زاهر بخيت الفكي

فساد وقوة عين..!!


قال أحدهُم إنّ الفساد هو الفاحشة الكبرى ، الفساد لا يفلح أمة ، وهو مرض يجب استئصاله وبتره لأنه معد ولا يجوز السكوت عليه ، وعلينا أن نعالج الفساد ونمنعه لأننا لا نريد أن يكون بيننا مريض بهذا الوباء الذي يلطخ الدولة ككل ويلوثها.
لدينا مثل عميق في السودان عزيزي القارئ يقول (مالاً تُودعوا وادعوا) يعني لو أودعت مالك عند من لا يحفظ الودائع وتركته بلا مُتابعة (وادعوا) أي ودّعوا واقنع منه ، وهكذا أهملنا أموالنا وممتلكاتنا من قبل عندما تركناها وديعة في أيدي غير أمينة وحدث ما حدث .
توقّف سائق العربة الحكومية البيضاء الفارهة ماركة نيسان باترول بلوحتها الحكومية في الميناء البري جهاراً نهاراً والعين تشوف لاغتنام فرصة حالة الحظر المفروض وحاجة المواطن الماسة للسفر ، توقّف لشحن سيارته بالركاب بقوة عين وكأنّها سيارة أجرة تعمل بين الولايات ، لم يُبالي أو يخشى من عين رقيب تترصده أو قانون قد يُعاقبه على فعلته المُشينة ، قيمة التذكرة ألف ونُص (فقط) مليون ونُص بالقديم وقد استثنى أحد كبار السن بعد رجاءات وأخذ منه ألف جنيه ، امتلأت السيارة بالركُاب وأودع المبلغ في جيبه وتحرك.
القصة ليست رواية افترى فيها من جاء بها على السائق أو صورة مُلتقطة طالتها عمليات الفوتوشوب ، هي حكاية فساد موثقة بفيديو قام بتصويره شخص كان متواجداً لحظتها طاف بكاميرا هاتفه على جنبات السيارة وركّز على اللوحة الحكومية الصفراء برقمها الرُباعي المُميّز ، والسماسرة حولها يُفاوضون في الركاب ويحاولون إقناعهم في الركوب واغتنام فرصة السيارة الجاهزة ، وقد أخذوا كامل راحتهم في شحن السيارة الحكومية بالركاب للحصول على عمولتهم المُتفق عليها ، واطمئنانهم يدُل دلالة واضحة على أنّ الرحلة بالسيارات الحكومية لم تكُن الأولى ولن تكون الأخيرة (إن) لم تستيقظ السُلطات من ثباتها العميق وتتحرك الجهات الأمنية من سكونها لمُراقبة المال العام السائب حتى لا نُلدغ مرة أخرى من جُحر الفساد.
الفيديو وجرأة أصحابه دليل على هشاشة وغياب لقوانين رادعة ومن يتخذ العربة الحكومية وسيلة للتكسُب لا يُبالي في بيع أطرافها إن وجد من يشتري ولن يتوانى في بيع وقودها أو بيعها بكاملها إن وجد من يُغامِر بالشراء والتصرُف فيها ، وكم من عربة حكومية مفقودة لم تتوصل إليها الدولة حتى الأن وكم من عربة ما زالت في يد من لا علاقة لهم بالحكومة ومن انقطعت صلتهم بها ، ودونكم ما رشحت به الأخبار قبل شهور قلائل وفيها أنّ للمسؤول الكبير جداً في العهد السابق سيارة ما زالت في عهدته وجدوها تعمل (ليموزين) ، وصاحبكم سائق السيارة أعلاه لم يُكلِف نفسه حتى بإزاحة اللوحة الحكومية من مكانها.
كان الله في عونك يا بلد.
الجريدة

.زاهر بخيت الفكي