المغرب.. عودة “حذرة” للسياحة وسط رهان على الداخل
يعد المغرب مقصدا لملايين السياح في كل سنة ممن يزورون البلد المغاربي ويجلبون نصيبا مهما من العملة الصعبة وينعشون الاقتصاد، لكن وباء كورونا ألحق خسارة كبيرة بالقطاع، على غرار ما تكبدته وجهات السياحة في العالم برمته.
وتشير بيانات الاقتصاد في المغرب، إلى أن السياحة تساهم بما يقارب 10 في المئة من الناتج الداخلي للبلاد، وفي مارس الماضي، أغلقت المملكة حدودها مع الخارج، في إطار جهود كبح انتشار فيروس المستجد، وهو ما أحدث شللا كبيرا في القطاع.
لكن إعلان المغرب، يوم الأحد، عن تخفيف قيود التنقل والسماح بفتح عدد من مؤسسات الترفيه، عزز آمال الانتعاش، حتى وإن ظلت الحدود مغلقة أمام السياح الذين وصل عددهم إلى 13 مليون سائح، خلال العام الماضي.
ويستفيد المغرب من موقع جغرافي قريب وملائم جدا للسياح الأوروبيين الذين يشكلون أغلب الزوار، فضلا عن وجود شركات طيران منخفضة التكلفة بين المملكة وبلدان القارة العجوز، لكن الرهان في الوقت الحالي هو تشجيع السياحة الداخلية.
وفي وقت سابق من يونيو الجاري، كشفت وزيرة السياحة في المغرب، نادية فتاح، أن عدد السياح في البلاد تراجع بنسبة 45 في المئة، خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي.
ويختلف وقع الضرر الاقتصادي من مدينة إلى أخرى، وتعدُ الوجهات الشهيرة مثل مراكش، وسط البلاد، من بين الأكثر تأثرا، أما المدن الساحلية في شمالي وغربي البلاد، فتراهنُ بشكل أكبر على فصل الصيف وقدوم المصطافين.
في غضون ذلك، لن يقوم المغرب، في هذا العام، بتنظيم عملية “مرحبا” المعتادة في فصل الصيف لأجل استقبال أفراد الجالية المقيمين في الخارج.
وقال وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، في كلمة بالبرلمان، إن عملية “مرحبا” لن تتم لأن المغرب لم يحضر لها، كما أن الدول الأوروبية تواصل إغلاق الحدود.
وفي ظل تعذر قدوم السياح من الخارج، يراهن المغرب على حركة سياح الداخل، وكشف استطلاع للرأي صدر عن المكتب الوطني المغربي للسياحة أن 70 في المئة من المستجوبين يبدون رغبة للسفر داخل البلاد.
وشمل استطلاع الرأي عينة من 2800 شخص تتراوح أعمارهم بين 18 و75 سنة، وقال المستجوبون إنهم يريدون السفر لأجل الترويح عن أنفسهم بعد فترة الحجر الصحي العصيبة.
ودأب كثير من المغاربة على قصد سواحل إسبانيا لأجل قضاء عطلة الصيف، لكن هذا الخيار لن يكون مطروحا في العام الجاري، مما سيدفعهم على الأرجح إلى الاكتفاء بالسفر داخل بلادهم، لاسيما أن المغرب يزخر بوجهات وثقافات متنوعة، عند الانتقال من منطقة إلى أخرى.
وفي سنة 2019، كشفت أرقام سياحية، أن عدد السياح المغاربة في إسبانيا تجاوز عدد السياح الإسبان لأول مرة، بعدما قارب 900 ألف زائر، مستفيدين من القرب الجغرافي، لأن المسافة بحرا بين البلدين لا تتجاوز 14 كيلومترا.
ضربة كورونا
يرى سمير الحروف، وهو أحد موظفي قطاع السياحة في مدينة الصويرة، غربي المغرب، أن السياحة من أكثر قطاعات الاقتصاد تضررا من جراء فيروس كورونا المستجد، والسبب بحسب قوله، هو أن القطاعات الأخرى ستعود إلى سابق عهدها، بعد رفع الحجر بشكل تدريجي، “لكن قطاع السياحة لن يتعافى بشكل سريع وسيحتاج إلى مدة تصل إلى عامين أو ثلاثة أعوام”.
وأضاف الحروف الذي يكتب باستمرار عن وضع السياحة بالمغرب، في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية”، أن تضرر قطاع السياحة سيؤثر على اقتصاد البلاد بأكمله، نظرا إلى مساهمته في الناتج الداخلي الخام، فضلا عن الوظائف المباشرة أو غير المباشرة التي يساعد على إحداثها.
وحين سئل سمير حول قدرة شركات السياحة على تجاوز الأزمة الحالية، أوضح أن الأمر يتوقف على حجم المقاولات، لأن الشركات الكبرى تستطيع بشكل نسبي أن تحتوي الصدمة، لكن مؤسسات أخرى أصغر مثل بعض الفنادق والمطاعم والفنادق ستجد صعوبة أكبر.
رهان الداخل
أما تركيز المغرب على السياحة الداخلية فليس وليد أزمة كورونا، بحسب الحروف، لأن المملكة سارت في هذا التوجه منذ سنة 2010، وخصصت حيزا مهما من البرامج لسياح الداخل، وأعلنت عروضا ملائمة للزبون المغربي مثل المبادرة المعروفة بـ”محطات بلادي”.
وتركز “محطات بلادي” على أشكال الإيواء العائلية، حتى تشجع المغاربة على قصدها، وإلى حدود 2019 شكلت ليالي مبيت السياح المغاربة في الفنادق المصنفة ببلادهم ما يقارب ثلث إجمالي ليالي المبيت.
وتشير أرقام رسمية في المغرب، إلى أن عدد ليالي السياح المغاربة في الفنادق المصنفة ببلادهم، في سنة 2019، وصل إلى 7.8 مليون ليلة، من أصل 25 ليلة مبيت في المجموع.
وأضاف الحروف أن التركيز سينصب على سياح الداخل بشكل أكبر، خلال العام الجاري، نظرا لغياب السياح الأجانب واستمرار إغلاق الحدود مع الخارج من جراء انتشار كورونا، فيما جرى الإعلان عن استئناف الرحلات الجوية الداخلية.
وأشار إلى أن أغلب الفاعلين في القطاع بدؤوا يحضرون عروضا للزبائن المغاربة، لكن هذا الأمر لن يكون سهلا، لأن أغلب المغاربة ينتظرون خفضا للأسعار، “وهو أمر صعب في الوقت الحالي”.
وأردف أن المقاولات تجد نفسها في وضع صعب، خلال الوقت الحالي، لأنها مطالبة بتوفير معدات التعقيم والوقاية، كما أنها ملزمة بالاقتصار على نصف الطاقة الاستيعابية فقط، لأجل مراعاة مبدأ التباعد الاجتماعي “والتوفيق في هذه المعادلة ليست بالسهلة.
سكاي نيوز