن أنتميَ إلى حزب يستجدي عطفي مستنداً على وازعي الدينيّ قبل أن يُخاطب عقلي. وأنا أرفض أن أستجديَ ديني في صندوق انتخاب، فديني لا أستجديه من غير خالقي، ثمّ يقول: “أتمنّى أن يصل الدين إلى أهل السياسة…ولا يصل أهل الدين إلي السياسة)..
صدقت يا مولانا ومن منّا لم يتمنى ذلك أيّها الشيخ الجليل..؟
لقد وصل القوم بمطية الدين إلى السياسة (عندنا) وليتهم لم يصلوا، ليتهم انشغلوا بغير السياسة واهتموا بنشر قيم الدين وسماحته بين الناس وصيّروا أنفسهم مواعيناً للدعوة الحقّة حتى نُشير إليهم ببنان الصدق، رُبما جاءتهم السياسة صاغرة تسعى إليهم ليُزينوها بمكارم الأخلاق وقيّم الدين السمحة الداعية للعدالة والحرية والسلام، والمُزدانة بعفة اللسان ونظافة اليد والمُتاجرة المُخلصة مع الله مُقابل جنة عرضها السموات والأرض خالدٌ من دخلها برحمة الله.
دخلوا ببوابات الدين يا مولانا وخرجوا وقد ملكوا الدُنيا بعد أن تنافسوها، تاجروا فيها مع إبليس اللعين وقد أغراهم بملذاتها وأنساهم الموت والسؤال ومهّد لهم طُرق الوصول إليها لينالوها ولم يُقصّروا بل تفوقوا عليه، وظنّوا ظنّاً لم تُدانيه شكوكهم بأنّهم مُخلدون في مقاعد الحُكم إلى يوم البعث أو قبله بقليل ليسلموها إلى نبي الله عيسى عليه السلام، انشغلوا بالدُنيا وبمباهجها وتناسوا (عمداً) تلك الشعارات النبيلة والمُجاهدات الطويلة في الدعوة إلى دين ينهانا عن المفاسد ويُحذرنا من أكل أموال الناس بالباطل وهضم حقوقهم وعن استغلال السُلطة، ولنا ولكُم إن نسيتُم في الفاروق عُمر أسوة حسنة في سلبه لأبل إبنه عبدالله رضي الله عنهما وضمها لبيت المال لمُجرد الشك في أنّ إبل إبن أمير المؤمنين ترعى (بالسلطة) في كلأ يخُص العامة.
استغلال للسلطة في أسوأ صوره وحُماة الدين في بلادنا يستغلون سلطاتهم استغلال بشع جدا، وما جاءت به لجنة تفكيك التمكين ستُخرِس ألسنة من كانوا بالأمس القريب يُحدثونا عن الزُهد في الدُنيا والعمل للأخرة والصبر على الفقر والابتهال لله سُبحانه وتعالى أن يصرُف عن البلاء وحمداً لله أن استجاب المولى الدُعاء وقد خرج البلاء، ونسأل الله أن يصرِف عنّا الوباء.

زاهر بخيت الفكي
الجريدة