(كادقلي.. إستدعاء الحكمة وصوت العقل)
– قبل يومين من وقوع أحداث كادقلي كنت أنا و الأخوين أبو الحسين خميس و طارق محمد عبد الرحمن – كلنا دفعة ونعتز بالإنتماء لكادقلي – كنا نتداول جزء من سيرة المك محمد رحال.
( مك قبيلة كادقلي ) الذي إستطاع بحكمته أن يحوِّل كادقلي إلى مجتمع واحد متجانس و متعايش و متصاهر لا تكاد تشعر فيه بأي إنتماء قبلي ، و بفضل ذلك إحتضنت كادقلي ( المجتمع ) بمجموعاتها السكانية المختلفة كل من وفد إليها من كافة أنحاء السودان فأصبحت سوداناً مصغراً و منطقة جذب للموظفين و المعلمين و الأطباء و القوات النظامية و المهنيين و التجار من كافة أنحاء السودان ، و قد مثلت (مؤسسة جبال النوبة الزراعية ) قبل حلها أكبر بوتقة إنصهار لهذا المجتمع.
– المحتل البريطاني و من خلال سياسة ( المناطق المقفولة و التبشير الكنسي) التي طبقها على جبال النوبة و مناطق أخرى في السودان أراد أن يؤسس لبؤر إشتعال مستقبلية في السودان ( و هذا ما حدث لاحقاً) ، و هي نفس السياسة التي إتبعها في نيجريا فخلفت حرب ( بيافرا 1967).
– طوال سنوات ( الحرب ) التي خاضتها الحركة الشعبية قطاع جبال النوبة بقيادة يوسف كوة و القادة الذين جاءوا من بعده ضد الحكومات المركزية منذ العام 1987 لم يتحول الصراع في جنوب كردفان ( جبال النوبة ) إلى صراع إثني أبداً ( رغم محاولات البعض ) و هذا يؤكد حقيقة (المجتمع الواحد) و يثبت الوعي الكبير لإنسان هذه المنطقة الذي لم يتوفر حتى للأوربيين الذين كانوا يتقاتلون قبل أقل من عقدين على أسس إثنية ( يوغسلافيا سابقاً و منطقة البلقان ).
– عندما تجدد القتال مرة أخرى في 2011 ( الكتمة ) إستعصت جنوب كردفان ( جبال النوبة) و استعصمت مرة أخرى و لم تتحول الحرب فيها إلى مواجهات إثنية .
– ما جرى في اليومين الماضيين بمدينة كادقلي حاضرة الولاية بالإضافة إلى فرض هيبة الدولة و تطبيق القانون يتطلب حركة مجتمعية كبيرة و شاملة من جميع أبناء الولاية بمختلف إنتماءاتهم و تخصصاتهم لوأد الفتنة و رتق النسيج الإجتماعي و تحقيق السلام المجتمعي من أجل إنسان الولاية الذي دفع ثمناً باهظاً للحرب منذ إندلاعها في العام 1987 . ( أقترح أن يقود هذه المبادرة العالم الجليل بروفيسور هنود أبيا كدوف ).
– كذلك لا بد من التأكيد على دور الإدارة الأهلية في حفظ السلم المجتمعي و تفعيل العهود و التحالفات القديمة و التاريخية بين القبائل.
حاج ماجد سوار