بأمر (كورونا) وإغلاق (الخلاوي) .. (10,924) طفلاً يعودون إلى أحضان عائلاتهم
“مصائب قوم عند قوم فوائد “؛ بحذافيره انطبق ذلكم المثل على (10,924) طفلا تتراوح أعمارهم بين الخامسة والثامنة عشر عاما، حيث أفلح وباء كوفيد – 19 (مُفرّق الجماعات) في لمِّ شملهم بأُسرهم، بعد غيابٍ طال واستطال، بسبب التحاقهم بخلاوى تحفيظ القرآن الكريم بولاية الخرطوم التي أتى إليها معظمهم من أقاصي ولايات السودان خصوصا المتأثرة بالحرب (دارفور والنيل الأزرق )، فبعد توغُّل الجائحة في السودان منذ فبراير الماضي تداعت الجهات المختصة ممثلة في وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، المجلس القومي لرعاية الطفولة وجمعية إعلاميون من أجل الأطفال، بشراكة فاعلة مع عدد من المنظمات العاملة في مجال الطفولة وعلى رأسها (اليونسيف) و(السويدية)، وقد افلحت الجهود المبذولة من تلك الجهات في وضع خطة وطنية لإدماج هؤلاء الأطفال الذين يتعلّمون ويعيشون في الخلاوي، وبعد مجهودات مضنية توصّلت لمعرفة أماكن تواجد عائلاتهم للمِّ شملهم بها.
مصير مجهول
(ع.أ) أحد أولئك الأطفال الذين وصلوا إلى ولاية جنوب دارفور، لكنه في حاضرتها نيالا واجه مصيرا مجهولا بسبب طول الغياب ونسيان مكان إقامة أسرته، وبعد مجهودٍ كبير جدا بذله رئيس جمعية إعلاميون من أجل الأطفال بالولاية حسن حامد آدم، تمكّن من الحصول على رقم هاتف أحد أقرباء الطفل بالخرطوم، حيث أكد (ع.أ) أن والدته غادرت إلى الجماهيرية الليبية وأن والده كان أحد ضحايا الحرب اللعينة التي دارت رحاها لقرابة العقدين من الزمان، وأنه بالكاد يتذكّر رقم هاتف قريب له يقيم بالعاصمة الخرطوم والذي تم التواصل معه مباشرةً.. رئيس جمعية إعلاميون من أجل الأطفال بجنوب دارفور قال ل(السوداني): بعد أن قُمنا بواجبنا كاملا تجاه الطفل تم تسليمه إلى أهله بأحد الأحياء الشرقية لمدينة نيالا.
إجراءات وقائية
وقال مسؤول بمنظمة اليونيسيف – طالبا حجم اسمه لأنه غير مخوّل له التصريح للإعلام- إن إغلاق الخلاوي جاء نتيجة للاجراءات الاحترازية للوقاية من جائحة كورونا التى اتخذتها الحكومة وذلك للحد من انتشار فيروس كوفيد – 19 بين الاطفال فى الخلاوى، مؤكدا تكاتف جميع الشركاء من المهتمين بقضايا الطفولة وسرعة استجابتهم لإنقاذ أرواح آلاف أطفال الخلاوى بعد لتفشي تلكم الحائحة؛ وذلك من خلال توفير تدابير الحماية المناسبة للأطفال غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم.
مضيفا في حديثه ل(السوداني) انه قد تمّ جمع شمل 10،924 طفلاً من الذكور والاناث أعمارهم بين (5 – 18) عاما بعائلاتهم، منوها الى ان عدد قليل من الأطفال غير السودانيين يقيمون في رعاية بديلة إلى أن يتمكنوا من العودة إلى منازلهم. الجدير بالذكر أن تلك المنظمات قدمت دعما كبيرا للمجلس القومي لرعاية الطفولة من خلال توفير وسائل النقل لإيصال الأطفال إلى مختلف الولايات والمناطق.
إستغلال طفولة
المجلس القومي لرعاية الطفولة، من جهته قال على لسان عدد من مسؤوليه إن أعدادا لا يُستهان بها من الأطفال يضطرون للبقاء داخل هذه المنشآت دون تلقّي التعليم المتنوع. كما أن الاكتظاظ في الخلاوي له تأثير سالب جدا عليهم بحيث انه يجعلهم أكثر عُرضة للإهمال والاستغلال بكافة أنواعه، ليس ذلك فحسب بل إنهم يواجهون صنوفا من العنف دون أن يتوفر لهم الحد الأدنى من الدعم النفسي المناسب.
رحلة الثلاثمائة عام..!!
وتقدّر رئيس جمعية إعلاميون من أجل الأطفال بالخرطوم “أنعام محمد الطيب” الآليات المجتمعية لحماية الطفل بالسودان ب 800 آلية مُجتمعيّة، مشيرة إلى أن العمل في تأسيسها استمر لعدة سنوات وانتهى في العام المنصرم، وتشمل هذه الآليات أخصائيين اجتماعيين يعملون مع قياديّين في المجتمع لزيادة الوعي حول “اتفاقية حقوق الطفل” وما قد يواجه الأطفال من أذى في الخلاوي. منوّهة إلى أن الجمعية بالتعاون مع منظمة الطفولة السويدية لعبا دوراً بارزاً في تقديم الدعم للأطفال أثناء عملية نقلهم من الخلاوى بالخرطوم إلى ولايتهم.
وتؤكد أنعام أن المجلس القومي لرعاية الطفولة وجمعية إعلاميون من أجل الأطفال وعدد من الشركاء على رأسهم (اليونسيف) و(السويدية) يعكفون على وضع استراتيجيات إصلاح قانونية ووطنية تستطيع من خلالها الخلاوي العمل في إطار مؤسسي لكيما يستفيد الأطفال من هذه الصروح التعليمية بشكل منهجي يضمن عدم تعرّضهم للأذى بأي شكلٍ كان، لجهة أن هذا نظام تعليمي تليد توارثته الأجيال لقرابة ال 300 عام ما يستوجب إجراء إصلاحات كبيرة عليه.
صحيفة السوداني